ونقلت الصحيفة الأميركية عن مسؤولي استخبارات ومكافحة إرهاب إنَّه بعد مرور أكثر من عام على انهيار داعش يمتلك التنظيم الآن كمية مهولة من الذهب والأموال المسروقة، أخفاها قادته لتمويل العمليات الإرهابية وضمان استمرار التنظيم لسنوات قادمة.
وبحسب الصحيفة الأميركية، وفيما كان مقاتلو داعش يهربون من معاقلهم السابقة في العراق وسوريا، حملوا معهم مبالغ طائلة بالعملات الغربية والعراقية والعملات الذهبية -وهي غنيمة يُقدِّر خبراء مستقلون قيمتها بحوالي 400 مليون دولار- اكتسبوها كلها تقريباً من نهب البنوك أو عبر الشركات الإجرامية.
وقال المسؤولون للصحيفة الأميركية، إنَّه في حين دُفِن جزءٌ من هذه الثروة، أو أُخفيت بعيداً عن الأنظار، غَسَلَ قادة التنظيم عشرات الملايين من الدولارات من خلال الاستثمار في أعمال شرعية في الشرق الأوسط على مدار العام الماضي. ويقول محللون إنَّ هذه الأموال الهدف منها جزئياً هو تمويل عودة مستقبلية لتنظيم داعش، وهو احتمال يخشى بعض الخبراء من اقتراب حدوثه بعد انسحاب القوات الأميركية السريع من سوريا الذي أعلنته إدارة ترامب هذا الأسبوع.
وظهرت لمحات جديدة حول ممتلكات التنظيم المالية بعد مداهمات شُنَّت في الأسابيع الأخيرة على بعض الشركات في بغداد، وأربيل عاصمة منطقة كردستان ذي الحكم الذاتي والذي تقطنه أغلبية كردية. وتتبَّع المحققون تدفق ملايين الدولارات من عائدات تنظيم داعش من خلال شبكات مصرفية لها صلات ببعض الدول الشرق أوسطية.
وقال مسؤولون أكراد إنَّ تتبُّع مسار أموال داعش كشف عن مجموعة مذهلة من المؤسسات التجارية المشروعة، بما فيها الشركات العقارية والفنادق وتوكيلات السيارات. ففي إحدى الحالات، استُخدِمت الأموال الإرهابية لشراء أسهم في تجارة غسيل السيارات.
وقال مسؤول في مكافحة الإرهاب في المديرية العامة لمكافحة الإرهاب في حكومة ننطقة كردستان في مقابلة: «لم يعد يمكنهم كسب المال الآن عن طريق بيع النفط، لذا يفعلون ذلك بطرق أخرى». وتحدَّث المسؤول، الذي ساعد في الإشراف على سلسلة من المداهمات التي شنَّتها وحدة مكافحة الإرهاب بالمديرية على الشركات العراقية في أربيل في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، شريطة عدم الكشف عن هُويته كي يناقش التحقيق الجاري عن الشركات الخاصة التي تساعد تنظيم داعش في غسل الأموال، بحسب الصحيفة الأميركية.
وقال المسؤول إنَّ بعض الشركات التي تلقَّت أموالاً ربما لم تكن تدرك أنَّ المستثمرين كانوا إرهابيين، في حين بدا أنَّ البعض الآخر غضَّ الطرف عن ذلك بترحاب.
فقال المسؤول: «إنَّهم مستمرون في تمويل النشاط الإرهابي. ويستخدمون المال لدفع رواتب المقاتلين ودعم أسرهم. حتى أنَّ بعض تلك الأموال يُدفَع للمحامين مقابل مساعدة رجالهم القابعين في السجون».
وتُعَد الملايين التي يمتلكها تنظيم داعش بقايا ثروة أكبر بكثير استولى عليها التنظيم بعد سيطرته على المدن السورية والعراقية قبل أربع سنوات. إذ استولى التنظيم في يونيو/حزيران عام 2014، على ثاني أكبر مدينة في العراق، الموصل، وسارع بإفراغ خزائن بنوكها، وطبقاً لبعض التقديرات، حصل على حوالي 500 مليون دولار من الأموال النقدية والذهب، بحسب الصحيفة الأميركية.
واستولى التنظيم كذلك على حقول نفط ومناجم ومصانع ومزارع في العراق وسوريا، وسرعان ما أنشأ شبكة من شركات كسب الأموال التي جَنَت أرباحاً من المتاجرة في السلع التي تتراوح من البترول والمعادن إلى التحف الأثرية، يُباع معظمها في السوق السوداء. وبالإضافة إلى ذلك، كان ملايين المواطنين في الخلافة المزعومة يخضعون لضرائب ورسوم باهظة، بحسب الصحيفة الأميركية.
وبحلول عام 2015، بلغ مجموع الموجودات والمكاسب المتراكمة لدولة الخلافة المزعومة ما قيمته 6 مليارات دولار، وفقاً لتقديرات بعض المحللين المستقلين. قال دانييل غلاسر، وهو مسؤول سابق في وزارة الخزانة الأميركية كان مسؤولاً عن التحقيق في تمويل الإرهاب عندما كان تنظيم داعش في ذروته، إنَّ الثروة التي يستحوذ عليها التنظيم كبيرة بشكل مذهل وبكل المقاييس.
وقال غلاسر، الذي أصبح الآن موظفاً رئيسياً في شركة Financial Integrity Network الكائنة في واشنطن: «إنَّ الحجم والموقع الهائلين لأراضي تنظيم داعش أتاحا له الوصول إلى موارد النفط، وإيرادات الضرائب، والأموال النقدية في خزائن البنوك التي كانت مختلفة نوعياً في نطاقها عن أي شيء رأيناه من قبل».