من يفهم في لغة الجسد يرى أن الاستقبال الحار والأحضان والابتسامات التي تبادلها الرئيس الاسد والقائد الخامنئي توحي بالكثير من الود ومتانة العلاقات بين البلدين والرجلين تحديداً، فقد تم التأكيد بأكثر من مفصل خلال اللقاء على أن صمود دمشق مرتبط بصمود طهران، وأن البلدان تتعرضان لنفس الحرب ولكن بصور مختلفة وأن العدو واحد، وصمود الشعب واحد أيضاً. خصوصا وان العلاقات بين البلدين عمرها اربعة عقود، وطهران ودمشق تبادلا الدعم العسكري والسياسي والامني عندما تعرضت الاولى للعدوان والثانية الان ايضا.
قائد الثورة في إيران، أكد أن المنطقة العازلة التي تبحث الولايات المتحدة عن إنشائها في سوريا هي مؤامرة خطيرة يجب رفضها بحزم ومواجهتها. ليكون هذا الملف على رأس أولويات اللقاء بين الجانبين، خصوصاً وأنه جاء بعد يوم واحد من تصريحات وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، الذي أكد أن موسكو مستعدة للمشاركة في المنطقة العازلة التي تريد تركيا إنشاءها، والأخيرة تنسق مع واشنطن لإيجادها، أي أن المنطقة واحدة وهي شرق الفرات، وبالتالي موقف دمشق وطهران التقى بنقطة رفض هذه المنطقة بالمطلق حتى وإن وصل الأمر للاشتباك، لأن مواجهة المؤامرات لا تكون سياسية أبداً.
حضور قاسم سليماني للقاء كان لافتاً لكنه سهل علينا استشراق الملف الثاني الذي تم بحثه، وهو المواجهة مع الاحتلال الاسرائيلي. وفي هذه النقطة تحديداً نرى أن الرئيس الأسد أكد أن العلاقات بين البلدين كانت العامل الرئيسي في صمود سورية وإيران، أي أنه تم ربط البلدين معاً بنفس المصير سواء بالسلم أو بالحرب. وبالتالي بحث قضية الانسحاب الايراني من سورية لمّا يحن وقته بعد، خصوصاً بعد التأكيد على مواجهة المنطقة العازلة. بالإضافة إلى تأكيد قائد الثورة الإسلامية في إيران على الاستمرار في وقوف طهران إلى جانب دمشق حتى استعادة عافيتها الكاملة والقضاء على الإرهاب بشكل نهائي، حيث أن طهران ودمشق هما العمق الاستراتيجي لبعضهما البعض.
الزيارة بين الدول تنقسم الى ثلاثة أنواع، زيارة دولة وزيارة عمل وزيارة خاصة، وبما أن هذا اللقاء كان زيارة عمل، فمن مهامها بحث الملفات السياسية والعسكرية والاقتصادية بين الدول، وسورية بعد أن انتصرت في معركتها على الإرهاب بدأت تواجه عدة حروب من نوع آخر على رأسها الحصار لإرضاخ سوريا للقبول بدخول الدول المعادية من أجل إعادة الإعمار، لكن مع إصرار دمشق على رفض دخول الدول المعادية والمشاركة في الحرب عليها، اشتد الحصار أكثر على سورية خصوصاً في هذا العام، وبالتالي هذه الزيارة مهمة جدا لتنسيق الجهود بين البلدين خصوصا في قضية إعادة الإعمار التي هي عنوان المرحلة الجديدة في سوريا.
هذه الزيارة هي نقطة مفصلية على علاقات سورية مع حلفائها وأنها لا تميل لطرف دون آخر، بالإضافة إلى أن الزيارة تؤكد أن الرئيس الأسد يتابع أدق التفاصيل الأمنية والعسكرية وأن دمشق خرجت من مرحلة الضيق، وقد نرى في الأشهر القادمة زيارات عمل أخرى يقوم بها الرئيس الأسد إلى حلفائه في المنطقة مثل الصين وكوريا الشمالية، وقد نرى زيارة رسمية له إلى مصر أو عمان، وتكاد تكون زيارته الى العراق توضع النقاط الأخيرة لها.
*ابراهيم شير ... كاتب واعلامي سوري