منذ عام 2009، قاد الدبلوماسي المخضرم، المُلقّب بـ«مهندس العلاقات مع الخليج»، بروس كشدان، تحركات لتعزيز الأواصر مع البحرين. وكان أبرز لقاء رتّبه في ذلك العام في نيويورك، بين الرئيس الإسرائيلي السابق شمعون بيريز، وحاكم البحرين حمد بن عيسى آل خليفة، وفق ما كشفت عنه قبل أيام وزيرة خارجية الكيان السابقة تسيبي لفني عبر «القناة 13» العبرية، التي أشارت إلى أن اندلاع ثورة 14 فبراير أقنع أسرة آل خليفة بضرورة تكثيف العمل مع الكيان، والاستفادة من خبراته الأمنية في مواجهة المقاومة الشعبية على الأراضي الفلسطينية.
هذا التعاون لطاما اتخذ من شعار «التقريب بين الأديان» ستاراً له، مثلما يتضح من تصريحات الحاخام الأميركي - اليهودي مايك شناير، الذي يؤكد ارتباطه الوثيق بملك البحرين منذ 2011، حيث التقى به لأول مرة في قصره، لتعقب ذلك لقاءات عديدة رتّبها شناير نفسه. وينقل الأخير عن حمد بن عيسى عبارات كثيرة منها: «إن الشرط الأوحد لضمان بقاء الصوت العربي قوياً ومعتدلاً في (الخليج الفارسي) يتمثل في أن تبقى "إسرائيل" قوية». ويصف شناير، الملك البحريني، بأنه «مثابر على تأكيد رغبته في بناء علاقة مع "إسرائيل"، وإذا كانت ثمة دولة قام زعيمها ببناء قاعدة أساسية لتطوير العلاقات مع "إسرائيل" فهي البحرين»، مضيفاً أنه «توجد ستة خيول في السباق: السعودية، الإمارات، البحرين، قطر، الكويت وعُمان، وإذا تعين عليّ أن أراهن على الحصان الذي سيصل أولاً إلى خط النهاية للعلاقات الدبلوماسية، فإنني أختار الحصان البحريني».
تستخدم السلطات برامج وتقنيات إسرائيلية للتجسّس على النشطاء
سريعاً، تبوّأ شناير منصب مستشارٍ لحمد بن عيسى، وكُلِّف مهمة تعزيز علاقات المملكة باليهود في الولايات المتحدة، والتمهيد لزيارة مرتقبة لرئيس وزراء الكيان، بنيامين نتنياهو، للمنامة بعد مسقط. ووفقاً لما كشفته «القناة 13»، أبلغت المنامة تل أبيب منذ أكثر من عامين باهتمام حاكم البحرين بتطبيع العلاقات مع الكيان الصهيوني، وقراره التحرك في هذا الاتجاه. وقد أوصل الرسالة وزير خارجية البحرين خالد بن أحمد آل خليفة، إلى رئيس وزراء الكيان، عبر الوزيرة السابقة ليفني، في اجتماع سري على هامش مؤتمر ميونيخ للأمن في عام 2017.
وكان سفير واشنطن السابق في المنامة، وليام مونرو، قد كشف أنه التقى ملك البحرين في 15 شباط/ فبراير 2005، ناقلاً عن حمد بن عيسى تفاخره بوجود تعاون أمني مع «الموساد»، وكشفه النقاب عن إصداره أوامر لوزير الإعلام آنذاك، محمد عبد الغفار، بالكفّ عن تسمية كيان الاحتلال في البيانات الرسمية للبحرين بـ«العدو» أو «الكيان الصهيوني»، وفق ما جاء في وثائق «ويكيليكس»، التي تحدثت كذلك عن علاقات سرية بين ملك البحرين ورئيس «الموساد»، مميطة اللثام عن استعانة السلطات البحرينية بالأخير لإخماد ثورة 14 فبراير.
استعانة لا تزال تسلك خطاً تصاعدياً؛ إذ تستخدم السلطات برامج وتقنيات إسرائيلية للتجسّس على النشطاء، مقابل ملايين الدولارات التي تدفعها لكيان الاحتلال. وقد نشرت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية، في تشرين الأول/ أكتوبر 2018، تحقيقاً كشفت فيه شراء البحرين تقنيات تجسّس متخصصة في جمع معلومات من شبكات التواصل الاجتماعي، من إنتاج شركة «فيرنيت» الإسرائيلية. وكشفت أن الإسرائيليين يذهبون إلى البحرين من أجل تدريب رجال الأمن على استخدام تقنيات التجسس التي اشترتها حكومتهم من إسرائيل، أو لصيانة تلك الأجهزة، مشيرة إلى أن البحرين احتلّت المركز الأول في قائمة من عشرات الدول التي تشتري أجهزة التنصّت والتجسّس من الكيان، فيما رصد «مختبر المواطن – سيتزن لاب»، التابع لجامعة تورنتو الكندية، نشاطاً لبرنامج «بيغاسوس» الإسرائيلي لمدة فاقت العامين، مؤكداً استخدام الحكومة البحرينية هذا البرنامج من خلال مشغّل اسمه «Pearl».
* إعلامي بحريني