فبالرغم من وعورة الطريق والأمطار الغزيرة والليل المظلم، وصل خدّام العتبة العبّاسية المقدّسة بإصرارهم وعزيمتهم المستمدّة من عزيمة سيّدهم العبّاس(عليه السلام) إلى ترعةٍ من ترع الحبّ والولاء الحسينيّ في أقصى البقاع، ليُدخِلوا الفرح والسرور على أهلها الموالين لأهل البيت(عليهم السلام) في مدينة (جهنكي شاه).
الاستقبال كان بمراسيم عفويّة؛ إذ احتشدت الجموع وانفجرت الدموع متشظّيةً حارقةً شغف الانتظار، تتلاطم الأكفُّ الحارّة يمنةً ويسرةً للتبرّك ولو بلمسة، ناثرين زهورهم على جادّة الطريق، حتى قطرات الغيث ألقت مع رذاذها تحيّات السماء وتعانقت مع الأجساد صادحةً بأفواه تخنقها العبرات، رأينا على امتداد الطريق خفقات القلوب تُبكي الكبير والصغير الرجل والمرأة، ويكتب الشوق آهاتِ اللقاء ويصرخ بأعلى صوته: بـ(لبّيك يا حسين.. لبّيك يا عبّاس).
نعم.. بهذه الحفاوة والترحيب استُقبِلَ وفدُ خدّام العبّاس(عليه السلام)، لينتقل الجميع إلى المسجد القريب لأداء صلاة العشاءين جماعةً بإمامة فضيلة الشيخ محمد جواد السلامي، لتبدأ بعدها مراسيم رفع راية حرم المولى أبي الفضل العبّاس(عليه السلام) في سماء هذه المدينة، التي كان جميع سكّانها من نسل الإمام الحسين(عليه السلام)؛ وسبقها الشيخ السلامي بكلمةٍ شاكراً لهم حفاوة الاستقبال الرائع، كما عرّف بالوفد وعن سبب الزيارة، موضّحاً فضائل التمسّك بولاية أهل البيت(عليهم السلام) والتمسّك بنهج الحسين(عليه السلام) الذي هو سفينةُ النجاة لهذه الأمّة، ناقلاً تحيّات وسلام وكيل المرجع السيستاني سماحة السيد أحمد الصافي، معاهداً لهم في حال عودته بأداء مراسيم زيارة مرقد الإمام الحسين وأخيه المولى أبي الفضل العبّاس(عليهما السلام) بالنيابة عنهم.
من جانبه تحدّث الحاج رياض نعمة السلمان رئيسُ قسم المواكب والشعائر الحسينيّة في العتبتين المقدّستين الحسينيّة والعبّاسية باستعراضٍ موجز عن دور العتبات المقدّسة في إرساء رسالتها الإنسانيّة والتواصليّة مع أتباع أهل البيت(عليهم السلام) في كلّ بقاع العالم.
ثمّ توجّه الجميع إلى حسينيّة قصر أبي طالب(رضوان الله عليه) لرفع راية حرم المولى أبي الفضل العبّاس(عليه السلام)، وسط تجمّعٍ كبير من أهالي المدينة حولها للتبرّك بها، ثمّ توزيع عددٍ كبير من الهدايا التبرّكية من صحن الكفيل (عليه السلام)، أعقبها وداعُ الوفد بالدموع والحزن متأمّلين أن لا تكون هذه الزيارة هي الأولى والأخيرة.
الجدير بالذّكر أنّ الهدف من زيارة وفد العتبة العبّاسية المقدّسة باكستان، هو لغرض التواصل مع أتباع مذهب أهل البيت(عليهم السلام)، ممّن يصعب وصولهم إلى العراق وزيارة العتبات المقدّسة.
المصدر: وكالة الحوزة