في لجة من الأحداث، وعصف من الحوادث، وفوضوية في الأحكام، وعمالة الحاكمين، حين تسيد الظلم في عراق الرافدين- عراق علي، ومثوى الحسين- حين كان البعث يعيث فساداً، واللقيط يسوس بلاداً.
حين لاحت في أفق الإصلاح بارقة أمل، حين فتحت خراسان بعصى روح الله، وتغير مؤشر بوصلة الدنيا، وفاح عبير من الكرامة، وعبق من الإنعتاق والتحرر، حين صفعت كف الإسلام المحمدي، وجه الإستكبار الأوروأمريكي، حين صدحت حناجر الحق” إسلامية إسلامية، لا شرقية ولا غربية” كانت ثورة الحق، وكان لهذه الثورة رجال، وكان الحكيم من خيرة رجالها وإبنها البار.
حين خرجت خفافيش الظلام، التي أبهـرهـا نـور الحق، بعدما كانت تأنس بظلمة الباطل، حين كان نور الحق أسطع من نور الشمس، خرجت هذه الخفافيش كي تئد تلكم الثورة في مهدها، وتخنق مبعث هذا الضياء.
دولة بلا حدود، وأمة بلا قيود، حقيقة غائبة، ومؤثر مشهود، تلك هي أمة شيعة محمد وعلي( صلوات الله وسلامه عليهما).. حقيقة لا يعيها إلا أهلها، ولا يستطيع أن ينكرها حتى ألد أعدائها، فإنهم عندما يحاربونها، إنما يثبتون أنهم يحاربون ماءً لا سراباً.
لذلك فقد كان لهذه الثورة بعداً أممياً، قد تخطى الحدود الزمكانية، وتجاوز الحواجز الهوياتية، فأصبحت الهوية الإسلامية سمة الثائرين من جهة، ودعوى المشككين من جهة أخرى، فكان العراق منطلقاً إسلامياً، للعدوان على دولة إسلامية أخرى.
كان للشرفاء من علماء الشيعة والسنة على حد سواء، والأحرار من طليعة وخيرة الشباب في العراق، وقفة مشرفة، وصيحة مدوية، بوجه الطاغوت الصدامي، بقيادة الشهيد السعيد السيد محمد باقر الصدر( قدس سره) وكان السيد محمد باقر الحكيم، سنده، وعضده المفدى.
نعم.. لقد كان السيد الشهيد محمد باقر الحكيم، إبناً باراَ لثورة، وعضداً مفدىً لثائر، وكان شمساً من الحقيقة، تُسقط بأشعة ضيائها، على زوايا العبث البعثي المظلمة، وخبايا اللهو الصدامي الخبيث.. وكان وجه العراق السافر، وصوت الشعب الصابر، في منفى البطولة والجهاد.
بعد أن إنتصرت الثورة الاسلامية في إيران، وتداعى سلطان البعث في العراق، وعاد كل شيء لمكانه الذي يجب أن يكون فيه؛ فقد أصبح مكان السيد محمد باقر الحكيم على أكتاف الشرفاء والأحرار، وفي حنايا القلوب، أما صدام التكريتي اللئيم؛ فكان مكانه جحر مظلم مهين.
حينها، كان يحدونا الأمل، وكانت أمنياتنا كبيرة جداً، وكان لدينا ركن وثيق، وقامة شامخة، كانت تعد بإنجاز كبير، وتبشر بخير كثير، كنا نمني النفس، بوطن تلونه طموحات السيد الحكيم، وتخط مساره، خطوات الجهاد، ومسيرة النضال، لكنهم أبوا إلى يبقى العراق أسيراً.
لقد كان الحكيم أملاً للجميع، وكان حلماً يراود الشرفاء، لقد كان الحكيم بكله، عراقاً لعراقِ بكله، وإنهم عندما قتلوه إنما قتلوا بقتله العراق.
بقلم: كاظم الخطيب