وُلد عيسى أحمد قاسم عام 1940 في قرية الدراز شمال غرب المنامة عاصمة البحرين لأسرة شيعية. ونشئ فيها، تلقى تعليمه في المدارس الحكومية وحصل على الشهادة الثانوية في العاصمة المنامة، ثم دخل كلية المعلمين ونال إجازة التعليم، والتحق بمهنة التعليم عام 1960، وعمل مدرسا لمادتي التربية الإسلامية واللغة العربية. توفي والده وهو في الرابعة من عمره فرعته أمه وإخوته.
تعلم القرآن الكريم في الكتاتيب، وفي عام 1951 دخل مدرسة البديع الابتدائية للبنين ثم ثانوية المنامة حيث حصل على الشهادة الثانوية عام 1958، والتحق بكلية المعلمين فنال منها إجازة التعليم.
وإلى جانب دراسته النظامية تعلم الفقه في البحرين على يد علوي الغريفي، ثم غادر بلده للدراسة في كلية الفقه في النجف الاشرف ومنها نال شهادة الليسانس في العلوم الإسلامية والشرعية.
العودة إلى البحرين والمسؤوليات
وبعد إكماله المرحلة الثانوية انخرط عام 1959 في سلك التدريس مدرسا لمادتيْ اللغة العربية والتربية الإسلامية. وفي 1972 أسس “جمعية التوعية الإسلامية” فترأسها ثلاث دورات خلال 1972-1983. كما أسس عام 2005 “المجلس الإسلامي العلمائي” الذي ترأسه دورة واحدة، وهو عضو في الهيئة العليا للمجمع العالمي لأهل البيت (مقره طهران).
وشارك الشيخ “عيسى قاسم”، بصفته عضو في المجلس التأسيسي لوضع دستور للبحرين عام 1971. ومع الشروع في قيام المجلس التأسيسي لوضع دستور دولة البحرين استدعاه جمع في البحرين للقدوم والترشيح لهذا المجلس، وفاز بأعلى الأصوات، وكان له مع المجموعة الإسلامية في المجلس التأثير البارز في إدخال كثير من المواد الإسلامية في الدستور.
وفي سنة 1971 رشح نفسه للمجلس الوطني واعتبر نفسه رئيساً للكتلة الدينية في المجلس، حتى تم حل المجلس، كان من أبرز المؤسسين جمعية التوعية الإسلامية في عام 1971.
ومنذ عودته إلى البحرين، شرع في تأسيس “المجلس الإسلامي العلمائي”، وتم ترشيحه لقيادة مجلسه في دورته الأولى حتى توجه بتركيزه إلى مكتب البيان للمراجعات الدينية التابع له وذهبت رئاسة مجلسه إلى السيد مجيد المشعل عبر تصويت لمجلس الإدارة.
شعبيته ونشاطاته السياسية
يمتلك الشيخ “عيسى أحمد قاسم” أكبر قاعدة شعبية في البلاد وتعتبره الأغلبية الشيعية في البحرين قائدا لها، وله العديد من المواقف الوطنية، كما يحظى الشيخ قاسم بشعبية كبيرة في عموم الخليج الفارسي والمنطقة. وينظر إليه باعتباره الأب الروحي لجمعية الوفاق البحرينية المعارضة، والمطالبة بالمساواة والإصلاح السياسي في البلاد.
وقد عارض نظام آل خليفة منذ بدء المظاهرات في البحرين عام 2011، وانتقد بشدة الأسرة الحاكمة في البلاد.
وتتهمه الحكومة البحرينية بالوقوف وراء المظاهرات في البحرين ومحاولة تأسيس نظام بديل، وقررت وزارة الداخلية البحرينية تجريده، من الجنسية البحرينية، متهمة إياه بالسعي “لإثارة الانقسام المذهبي في البلاد”.
في 1962 بدأ رسميا مساره العلمي الديني بالدراسة على مشايخ بلده، ثم استقال من مهنة التعليم وسافر للدراسة في الحوزات العلمية بالعراق فدرس على مشايخ كبار في مقدمتهم آية الله محمد باقر الصدر، وعاد إلى وطنه نهائيا عام 1971 عند إعلان استقلال البحرين عن بريطانيا.
وترشح الشيخ قاسم لانتخابات “المجلس التأسيسي” الذي سيتولى وضع دستور الدولة ففاز بمقعد فيه، وكان ذلك الفوز إيذانا ببدء مرحلة جديدة في حياته ألقت به في معترك السياسة وتجاذباتها المحتدمة.
ففي عام 1973 انتخِب لعضوية المجلس الوطني (البرلمان) وظل كذلك إلى أن حُل المجلس عام 1975. وفي 1984 أغلِقت “جمعية التوعية الإسلامية” التي أسسها وفـُرضت عليه الإقامة الجبرية بعد استجوابه أمنيا، وبقي كذلك حتى بداية التسعينيات.
وقرر عام 1992 مغادرة البحرين مجددا ولكن هذه المرة إلى مدينة قم في إيران لتعميق دراساته الدينية، وأثناء إقامته في إيران اتهمته الحكومة البحرينية بالتخطيط لقلب نظام الحكم وتأسيس مجموعة سياسية معارضة، وبالوقوف وراء المظاهرات التي شهدتها البحرين في 1994 و1996.
وبقي في إيران حتى عودته إلى البحرين في 8 مارس/آذار 2001 إثر إقرار “ميثاق العمل الوطني” بين الحكومة والمعارضة باستفتاء شعبي نـُظم يوميْ 14-15 فبراير/شباط 2001.
ودشن بعودته تلك عهدا جديدا أصبح فيه يمثل المرجعية الدينية والسياسية للشيعة فيها؛ إذ أسس “مكتب البيان للمراجعات الدينية” و”المجلس الإسلامي العلمائي” في 2005، ودعا في العام نفسه لتنظيم مسيرة كبرى اعتراضا على قانون حكومي للأحوال الشخصية، كما كانت له مواقف سياسية مؤيدة لاحتجاجات البحرين منذ فبراير/شباط 2011.
ففي خطبته للجمعة في جامع الامام الصادق عليه السلام بمنطقة الدراز يوم 25 فبراير/شباط 2011؛ أعلن اية الله عيسى قاسم رفضه “فكرة الحوار من أجل الحوار، لأن الحوار الذي يستهدف حلا شكليا لا يصلح اليوم، ولا بد أن يكون الحوار جذريا مقتنعا بروح التغيير ومستجيبا للمطالب العادلة”.
وفي 24 يونيو/حزيران انتقد محاكمة ثمانية معارضين من قبل محكمة عسكرية بتهمة التآمر لقلب النظام، قائلا إن أحكامها “قاسية وغير عادلة” ومطالبا السلطات بالتراجع عنها.
واعتبر هذه الأحكام سدا يحول دون المشاركة في الحوار الذي دعا إليه ملك البلاد حمد بن عيسى آل خليفة، ووصف هذا الحوار بأنه “فاشل قبل أن يبدأ”.
وفي 23 أغسطس/آب 2011 أرسل وزير العدل والشؤون الإسلامية خالد بن علي آل خليفة خطابا إلى الشيخ يتهمه فيه بإثارة الفتنة الطائفية والعنف، وبأنه يستخدم منبره في خطب الجمعة لدعوة أنصاره إلى مقاطعة الانتخابات البرلمانية التكميلية.
واعتبر علماء شيعة بارزون في البلاد ما جاء في ذلك الخطاب إهانة وتهديدا مباشرا لسماحته، وتعهدوا بتوحيد صفوفهم ودعوا أتباعهم إلى الانضمام إليهم في صلاة جمعة موحدة في نفس الأسبوع بقرية الدراز.
وفي 17 مايو/أيار 2013 اتهمت جمعية الوفاق المعارضة قوات الأمن البحرينية باقتحام وتفتيش منزل الشيخ قاسم في الدراز و”ترويع النساء والأطفال”.
إسقاط الجنسية والانتقادات الدولية
وأسقطت السلطات البحرينية، الجنسية عن الشيخ “عيسى أحمد قاسم”، في حزيران 2016 وطالبته وعائلته بالخروج الفوري، وهددته بالترحيل القسري.
وفي حزيران 2016 أعلنت وزارة الداخلية البحرينية أن مجلس الوزراء أصدر قرارا بالموافقة على إسقاط الجنسية البحرينية عن “المدعو عيسى أحمد قاسم”، لأنه “قام منذ اكتسابه الجنسية البحرينية بتأسيس تنظيمات تابعة لمرجعية سياسية دينية خارجية، حيث لعب دورا رئيسيا في وخلق بيئة طائفية متطرفة، وعمل على تقسيم المجتمع تبعا للطائفة وكذلك تبعا للتبعية لأوامره.
وردا على هذه الخطوة، انتقد مكتب حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة بشدة هذا القرار وقال إنه “غير مبرر” وفقا للقانون الدولي، كما انتقدت القرار كل من إيران وحزب الله اللبناني و حتى بعض المسؤولين الامريكيين.
وقال مركز البحرين لحقوق الإنسان إن إسقاط الجنسية عن سماحته قرار “اعتباطي”، وإن الخطوة تشكل “ضربة أخرى توجه لحرية التعبير في البحرين”.
زيارة السماحة للنجف الأشرف بعد خمس عقود
ويخشى مراقبون من التضييق على اية الله عيسى قاسم في العودة إلى البحرين، حيث أسقط النظام الخليفي الجنسية البحرانية عنه في حزيران ٢٠١٦، ومُنح جواز سفر صالح لسنة واحدة فقط بعد وساطات ساهم فيها رجل الدين البارز السيد عبدالله الغريفي للسماح للشيخ قاسم بالسفر لاستكمال العلاج في الخارج بعد تدهور حالته الصحية نتيجة الحصار العسكري الذي فرضته القوات الخليفية على منزله في بلدة الدراز لأكثر من عامين.
وغادر آية الله الشيخ عيسى قاسم في ديسمبر ٢٠١٨ إلى العراق بحسب بيان الفريق الخاص بمتابعة وضعه العلاجي في العاصمة البريطانية لندن.
واكتفى البيان بالإشارة إلى أن زيارة الشيخ قاسم للعراق هي لزيارة الأماكن المقدسة فيها، وهي الزيارة الأولى له منذ قرابة نصف القرن، حيث كان يدرس في حوزة النجف الأشرف قبل أن أن يغادرها إلى البحرين في وقت سابق.
ولم يذكر البيان آخر تفاصيل الوضع الصحي للشيخ قاسم، حيث كان قد خضع لعملية جراحية في الظهر في نوفمبر الماضي، إلا أن مصادر أشارت إلى تحسن في وضعه الصحي ما سُمح له بمغادرة لندن.
في أول زيارة له للنجف الأشرف الذي لم يزرها منذ ما يقارب نصف القرن تشرف سماحة آية الله الشيخ عيسى قاسم بالحضور في مرقد أمير المؤمنين الإمام علي بن ابي طالب (ع).
ترحيب عراقي بزيارة الاب الروحي
واستقبل المرجع الديني الاعلى اية الله العظمى السيد السيستاني في مكتبه في النجف الاشرف وبعد الترحيب به والاطمئنان على صحته دعا له بالعافية التامة والشفاء الكامل ولأهل البحرين بالخير والبركة والامن والاستقرار".
كما التقى الشيخ قيس الخزعلي اية الله الشيخ عيسى قاسم في مجلس عزاء اية الله العظمى السيد محمود الهاشمي الشاهرودي “قدس سره”.
ورحب الخزعلي بالشيخ عيسى قاسم واستطرد قائلا” من كل قلوبنا أهلا وسهلا ومرحبا بك في بلدك العراق. مؤكدا للشيخ قاسم ” ستعود الى وطنك البحرين عزيزا منتصرا.
والتقى سماحة الشيخ عيسى قاسم، رئيس تيار الحكمة السيد عمار الحكيم، في النجف الاشرف و بحث الجانبان خلال اللقاء حول هموم العالم الاسلامي.
وبين السيد عمار الحكيم خلال اللقاء، ان” العراق بلده والنجف مدينته وان ابناء الشعب العراقي يكنون كل المحبة والاحترام لسماحته”، مؤكداً” اهمية المعالجات الفكرية والمعرفية للتحديات التي تواجه الامة الإسلامية”.