من جهة أخرى، فأن الانتماءات اللاارادية والتي لم يختارها الانسان، لا تشكل ميزانا في حساب التفاضل الرباني الذي يستند بالاساس الى سلامة العقيدة والعمل الصالح.
في القران الكريم نقرا قوله تعالى في سورة الحجرات الآية 13.. بسم الله الرحمن الرحيم (( يا ايها الناس انا خلقناكم من ذكر وانثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا ان اكرمكم عند الله اتقاكم))... وورد في الحديث عن رسول الله صلى الله عليه واله،انه قال: ((لا فضل لعربي على اعجمي الا بالتقوى)) .. وهناك عشرات الآيات والروايات التي تشير الى هذا المعنى.
اضافة الى ذلك هناك غموض وابهام في اساس مفهوم القومية، لانه:
أولا - يذهب كثير من المفكرين وعلماء الاجتماع والانثروبولوجيا الى ان القومية مفهوم اللغوي وليست مفهوما عرقيا، اي ان من يتكلمون لغة واحدة يشكلون قومية واحدة اي كان اعراقهم والوانهم..
ثانيا - من الصعب اليوم ان تجد عرقا نقيا غير مختلط بالاعراق الاخرى، خاصة في شرقنا الاسلامي، حيث التداخل القومي وصل الى ان أكثر العرب اليوم - على سبيل المثال - ليسوا من العرب العاربة، بل هم من المستعربة.. فالعاربة الاقحاح هم اليمنيون الذين يبيدهم بالاسلحة المحرمة دوليا ادعياء العروبة اليوم، وان تداخل مع هؤلاء اجناس اخرى من عمان وزنجبار وايران خاصة.
وهذا الوصف يصدق على الأمة التركية والإيرانية والكردية وغيرها.. ناهيك عن الأمم التي تشكلت بعد قيام الدولة او السلطة، مثل أميركا وكندا واستراليا والامارات والكويت وغيرها من الدول المتشكلة حديثا.
يقال ان دولة خليجية قبل سنوات ارادت ان تحدد عرق مواطنيها بواسطة تقنية DNA لكنها اوقفت المشروع بعد فترة وجيزة، لان قبائلها العربية المعروفة ظهرت انها زنجبارية وبلوشية ولارية ويمنية... ولم يكن بينهم ناس ينتمون الى اسمها وجغرافيتها الحديثة!!
تصوروا في ايران اليوم التي لا يفتأ الاعلام الطائفي بوصفها بالفارسية والمجوسية، هناك نحو 8 ملايين نسمة يعود نسبهم الى رسول الله (ص) اي انهم بالتقسيم القومي عرب، ومنهم بالمناسبة السادة الحسنيين الذين ينتشرون في المناطق الكردية!!!
ناهيك عن عشرات الأسر والقبائل العربية التي هاجرت او هجرت الى إيران...
وفيما يعمل الغرب والبلدان الرأسمالية على التوحد تحت مسميات مناطقية ومعاهدات اقتصادية وائتلافات عسكرية، فانه نفاقا وخبثا يدعم جميع النزعات الانفصالية لدينا، سواء تحت غطاء الاقليات الدينية او العرقية او المذهبية.
هذه المشكلة خلقها ويدعمها الغرب بالتاكيد، وضمن سياسته الشهيرة (فرق تسد)، وهي نتاج حقبة الاستعمار الغربي بلداننا، لكننا ايضا غذيناها من أجل مصالحنا الضيقة حينا، ولجهلنا وعمالة بعضنا أحيانا أخرى..
اما الحقيقة الثابتة التي لا غبار عليها.. فهي ان تتذكروا دائما قوله صلى الله عليه واله (كلكم لآدم وآدم من تراب...).
بقلم: علاء الرضائي