ونقدم لكم هنا خمس تكنولوجيات وابتكارات طبية حديثة قد تكون أداة الأطباء الجديدة للحد من الآثار السلبية لتراجع قوة البصر والإصابة بالعمى.
1- بطانة القرنية
معظم الأشخاص المتقدمين في السن تعرضوا بشكل أو بآخر إلى مشاكل متعلقة بالبصر، حيث تصبح عدسة العين جافة وقاسية بعض الشيء، مما يجعل التركيز على الأجسام القريبة أمرا صعبا للغاية.
((على مدى قرون مضت، اقتصر علاج هذا العضو المسؤول عن التركيز على الأجسام القريبة والبعيدة، على النظارات والعدسات التصحيحية الأخرى، التي لم تفعل ما لم تعد القرنية قادرة على فعله. وفي الوقت الحالي، تقدم الابتكارات الأخيرة حلولا جراحية لعلاج هذه المشكلة.))
وفي مراحل هذا العلاج، يُستخدم الليزر لإحداث شق صغير في العين حتى يتسنى للأطباء إدخال بطانة بحجم ممحاة قلم الرصاص في قرنية العين لمساعدتها على تركيز الضوء الذي تستقبله العين. وتساهم هذه الطريقة الجديدة في معالجة المشاكل الصحية المقترنة بقصر النظر. وهذا وفقا للمقال الذي نُشر على موقع "إنترستنغ إنجينيرينغ" للمبرمج الحاسوبي والكاتب جون لويفلر.
2- عدسات ألماسية متناهية الصغر لمعالجة الزَّرَق (الغلوكوما)
الزَّرَق يعتبر أحد أكثر الأمراض المؤدية للعمى شيوعا. ولطالما كانت الأدوية المخصصة لعلاج هذا المرض الذي يعرف أيضا باسم "المياه الزرقاء"، تنطوي على آثار جانبية سيئة، وهو ما جعل التزام المرضى بتناول الجرعات المحددة منها أمرا صعبا للغاية.
ويمكن للعدسات الجديدة جعل التزود بالدواء عمليا وبسيطا للغاية، وذلك عن طريق تضمين دواء "التيمولول" بالعدسات الألماسية التي يتم وضعها في العدسات اللاصقة، وهو ما يسهل ضخ الدواء بصفة تلقائية في العين. وعندما تتفاعل دموع الإنسان مع ألماس متناهي الصغر، يتم إطلاق دواء "التيمولول" مع الوقت والتحكم في أعراض المرض.
واتباع هذه الطريقة العلاجية يحدّ من الآثار الجانبية التي تنفر المرضى من استخدام قطرات أعين "التيمولول" ومنع الضرر طويل المدى.
تجدر الإشارة إلى أن الغلوكوما تسبب ضررا للعصب البصري، الذي من شأنه أن يؤدي إلى فقدان البصر بشكل تدريجي.
3- إعادة توظيف أدوية نقص المناعة المكتسبة لعلاج التنكس البقعي
التنكس البقعي هو أحد الأسباب الرئيسية للإصابة بالعمى المرتبط بالتقدم في السن، علاوة على كونه غير قابل للعلاج بنسبة 90% لدى جميع المرضى المصابين به. واعتمادا على مدى توغل الأوعية الدموية في الشبكية، يكون التنكس البقعي إما جافا وإما رطبا. وفي حين يبدو النوع الرطب قابلا للعلاج، من الواضح أن علاج التنكس البقعي الجاف لم يوجد بعد.
ولكن هناك دراسة جديدة ستمنح أملا جديدا للمصابين بالتنكس البقعي الجاف، حيث توصلت إلى أن الجزيء الجيني الذي يتسبب في حدوث هذا المرض (الحمض النووي الريبوزي) يتشارك العديد من الخصائص مع إنزيم النسخ العكسي، على غرار فيروس نقص المناعة المكتسب (الإيدز).
((وبناء على هذا الاكتشاف، توصل العلماء إلى استنتاج مفاده أن الأدوية المضادة لفيروس الإيدز يمكن استغلالها وتسخيرها لعلاج مرض التنكس البقعي الجاف. وتمنح هذه الأدوية الأمل للعديد من الأشخاص الذين لطالما كانوا يظنون أنه لا خيار لديهم سوى انتظار فقدان بصرهم المحتم.))
4- العلاج الجيني للأمراض الوراثية التي تصيب العين
عند التعامل مع أعضاء شديدة الحساسية مثل العين، يمكن للطفرات الجينية التسبب في أمراض واضطرابات مدمرة للصحة. ولعل إحدى أبرز هذه الحالات تتمثل في ضمور الشبكية المرتبط بطفرة وراثية في جين آر بي إي 65، وهو مرض نادر يتسبب في تراجع البصر بشكل شديد.
وفي هذا المرض فإن الأشخاص يصابون به في مرحلة مبكرة من فترةالرضاعة ثم يخسرون رؤيتهم المحيطية بشكل تدريجي، وذلك قبل خسارة رؤيتهم المركزية، مما يؤدي إلى الإصابة بالعمى الكلي.
وخلال السنة الماضية، وافقت إدارة الغذاء والدواء الأميركية على دواء جيني من شأنه علاج هذا المرض، حيث تعمل العلاجات الجينية عن طريق استخدام فيروس محوّرٍ جينيا ويُحقن في المنطقة المصابة.
في مرحلة ثانية، يقوم الفيروس بما تقوم به الفيروسات الأخرى، ويستهدف الخلايا ويحقن الحمض النووي الخاص به بداخلها، مما يؤدي إلى تجاوز الشفرة الوراثية للخلايا ويغيرها. الجدير بالذكر أن هذه العملية تمتلك تأثيرا مدمرا لأن الخلايا ستبدأ بعدها في تكرار ونسخ الفيروس بدلا من العمل بشكل طبيعي.
مع ذلك، يأمل الخبراء الجينيون هذه الخاصية نظرا لقدرتها على إصلاح الشفرة الوراثية المتحورة للخلية واستبدالها بحمض نووي سليم، علاوة على كونها ستعمل أيضا على نشر الحمض النووي المصحح داخل العين وتصلح الطفرة الوراثية وتمنع بذلك المرض من سلب بصر المريض.
وبالاعتماد على مدى نجاح هذا العلاج خلال السنوات القليلة القادمة، يمكن لنا توقع رؤية العديد من حالات العلاج الجيني التي تُستخدم لإصلاح العديد من الاضطرابات الوراثية التي تصيب العين.
5- أعين صناعية
امتلاك عين صناعية يعد أحد أفضل الخيارات الواعدة لمشاكل الرؤية في المستقبل. وعقب نيلها موافقة إدارة الغذاء والدواء الأميركية عام 2013، يمكننا الآن القول إن العين الاصطناعية هي جهاز ثوري وجديد يُمكّن الأشخاص الذين يعانون من العمى من استعادة بصرهم بشكل جزئي.
وفي مرحلة لاحقة، تُرسَل النبضات الكهربائية لاسلكيا إلى الشبكية الاصطناعية، التي تعكس الإشارات التي تتلقاها على الخلايا المتبقية من شبكية العين. وبفضل ليونة الدماغ، تُعالج هذه الإشارات باعتبارها نماذج ضوئية، مما يسمح للناس برؤية الأشكال والحركات وأجسام الأقارب والأصدقاء بشكل جزئي. وسجل المستخدمون الذين تلقوا هذه الشبكيات الصناعية نتائج مبشرة بعد استخدامها على نحو يومي.
والعديد من الأشخاص الذين استخدموا آرجوس2 استطاعوا تحديد الضوء والوصول إلى نوافذ منازلهم، كما باتوا قادرين على رؤية حدود خط المشاة والمشي ضمن نطاقه وعدم تجاوزه. وتمكن آخرون من فرز ملابسهم، في حين تسنى لنصفهم قراءة الحروف التي كان طولها لا يقل عن تسع بوصات.
((وتضاعف مكاسب الرؤية الناجمة عن مثل هذه الأجهزة الصناعية هو أمر مؤكد الحدوث في ظل تحسن التكنولوجيا وتقدمها.))