وقال الكاتب - في مقاله بموقع ميدل إيست آي- إن الرقم القياسي للأميركيين الذين خرجوا للتصويت بانتخابات التجديد النصفي في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي وجه رفضا كاسحا للرئيس دونالد ترامب والحزب الجمهوري وكراهية الأجانب العنصرية التي هي قوام الترامبية.
وأشار إلى أن نجاح امرأتين أميركيتين مسلمتين من الحزب الديمقراطي -هما الأميركية الفلسطينية رشيدة طالب واللاجئة الصومالية إيهان عمر- في الوصول إلى الكونغرس مجرد غيض من فيض مما كان تحركا سياسيا غير مسبوق للمسلمين والعرب الأميركيين موسم انتخابات 2018.
وأضاف أن الأغلبية الساحقة من هؤلاء الجدد الذين ترشحوا صراحة ضد ترامب قدموا أنفسهم كنماذج مثالية لما يمكن أن تكون عليه أميركا ببساطة من خلال كونها كل ما يكرهه ترامب، ألا وهو أشخاص ملونون وغير مسيحيين ومهاجرون أو نسلهم.
ديمقراطية تعددية
واعتبر الانتصارات الانتخابية لرشيدة وإلهان دليلا على استمرار وجود تيار قوي، بل ومهيمن، للحياة السياسية الأميركية التي ترفض التخلي عن الوعد كديمقراطية تعددية يتساوى فيها جميع المواطنين بغض النظر عن العرق أو الدين.
"
النخب العربية المناهضة للديمقراطية تفوق حلفائها الغربيين في رذيلة التطابق، فكما أنهم يحتقرون القيم العالمية سواء في شكل الإسلام أو الليبرالية، فإنهم أيضا متمسكون برفضهم لأي نوع من الديمقراطية لشعوبهم
"
وفي خضم كل هذا الفرح يمكن سماع أصوات الخوف والاستياء، مثلما زعم قس مسيحي -كان من مؤيدي ترامب- بأن الكونغرس سيأخذ الآن مظهر "جمهورية إسلامية". ولكن الأكثر إثارة للصدمة -يقول الكاتب- هو الأصوات الداعمة لترامب بالعالم العربي التي انضمت إلى اليمينيين الإسلاموفوبيين لتنتقد بقسوة النجاح الانتخابي للمسلمين الأميركيين عام 2018.
وأشار إلى أنه حتى قبل اكتمال نتائج الانتخابات، حذر كاتب مصري بصحيفة الأهرام الموالية للحكومة من تحالف بين "جماعة الإخوان المسلمين الدولية" والحزب الديمقراطي للإطاحة بترامب.
ولم يكتف بذلك بل صرح بأن الإخوان المسلمين يسيطرون بالفعل على عدة ولايات بما فيها فلوريدا وكاليفورنيا وتكساس وشيكاغو وميشيغان، وأن الجماعة خصصت خمسين مليار دولار لدعم حملة انتخابات حلفائها في الولايات المتحدة.
وعلق المقال بأن مثل هذه الادعاءات مجرد تخاريف تغذي المؤامرات الدولية لتفسير نجاح الساسة الأميركيين العرب المسلمين المناهضين لترامب.
وقال إن هذا الاحتضان السافر للإسلاموفوبيا الأميركية -من قبل النخب السياسية العربية المناهضة للديمقراطية- يكشف عن صلات هذه النخب العميقة بشبهة اليمين السلطوي في أي شيء ينم عن "العولمة".
وأردف بأن النخب العربية المناهضة للديمقراطية تفوق حلفاءها الغربيين في رذيلة التطابق، فكما أنهم يحتقرون القيم العالمية سواء في شكل الإسلام أو الليبرالية، فإنهم أيضا متمسكون برفضهم لأي نوع من الديمقراطية لشعوبهم.
جهل مطبق
وتبعا لذلك يجب محاربة كل حركة ديمقراطية وكل طموح ومطلب ديمقراطي على أنه دليل على هذه العولمة الشريرة، ولهذا فليس من المفاجئ أن تكون النخب الاستبدادية في العالم العربي الحليف الطبيعي لترامب وهي التي ترى في الترامبية المنقذ لأنظمتها المترنحة.
وأضاف الكاتب أن ربط دول مثل الإمارات والسعودية مصائرها بترامب يظهر جهلا مطبقا بواقعيات السياسة الأميركية وعمق سمية ترامب، وأنها إذا لم تتحرك بسرعة لفسخ علاقتها به فسوف توصم بنفس تلك السمية.
وأشار إلى أن يوم الحساب قد بات قريبا جدا مع التقارير المتواترة بأن المدعي الخاص روبرت مولر بدأ يوجه انتباهه لعلاقات ترامب "بإسرائيل" والسعودية والإمارات، ومن المحتمل جدا، خصوصا بعد هجمات هذه الدول الشريرة على العرب والمسلمين الأميركيين، أنه لا السعودية ولا الإمارات سيجدان أي مجموعات محلية داخل الولايات المتحدة تقف بجانبهما عندما يأتي يوم الحساب بعد ترامب.
ومضى الكاتب يقول إنه بدلا من اعتبار ملايين العرب والمسلمين الأميركيين جسرا طبيعيا كرصيد من رأس المال البشري ذي المهارات العالية الذي يمكن استخدامه لتحسين العالم العربي، تنظر إليهم الأنظمة العربية المستبدة وإلى سياساتها الديمقراطية على أنها تهديد وجودي لنظامها.
وختم بأن التهديد الوجودي الوحيد الذي يواجه العالم العربي هو رفضه المتعنت لإرساء الديمقراطية، وأن الديمقراطيات وحدها القادرة على ترويض تعقيد الحياة العصرية بدرجة كافية لجلب الاستقرار والاحترام اللائق لحقوق الإنسان، كما أن الديمقراطيات تنظر إلى شعوبها كأهم مورد لها وبالتالي تعطي الأولوية لرفاهيتها.
المصدر : ميدل إيست آي