ووفق الوثائق التي نشرتها "BBC"، اليوم الأحد، رفضت لندن مساعدة الولايات المتحدة في دعم نظام صدام حسين لهزيمة إيران في ثمانينيات القرن الماضي، وسط تلكؤ دول الخليج الفارسي حينها خشية أن تقدم طهران على إغلاق مضيق هرمز.
وقالت: إن "الأمريكيين لم يكونوا يثقون في قدرة نظام صدام حسين على هزيمة إيران رغم امتلاكه الأسلحة الكافية".
وكشف تقرير للخارجية البريطانية، مباحثات أمريكية — بريطانية جرت في 19 و20 من شهر مارس/ آذار عام 1986 في واشنطن بشأن الحرب العراقية الإيرانية، وبدا خلالها واضحا للبريطانيين، أن الأمريكيين يخططون للتدخل بطرق منها استخدام القوة العسكرية لمنع انتصار إيران.
كما كشف التقرير، عن "إحباط لدى الأمريكيين من الافتقاد إلى استجابة دول الخليج ( الفارسي) لاستعداد أمريكا للتعاون في فعل المزيد من أجل الدفاع عنهم، في ضوء التوابع المحتملة لانتصار إيران".
ويقول التقرير: "بدا الأمريكيون محبطين من اتصالاتهم مع الدول الخليجية، فموقفهم لا يزال هو الإبقاء على مضيق هرمز مفتوحا".
غير أنه أشار إلى أن الأمريكيين "أبلغوا دول مجلس التعاون بأنهم لو أرادوا المزيد، فسيتوجب عليهم أن يؤدوا دورهم بتقديم قواعد في الموانئ، والموافقة على مناورات مشتركة وتخطيط مشترك للطوارئ، لتدخل عسكري أمريكي محتمل".
لكن الوثيقة البريطانية نقلت عن الأمريكيين قولهم: إنه "رغم أنهم (الخليجيين) أكثر قلقا بشكل واضح الآن من ذي قبل، فإن دول مجلس التعاون لم تستجب".
وتحدث تقرير آخر لإدارة الشرق الأوسط في الخارجية البريطانية، عن أن تقدير الأمريكيين للموقف العسكري بين إيران والعراق ظل متشائما للغاية. وأوجز التقرير، الذي كتب بعد زيارة وفد بريطاني لواشنطن، المخاوف الأمريكية في أن القدرة الجوية العراقية غير فعالة رغم أنها نظريا متفوقة على القدرة الإيرانية، وعدم الفعالية هذا ربما هو نتيجة لعدم استعداد صدام حسين الشخصي لشن هجمات شاملة وفعالة.
وأشار التقرير إلى "القصف العراقي على المواقع الإيرانية في منطقة "الفاو" كان أيضا غير فعال، فالمواقع الإيرانية قد حفرت بشكل جيد"، بالإضافة إلى حشد القوات بالقرب من هور الحويزة (العراقي المحاذي لإيران)، زاد المخاوف من هجوم إيراني كبير في الشهور القليلة المقبلة.
وأكدت هذه الزيارة، بجدية القلق الأمريكي من احتمال انتصار إيران، لذا سعت واشنطن إلى إقناع الحليف البريطاني بالانخراط في خطة طارئة لتدخل عسكري محتمل يمنع مثل هذا الانتصار. غير أن بريطانيا لم تغير موقفها، واعتبرت أنه رغم الحرص على العلاقات الاستراتيجية مع واشنطن، فإن مثل هذا الانخراط سيكون ضد مصالحها في المنطقة.
وقالت الوثائق، إن الاستراتيجية الأمريكية سعت إلى "زيادة التكلفة الاقتصادية التي يتكبدها الإيرانيون من شن هذه الحرب"، فيما قال وزير الخارجية البريطاني جيفري هاو: إنه "بعد مساعيهم المتعثرة لوقف تدفق الأسلحة على إيران، تركز الولايات المتحدة الآن (1986) على الحد من توسيع نطاق التسهيلات الائتمانية لإيران"، والتي تساعد الإيرانيين في الاستيراد من الخارج.
وأجرى الأمريكيون، كما تكشف الوثائق، اتصالات مع كل الحكومات الأوروبية الغربية تقريبا، واليابان وسنغافورة وتركيا بهذا الشأن. ولما أُثير موضوع الضغط الاقتصادي على إيران، أبغلت الخارجية البريطانية، الأمريكيين بأن "سياستنا هي الحياد"، ومبررها هو أن وجود إيران في المنطقة وسلوكياتها السياسية هي حقائق ينبغي التعامل معها.
وبالنسبة للسعودية، رأى البريطانيون أنها "مهمومة بهيبتها، لكن الآخرين يرون أن هناك حاجة للتوصل إلى تسوية مؤقتة مع إيران".