فقد ارتبط عمل اليوت ابرامز بالبيت الأبيض ارتباطا مباشرا وبتنسيق مع مستشار الأمن القومي بولتون في الفترة الأخيرة، أما المقال الثاني فقد كتبته بعد ستة أشهر من المقال الأول وخصصته للتساؤل: أين ابرامز؟ لماذا يبقى أمره بعيدا عن الأضواء
والأخبار وهو نائب وزير خارجية، وكان ذلك بعد تعيين رئيس السي آي ايه السابق وزيرا للخارجية، ورجحت في مقالي أن يكون اليوت منغمسا في مخطط جديد شبيه من مخططه الذي نشر الخراب والدمار والقتل في الشرق الأوسط ”التنظيمات الارهابية في العراق وسوريا ومصر وليبيا وحرب اليمن” ، ظهر اسم اليوت ابرامز الآن وبتزامن واضح مع أزمات اميركا اللاتينية الى حدود التدخل العسكري الأميركي المباشر.
سنحاول القاء الضوء على تاريخ ودور هذا الصهيوني الخطير في شتى المراحل ودوره في الشرق الأوسط، ودوره الآن وللمرحلة القادمة في اشعال الحروب والدمار في اميركا اللاتينية انطلاقا من البرازيل.
المهمة السرية للسيد اليوت ابرامز
نعيد للاذهان أن الرئيس دونالد ترامب عين بقرار في أول قراراته بعد دخوله البيت الأبيض اليوت ابرامز نائبا لوزير الخارجية، وجاء هذا التعيين دون العودة الى الكونغرس ودون تشاور مع وزير الخارجية، ودون تحديد لمهمة اليوت ابرامز كنائب لوزير الخارجية.
وبدا الأمر لي في تلك الأثناء أن ترامب يسدد فواتير لمن أوصله للبيت الأبيض، وبما ان اليوت ابرامز معروف لدي ولونه محدد وفاقع، فقد سجلت في حينها سؤالا كبيرا حول ما سيتابع اليوت ابرامز في وزارة الخارجية من مخططات صهيونية تخدم "اسرائيل"، فهو الذي خطط ضمن اطار لجنة تخطيط استراتيجية ”اميركية – اسرائيلية”، بالتعاون مع ريتشارد بيرل للمعارك الدموية والتدميرية التي جرت وتجري في العراق وسوريا ومصر وليبيا ولبنان واليمن، ذلك أن المخطط استند لنظرية ”أمن اسرائيل”، الذي لا يقوم الا اذا دمرت الدول الرافضة لاسرائيل في الشرق الأوسط، وتقسيمها الى دويلات طائفية وعرقية تبقيها ضعيفة ومتصارعة لتنعم "اسرائيل" بالهيمنة والاستقرار والأمن .
تخصص اليوت ابرامز بزرع الصراعات لتدمير المجتمعات التي تعادي "اسرائيل"، أو ترفض التعامل معها بسبب طبيعتها الاستعمارية الاستيطانية، واحتلال أراض فلسطينية وسورية ولبنانية، وبسبب تأييد هذه الدول لحقوق الشعب العربي الفلسطيني.
عمل مشترك ومال من وراء ظهر الكونغرس
سلم اليوت ابرامز ملف اميركا اللاتينية لتحقيق هدفين: الأول اعادة الصراع الى سابق عهده بين النهج الثوري والنهج التابع للولايات المتحدة، أي عودة لبداية الثورة الكوبية التي شقت عصا الطاعة للولايات المتحدة، ونجح فيها الثوريون باقامة نظام اشتراكي وعدالة اجتماعية بينما جمهوريات اميركا اللاتينية وحكوماتها تخضع لعمليات نهب واسعة من قبل الولايات المتحدة وشركاتها المستقلة، بالنسبة لدونالد ترامب كان الهدف اعادة هيمنة الولايات المتحدة على كامل اميركا اللاتينية سواء كان هذا بتفجير الصراعات، أو بتمويل عمليات التزوير الانتخابية على نطاق واسع سياسيا واعلاميا.
وبناء على الاتفاق المسبق ”أثناء الحملة الانتخابية”، فقد شكلت لجنة سرية تضم خبراء اميركيين واسرائيليين لرسم المخطط والأعداء لتنفيذه والاشراف على تنفيذه، وأعطى المخطط الأولوية في تفجير الصراعات لفنزويلا فيما وضع بشكل متواز مع التركيز على فنزويلا العمل في ميدان الانتخابات حسب موعدها في كل بلد من بلدان اميركا اللاتينية.
فكانت الأولى البرازيل: وحسب ترتيبات ابرامز فان صراعا لابد من تفجيره بعد استكمال تهريب السلاح، وتهريب المرتزقة في كل من نيكاراغوا وكوبا، وأعطيت لجنة ابرامز صلاحيات واسعة وزودت بأموال طائلة دون علم الخارجية ودون موافقة الكونغرس!!
وعندما شعر ترامب ان الاعداد قطع شوطا هاما قام باقالة وزير الدفاع ووزير الخارجية، وعين بومبيو رجل المخابرات وزيرا للخارجية، وسيعين من سيوافق على مخططه في اميركا اللاتينية وزيرا للدفاع، وذلك بعد أن عين بولتون العنصري الدموي مستشارا للأمن القومي.
الفريق الذي يعتمد عليه ترامب الآن، هو فريق مكون من مجموعة من ”المرضى”، الذين أصبحوا مع مرور الوقت مدمنين على القتل والصراع الدموي، والذين يعيشون بينهم وبين أنفسهم حالة نفسية مريضة هي حالة الشعور المتفوق والمتميز عن البشر الاخرين، وان لهم الحق بان يحكموا العالم به، أي عقدة ”النازي”، أو الاشكنازي اسرائيل.
لقد ظهرت هذه اللجنة أثناء حملة الانتخابات في البرازيل مائتا مليون دولار لدعم مرشحها ومرشح "اسرائيل" الذي فاز بالانتخابات، وستظهر الأيام كافة وسائل الخداع والغش والتزوير التي استخدمت في انتخابات البرازيل لانجاح مرشح اليوت ابرامز، أي مرشح "اسرائيل" الذي لم ينتظر تنصيبه ليعلن نقل سفارة البرازيل للقدس، بل فضح نفسه باعلانه ذلك قبل التنصيب وتحت تأثير كأس الانتصار.
وكان ترامب قد ألغى المعاهدة التي وقعها الرئيس اوباما مع كوبا، قائلا انه يريد أن يتفاوض لابرام صفقة مربحة للولايات المتحدة، ومنذ ذلك اليوم راح ابرامز يهرب الأسلحة ويرسل المرتزقة الى كوبا تمهيدا لحملة عمليات ارهابية تظهر أن كوبا لاتتمتع بالاستقرار، ويحاول ابرامز تشكيل حزب جديد (أو تجمع جديد)، في كوبا تحت عنوان الحريات والحقوق الانسانية وتصحيح المسار الاقتصادي، وكذلك الأمر في نيكاراغوا.
اليوت ابرامز صهيوني عتيق ومدان بالكذب أمام لجان الكونغرس ”لكنه لم يحاسب بفعل نفوذ الصهاينة“، وهو عنصري ويعتبر العرب أعداء لكنه لم يمانع في مهماته الجديدة أن يتم تمويل مخططه في اميركا اللاتينية بأموال سعودية – خليجية، فقد اعتبر أن عمله سوف يعتمد على الخبراء المرتزقة من "اسرائيل" والخبراء الموفدين من المخابرات الاسرائيلية والجيش الاسرائيلي، وسيمول هذا المخطط بمال النفط العربي.
من هنا جاء تصريح بومبيو ”زلة لسان”، الذي قال فيه: "جاء الآن دور اسرائيل لنرى ماذا ستفعل في فنزويلا"، قال ذلك باعجاب الرجل المتأكد من حصانه في السباق فاستخدام "اسرائيل" في اميركا اللاتينية، هو رهان رابح للولايات المتحدة، وبقيادة اليوت سنرى ولادة داعش اللاتينية.
* بسام ابو شريف/ سياسي وكاتب فلسطيني
راي اليوم