العراق وإقليم كردستان، على موعد مع أزمتين مناخيتين، هما الجفاف وارتفاع درجات الحرارة.
يحذر مدير عام السدود في إقليم كردستان من “جفاف يتربص وأننا سنسمع في السنوات القادمة ناقوس الخطر" ويوصي بتشكيل "غرفة خاصة بمواجهة خطر الجفاف في الحكومة الجديدة”.
وتفيد تقارير الإدارة القومية الأمريكية لعلوم الطيران والفضاء (ناسا) وتقارير أخرى عالمية خاصة بالمناخ، أن قسماً من العالم سيشهد في السنوات القادمة تغيرات مناخية كبرى، وتأتي مناطق شمال وشرق الهند ودول الشرق الأوسط وكاليفورنيا وأستراليا ضمن 19 منطقة ستواجه نقصاً كبيراً في المياه.
ويقول الأستاذ في جامعة السليمانية والمتخصص في الجيوفيزياء، الدكتور بيشَوا محمد علي: “لا أقول سوى إنه لو عرف الناس ما نعرف، لتغيرت أمورا كثيرة، آمل أن يتدخل المسؤولون الحكوميون المعنيون بسرعة ويتخذوا الاستعدادات اللازمة لمواجهة الجفاف”.
ويضيف الدكتور علي: “يفيد تقرير نشرته الأمم المتحدة في العام 2001، بأن العراق والشرق الأوسط عموماً وصولاً إلى جنوب تركيا سيعانون من التصحر بحلول العام 2033”.
ويرى الدكتور علي أن ارتفاع درجة حرارة الأرض المستمر، واحد آخر من أسباب الجفاف ويقول: “يتوقع نزوح ما بين 300 و400 مليون إنسان بسبب الجفاف”، ويضيف: “إن المشكلة كبيرة وأنا مضطر لتنبيه الناس إليها، أن أيام الحر الحالية التي تتراوح فيها درجات الحرارة بين 46 و50 هي 16-80 يوماً في السنة، تشير الأبحاث والتوقعات إلى زيادتها نحو 118 يوماً حاراً بحلول العام 2027، أي نحو أربعة أشهر، وبذلك ترتفع نسب التبخر”.
لكن الدكتور علي يوضح أن “المشكلة ستتركز في وسط وجنوب العراق، وستضطر قسماً من سكان تلك المناطق للنزوح إلى إقليم كردستان، ويجب أن نكون مستعدين لتلك الهجرة”.
من جهة أخرى، يؤكد المدرس في جامعة صلاح الدين والمتخصص في المياه الجوفية، الدكتور مريوان أكرم، على أن الماء ثروة لا تقل أهميتها عن النفط، ويقول إن استخدام المياه الجوفية مع توفر المياه السطحية “جريمة”، ويقول إن “حفر آبار المياه في بعض الدول يحتاج إلى موافقة رئيس الدولة، لكن الأمر مختلف في إقليم كوردستان”.
ويشير المستشار في وزارة الموارد المائية، عون ذياب، في تصريح صحفي، إلى أن نقص المياه في العراق ليس بالمشكلة الجديدة بل يمتد إلى ثلاثينيات القرن الماضي.
وقال ذياب: “العراق يواجه خطراً كبيراً، فدول الجوار تبني السدود على الأنهار التي تصب في بلدنا، لذا من الهام جداً أن نبني سد بخمة على الزاب الكبير، والذي أوقف العمل فيه لأنه كان يغرق الكثير من الأراضي والقرى، وقد آن الأوان لتعمل حكومة إقليم كردستان وحكومة العراق معاً على بناء ذلك السد”.
وعن خطط وزارته لمواجهة خطر الجفاف، قال ذياب: “وضعنا خطة لعشرين سنة، توجب توفير ثمانية مليارات دولار حتى العام 2035 لتنفيذ مجموعة مشاريع لتوفير وخزن المياه، لكن الأزمات التي عصفت بالعراق، جعلت العمل في هذا المجال يتراجع إلى أدنى مستوياته على مدى ثلاثين سنة”.
لكن إقليم كردستان ليس ضمن خطة العراق، ويقول مدير عام سدود الإقليم، أكرم أحمد: “هذه الخطط أغفلت إقليم كردستان، وقد عملت شركتان، أردنية وإيطالية، على رسم الخطة ولم تدرجا إقليم كردستان في حساباتهما”.
ويقول أحمد إن حكومة إقليم كردستان، قبل الأزمة المالية وحتى العام 2014، لم تقصر في تلبية احتياجات مديريته “وقد لبى رئيس حكومة الاقليم نيجيرفان بارزاني جميع طلباتنا وساعدنا في بناء سدود كومَسبان في أربيل، وزَلان وباوة نور وباسَرة في السليمانية”، ودعا الحكومة الجديدة إلى العمل على بناء السدود التي انتهت تصاميمها على شكل استثمارات أو قروض بعيدة الأجل، لأن “الجفاف المرتقب، سيدق ناقوس الخطر في كردستان في السنوات المقبلة، ويجب أن نستعد لمواجهته من الآن”.
يشار الى ان العراق يتعرض في السنوات القليلة الماضية لموجة جفاف غير مسبوقة لاسيما في أشهر الصيف الطويلة واللاهبة ما دفع بهجرة محدودة لسكان الأرياف والقرى صوب المدن بحثاً عن مياه الشرب.