وجاء في مقال الصحيفة: "صباح الخامس والعشرين من فبراير استضافت طهران ضيفا من نوع خاص، غادر مطار مهر آباد بموكب مرافق صغير، لكنه قوي ومدرب، نحو مبنى في مركز العاصمة طهران".
وواصلت الصحيفة قائلة "سيارة سوداء وصلت حوالي الساعة التاسعة صباحا إلى مقر قائد الثورة في نهاية شارع فلسطين، ودخلت المبنى من دون الاستقبالات الرسمية المعتادة. الضيوف الذين كانوا قد دعوا قبل ساعة واحدة إلى غرفة الاستقبال في مقر القائد، كانوا يعرفون أن الجمهورية الإسلامية تستضيف أحد كبار قادة محور المقاومة، لكنهم لم يكونوا واثقين من اسمه، بعد لحظات نزل السيد بشار الأسد ومن ثم قائد فيلق القدس الشهير من السيارة.
غادر الأسد دمشق عبر طائرة إيرانية بشكل سري للغاية. لقد كانت زيارة الرئيس السوري على جدول الأعمال منذ فترة، لكنهم حافظوا بسرية شديدة على يوم الزيارة وساعتها، وربما لم يتجاوز من عرفوا متى سيزور الأسد طهران عدد أصابع اليد الواحدة، لماذا؟ ألم يكن بالإمكان الحفاظ على حياة الأسد أم أن هناك مشكلة أخرى؟
الأسد وخلال السنوات الثماني الماضية لم يغادر حتى دمشق إلا ما ندر، وسبب ذلك تهديد حياته بشكل مستمر من قبل التكفيريين الأجانب، وخاصة من قبل الكيان الصهيوني، كان هناك احتمال لأن تتعرض حياته للخطر أثناء السفر من قبل الكيان الصهيوني.
في الماضي، قتلت عدد من الشخصيات المعروفة من قبل الأعداء خلال طريقها إلى إيران، أهمهم محمد بن يحيى وزير الخارجية الجزائري الأسبق، الذي كان متجها إلى طهران للتوسط في بدايات الحرب مع العراق، لكن صدام أسقط طائرته عند النقطة الحدودية الإيرانية.
تسريب نبأ زيارة الأسد كان يمكن أن يدفع الصهاينة لتنفيذ مخططهم، وعلى الرغم من أن إيران اليوم قادرة على تأمين الأجواء حتى خارج حدودها الجغرافية، لكن كان هناك خطر كبير في هذا الصدد. الزيارة السرية للرئيس السوري إلى طهران تدل على مدى نجاح الجهاز العسكري الأمني، في الحفاظ على سرية الزيارة حتى إنجازها نهائيا.
بعد اللقاء الحميم والحار مع قائد الثورة، اتجه الأسد مباشرة نحو مكتب الرئيس حسن روحاني، الرئيس روحاني كان يعلم بالزيارة قبل موعدها بيوم واحد فقط وكانت دعوة وزير الخارجية محمد جواد ظريف من صلاحياته. مع ذلك إلا أن الرئيس روحاني فضل ألا يبلغ إلا قلة قليلة بالأمر حتى قبل ساعة واحدة من اللقاء، وهذا هو سبب عدم وضع العلم السوري أثناء اللقاء. وهذا ما حصل كذلك أثناء زيارة الأسد إلى روسيا ولقائه مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، لم يتم وضع العلم السوري لأن قسم التشريفات لم يكن على علم بالزيارة.
خرج مدير مكتب الرئيس الإيراني خارج مبنى الرئاسة، وكان بانتظار وصول ضيف خاص من بوابة غير متعارف عليها ليبلغ روحاني بوصوله، لم يكن يعلم من سيدخل المبنى سيرا على الأقدام، وبعد أن تم إبلاغ روحاني بوصول الأسد إلى ساحة المبنى، غادر روحاني غرفة عمله واتجه إلى الممر لاستقبال الأسد واحتضنا بعضيهما بحرارة. الوفد المرافق للأسد كان محدودا للغاية، ولم يكن لا وزير الخارجية السوري على علم بالزيارة ولا سفير سوريا في طهران. بالطبع لم يستقيل أي منهما بشكل عجول، ولم يهمشا هذا الحدث الكبير.
الأسد وبعد لقائه الثاني، وبعد نحو أربع ساعات من تواجده في طهران اتجه إلى المطار ومن ثم عاد إلى دمشق برفقة اللواء قاسم سليماني، وإلى حين وصوله إلى قصر الرئاسة في دمشق، بقي المصورون کالمحتجزين في مكان ما. وبعد أن وصلت رسالة قاسم سليماني (من دمشق)، تم الإعلان عن الزيارة بشكل محدود ومن ثم بشكل إعلامي واسع.
هذه الزيارة سجلت انتصارا استراتيجيا آخر لمحور المقاومة". انتهى كلام الصحيفة.