حيث لا ضرورة لمثل هذه الزيارة إلا لبلورة قرارات مفصلية، فالتشاور لا ينقطع على مدار الساعة دون إعلام وإعلان، وحاضر بالزيارات المتبادلة لكبار المسؤولين التي لا تنقطع بصورة أسبوعية تقريباً، ما يعني أنّ التوازنات والمعادلات المحيطة بالمنطقة، خصوصاً بما تشهده سورية وصلت لمرحلة مفصلية تستدعي قرارات على مستوى يستدعي لقاء قمّة يجمع الإمام علي الخامنئي بالرئيس بشار الأسد.
– تتجمّع عناصر مشهد استراتيجي بعناوين متعدّدة تستدعي رؤيتها من منظار القيادتين الإيرانية والسورية في لحظة نضوج الانتقال من مرحلة في التعاطي مع مفردات الحرب في سورية إلى مرحلة أخرى. فاللقاء يأتي عشية قرارات تتصل بالمفاوضات الإيرانية الأوروبية التي يبدو أنها لم تحقق لإيران ما تنتظره على مستوى يكفل بقاءها في التزامها بالتفاهم النووي، وما قد يرتّبه ذلك من تصعيد كبير تشهده المنطقة بإعلان إيراني قد يصل حدّ الخروج من التفاهم والعودة إلى التخصيب المرتفع لليورانيوم، وربما تكون استقالة وزير الخارجية الإيرانية محمد جواد ظريف هي أولى مفردات هذا التصعيد، كما أنّ الزيارة تأتي بعد استنفاد المهل الممنوحة للرئيس التركي رجب أردوغان لحسم وضع إدلب وتفادي الحسم العسكري، والحاجة لقرارات بحجم إطلاق الإشارة للبدء بالعملية العسكرية المؤجّلة في إدلب، وتتزامن الزيارة مع المراوغة الأميركية بصدد قرار الانسحاب من سورية ومحاولة جعل شرق سورية ساحة للتلاعب بمفردات تتصل جوهرياً بوحدة وسيادة سورية كملف الجماعات الكردية والوجود الأميركي في التنف، ومصير وحدات داعش التي يُديرها الأميركي ويدير حرب الجماعات الكردية عليها في آن واحد، كما أن الزيارة تستبق زيارة رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو إلى موسكو، طلباً للمزيد من هوامش الحركة العسكرية العدوانية ضدّ سورية وقوى المقاومة وإيران، ما يستدعي رسالة سورية إيرانيّة قوية توضع على طاولة الرئيس الروسي يستقوي بها في مفاوضاته مع نتنياهو، مضمونها أنّ على «إسرائيل» أن تتحمّل نتائج اللعب بالنار إذا واصلت غاراتها على سورية، وأن قرار الردّ السوري الإيراني متخذ، وتحدّيه سيشعل المنطقة.
– لم يخاطب الإمام الخامنئي الرئيس الأسد بوصفه كبطل للعالم العربي ليكرّمه فقط، وهو بالفعل قائد بطل يستحقّ التكريم، بل الكلام أيضاً رسالة سياسية، مضمونها أن زمن المواجهات في ذروته، وأن قادة محور المقاومة أبطال هذه المواجهات، ولو كانت المرحلة للعمل السياسي لكان تكريم الإمام الخامنئي للرئيس الأسد قد ركّز على حكمته وانفتاحه وإيمانه بلغة الحوار. وهذه صفات أظهرت الحرب كم يتمتع بها الرئيس الأسد بمقدار ما يتمتع بالشجاعة والبطولة اللتين أختار الإمام الخامنئي تظهيرهما في مخاطبة الرئيس الأسد أمام الإعلام.
– المنطقة تدخل مرحلة جديدة، لا يمكن قراءة التصعيد البريطاني بوجه حزب الله، رغم كونه مجرد رسالة إعلامية، إلا كإعلان عن طبيعة التجاذب الحاد الجاري عشية تحوّلات كبرى، حيث تقع أوروبا بين رغبتها بالتمايز عن السياسات الأميركية والعجز عن ممارسة سياسة مستقلة، وحيث تركيا تلعب على الربع الأخير من الساعة كما فعلت عشية معارك حلب، وحيث «إسرائيل» تراهن على حافة الهاوية بعدما فقدت قدرة الردع.
– سيقرأ الجميع، خصوصاً الأميركي والإسرائيلي معنى أن يكون الجنرال قاسم سليماني الشريك الثالث للإمام الخامنئي وبطل العالم العربي الرئيس بشار الأسد.
ناصر قنديل_البناء