كانت ذات يوم قناصة ضمن وحدات حماية المرأة، وكانت خلال معارك كوباني على مسافة أمتار قليلة فقط من مسلحي داعش، أما اليوم وقد مر نحو أربع سنوات على تلك المعارك، لا تشعر "جوانا بالاني" بالأمان حتى في الدانمارك، ولا تخرج إلا وهي ترتدي صدرية مضادة للرصاص، وتتعامل معها الحكومة الدنماركية مثل مسلحي داعش العائدين إلى البلاد.
وقالت بالاني لجريدة تايمز البريطانية إنها حصلت على شقة في أحد أحياء العاصمة الدانماركية كوبنهاغن، مبينة "يوجد في المبنى الكثير من المتشددين، وهم يكرهونني ويعرفون ملامحي"، ولهذا فإنها مضطرة للخروج وهي ترتدي صدرية مضادة للرصاص.
لكن بالاني ليست قلقة بسبب سكان الحي وحدهم، بل إن الحكومة الدانماركية أيضاً تقوم بمضايقتها، فقبل أن تتحدث إلى تايمز بأسبوع، داهمت القوات الأمنية شقتها وفتشت فيها عن أسلحة، وفي نهاية التفتيش صادروا النسخة الوحيدة من كتاب ذكرياتها الموسوم "مقاتلو الحرية"، وتقول بالاني إنهم "ظنوا أن الكتاب دليل ووسيلة لكسب المسلحين".
بعد أعياد الميلاد، تنتظر جوانا بالاني عقوبة السجن تسعة أشهر في وحدة خاصة بالدواعش، وتهمة هذه الفتاة الكوردية هي انتهاك القانون والسفر إلى الشرق الأوسط للقتال ضد داعش.
وقالت بالاني غاضبة "كيف تراني أشعر عندما تقول لي قاضية في أربع جلسات محاكمة، أنت تمثلين تهديداً، لم يشكروني أبداً على قتال المتشددين على مدى سبع سنوات".
جوانا بالاني، التي ولدت في مخيم للاجئين الكورد ، بالقرب من مدينة الرمادي غربي العراق، كانت تعتبر نفسها ثائرة تناضل في سبيل حرية كوردستان والمرأة، وكانت لها في نفس الوقت مشاكل مع المجتمع الدانماركي ومع عائلتها. عندما كانت في الثامنة عشرة، وبعد أن اجتاحت أحداث "الربيع العربي" منطقة الشرق الأوسط، توجهت هي إلى سوريا وانضمت إلى قوات حماية المرأة، وإلى جانب التدريب العسكري، تلقت هناك دروساً "توعوية" كانت توصي بأنه لا ينبغي أن تضع المرأة المكياج وعليها أن تنسى مفاهيم الحركات النسوية الغربية.
لكن هجوم داعش على سنجار، جعلها تعود ثانية، لتبرز بعد ذلك كقناصة في معركة كوباني، وتقول "لم أكن أتوقع الخروج من معركة كوباني حية، كنت الناجية الوحيدة من بين مقاتلات وحدتي".
بعد تلك المعركة، عادت بالاني إلى كوبنهاغن مرة أخرى، وتحدثت عن المعركة خلال مقابلة تلفزيونية، الأمر الذي أغضب عائلتها، وكان والدها قد أبلغ عنها الشرطة عند عودتها الأولى أيضاً.
وعادت بالاني إلى سوريا مرة أخرى عندما كانت في الثانية والعشرين، وهذه المرة كانت تقوم بتدريب المقاتلات، ومن بينهن الإيزديات. لكن وحدات حماية المرأة طلبت حينها من الفتاة الكوردية تكريس كل حياتها للقضية، فرفضت بالاني ذلك واتجهت إلى قوات البيشمركة.
تبلغ جوانا بالاني 25 عاماً الآن، وهي تقبع منذ أكثر من ستة أسابيع في السجون الدانماركية، ومازالت تعيش أجواء الحرب "أحن إلى ميادين القتال، الجزء المقاتل مني يريد أن أكون هناك دائماً"، وهي حزينة على حرمانها من المشاركة في معركة تحرير الرقة، وتحلم بتشكيل جيش عالمي للنساء.