وفي جميع الحالات التي اطلعت عليها هيومن رايتس ووتش، يفتقر المبعدون لوثائق هوية صالحة، ما يعرضهم لخطر الاحتجاز التعسفي وسوء المعاملة في العراق.
وقبل حظر السفر الذي أصدره الرئيس ترامب في كانون الثاني 2017، لم تكن الحكومة العراقية تقبل أي مواطن مُعاد قسرا.
لكن بعد فترة وجيزة من الحظر، الذي منع مواطني 7 دول ذات غالبية مسلمة من دخول الولايات المتحدة، ومنها العراق، وافق العراق على استقبال طائرة صغيرة تضم مبعدين وعلى تسهيل ترحيلهم، أزال البيت الأبيض لاحقا العراق من القائمة.
وقالت، نائبة المديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش لما فقيه "أي شخص يعيش في العراق بلا وثائق هوية عراقية صالحة عرضة للاعتقال التعسفي وسوء المعاملة"، داعية "وكالة إنفاذ الهجرة والجمارك الأمريكية الى وقف جميع عمليات ترحيل العراقيين حتى تحصل على ضمانات بعدم تعرضهم للاعتقال وسوء المعاملة".
وطالبت الحكومة العراقية بـ"ضمان منح جميع المبعدين العراقيين وثائق هوية عراقية صحيحة قبل عودتهم".
وفي أيلول وتشرين الأول 2018، قابلت هيومن رايتس ووتش 6 رجال رُحِّلوا إلى العراق بين أيار وآب، قال ثلاثة منهم إن "عناصر وكالة إنفاذ الهجرة والجمارك (الوكالة) والممثلين القنصليين العراقيين اتصلوا بهم خلال احتجازهم لدى إدارة الهجرة، وهددوهم بالسجن لسنوات إن لم يوقعوا على الأوراق العراقية بالموافقة على الإبعاد".
واضاف اثنان ان "عنصرَيْ الوكالة اللذين رافقاهما من الولايات المتحدة إلى البحرين كرّرا تهديدات فضفاضة في حال المماطلة في العودة، وأجبراهما على التوقيع على وثائق لا تزال طبيعتها غير واضحة".
وقال رجل عمره 26 عاما إنه، قبل أن يستقل طائرته من البحرين إلى بغداد، طالبه العنصران من الوكالة اللذان كانا يرافقانه من الولايات المتحدة بتوقيع وثيقة. بحسب ما يذكر، قال له أحد العنصرين "إذا لم توقع على الأوراق، سنرسل إيميل إلى الحكومة العراقية ونبلغهم عن نوع الجرائم التي ارتكبتها وكيف رحّلناك، ستسجن هناك والله أعلم إلى متى سيبقونك. في السجن، سيشاهدون رجلا لديه وشم مثل هذا وسوف يغتصبونك".
ورحّلت الوكالة شخصا واحدا على الأقل في انتهاك لأمر محكمة صدر في آب وفقا "للاتحاد الأمريكي للحريات المدنية" (الاتحاد)، الذي يتفاوض على عودة هذا الشخص إلى الولايات المتحدة.
وبعد موافقة العراق على استقبال المبعدين، اعتقلت الوكالة أكثر من 300 عراقي واحتجزتهم، وأُمروا بالرحيل رغم إقامة العديد منهم بصورة قانونية في الولايات المتحدة لعقود وامتلاكهم روابط عائلية ومجتمعية واسعة هناك.
ووثقت هيومن رايتس ووتش لفترة طويلة عدم أخذ نظام الهجرة الأمريكي بالاعتبار العلاقات الأسرية والعلاقات طويلة الأمد الأخرى في قرارات الترحيل.
وأُمر البعض بالمغادرة لإدانات جنائية، بما فيها جرائم وجنح قديمة. بموجب القانون الأمريكي، يمكن ترحيل حتى من يحمل إقامة دائمة شرعية لدى ارتكابه واحدة من طيف واسع من المخالفات، حتى البسيطة منها كحيازة الماريجوانا.
وأُمر آخرون بالمغادرة لمخالفات الهجرة، مثل تجاوز مدة التأشيرة، ويواجه 1,100 عراقي إضافي تقريبا لم يُعتقلوا احتمال الاعتقال والترحيل، ووفقا للاتحاد، أبعدت الوكالة 30 شخصا على الأقل من بين أكثر من 1,400 عراقي صدرت أوامر بترحيلهم.
ورفع الاتحاد دعوى قضائية جماعية، واستصدر أمرا قضائيا أوليا في 24 تموز 2017 بتعليق ترحيل نحو 300 عراقي على امتداد البلاد.
وتبين مستندات أُفرج عنها مؤخرا في دعوى الاتحاد أن الوكالة، في معارضتها الإفراج عن المعتقلين، قدمت معلومات مضللة بالقول إن العراق مستعد لاستقبالهم.
وفي 20 تشرين الثاني، قضت المحكمة بأن الوكالة قدّمت أدلة "زائفة بشكل ظاهر" لإبقاء العراقيين محبوسين.
وأمرت المحكمة بأنه ما لم يتم إبعادهم من قبل الوكالة بحلول 20 كانون الأول أو في حال وجود ظروف استثنائية أخرى، يجب الإفراج عنهم.
وأُفرج عن العديد من المعتقلين في أواخر كانون الأول، لكنهم ما زالوا عرضة لخطر الترحيل في المستقبل.
وأقر محامي عن الوكالة جوزيف دارو في 24 تشرين الأول بالمحكمة بأن هناك اتفاقا بين الولايات المتحدة والعراق لترحيل جميع المواطنين العراقيين الحاصلين على أوامر إبعاد، وهم حوالي 1,400 شخص، كثيرون منهم لا يريد العودة.
وتدرس دول أخرى أيضا ترحيل العراقيين، ففي أواخر كانون الأول، نقلت وسائل إعلام عراقية أن هولندا قد بدأت بترحيل العراقيين إلى العراق، بدءا بأسرة لم تتمكن من تقديم أي وثائق صالحة عند وصولها إلى أربيل،وقد أعربت دول أخرى، منها ألمانيا، عزمها فعل الشيء نفسه.
واكدت فقيه ان "القانون الدولي واضح؛ لا يمكن إعادة أي فرد إلى بلد قد يتعرض فيه لخطر التعذيب"، موضحة انه "من المخزي استخدام المسؤولين الأمريكيين التهديدات والترهيب لإجبار العراقيين على العودة في ظروف كهذه".
* السومرية