وبدأت الصحيفة التقرير الذي أعدته مراسلتها لشؤون الشرق الأوسط لويز كالاهان، بتناول ما حدث مع الأمير سلمان بن عبد العزيز بن سلمان آل سعود الذي تقول المراسلة إنه استدعي للقصر الملكي في الرياض مع عدد من أقاربه في كانون الثاني/ يناير الماضي.
وبحسب رواية والد الأمير، كما نقلها لمحامي ابنه في باريس إيلي حاتم، فقد وقعت مشادة بينهم وبين حراس ولي العهد، تم على إثرها ضرب الأمير سلمان واحتجازه ولم يُسمع عنه منذ ذلك الوقت. مضيفة أن والد الأمير سلمان اعتقل هو الآخر بعد يومين.
إلا أن المسؤولين السعوديين يقولون إن الأمير سلمان كان من بين 11 أميرا تم إلقاء القبض عليهم لاحتجاجهم على تسديد فاتورة الكهرباء الخاصة بهم. وهو ما استبعده مسؤولون غربيون على اطلاع على القضية.
وتعلق كالاهان بالقول إنه أيا كان سبب سجنه، فهو دليل على وجود انقسام داخل العائلة المالكة التي تعرّض فيها الكثيرون للعقاب بسبب إغضابهم الأمير محمد بن سلمان، المعروف بـ"م ب س".
وفي أعقاب مقتل الصحافي جمال خاشقجي على يد عملاء سعوديين في إسطنبول، فقد بات الغرب ينظر بشك عميق إلى ولي العهد السعودي، إلا أن الصورة أكثر وضوحا بين أفراد العائلة أنفسهم. فمن الشقق على طول شارع الإليزيه في باريس إلى الغرف في بلغريفيا في لندن إلى القصور الملكية في الرياض ينتظر منافسو "م ب س" من سيأتي عليه الدور.
"لم يعد لهم أنياب"
وقال مقرب من العائلة المالكة: "الناس خائفون"، وأخبره أمير بارز الشهر الماضي بأن "ابن سلمان هو الذي يجعل الناس لا ينامون في هذا البلد".
وينظر بعض الأمراء نظرة دونية لولي العهد الذي تلقى تعليمه في السعودية مثل بقية العاملين معه، وليس مثل منافسيه الذين حصلوا على درجات علمية من جامعات الغرب. وقال المقرب من العائلة: "هؤلاء ليسوا متعلمين"، و"أقسم بالله أن بعضهم لا يعرف تهجئة اسمه بالإنجليزية.. فهم بدو بدون تعليم".
إلا أن منافسي الأمير لم يعد لهم أنياب، وإن ظلوا يهزأون منه ومن حاشيته. إذ قام منذ إطاحته العام الماضي بابن عمه الأمير محمد بن نايف بتمزيق الإجماع داخل العائلة. وقال محلل في شؤون الخليج الفارسي: "مزق طريقة عمل العائلة" و"كان أفرادها يتنافسون على مناصب داخل العائلة، ولكن لم يسيطر أحد منهم مثل سيطرته الآن، فقد جمع كل السلطات بين يديه". وأدى هذا إلى حنق قطاع كبير من الأمراء الكبار، خاصة أبناء الملك عبدالله بن عبد العزيز الذي توفي عام 2015.
وقال هيو مايلز، محرر "آراب دايجيست": "إنهم مثل آل تيودور.. واحد من الملوك يموت وفي ليلة وضحاها ينتقل الحكم من فرع في العائلة إلى آخر".
وقارن بعض النقاد محمد بن سلمان بعمه الملك سعود الذي أجبر على التنحي عن العرش عام 1964 بعدما فكر في اغتيال الرئيس المصري جمال عبد الناصر، والفرق كما يقول المحللون أنه "لا معارضة داخلية لولي العهد الذي يحظى بدعم والده الملك سلمان، ولا أحد يريد أن يكون الأول الذي يواجهه".
مجلس البيعة
وقال مسؤول غربي: "في النهاية أظهر الملك أنه لا يخطط لإزاحة ابنه ولا يريد ذلك رغم قضية خاشقجي"، مضيفا أنه "لا توجد جماعة من الناس ترغب في الثورة ضد الملك". ولكن السؤال الشائك حول الخلافة سيظهر بعد وفاة الملك البالغ من العمر 82 عاما، فمن الناحية الفنية يقوم مجلس البيعة المكون من الأمراء البارزين بقسم البيعة للملك الجديد حتى يتولى السلطة.
وقال محلل إن البعض في مجلس البيعة ربما تردد في تقديم البيعة للملك، "لكنه يتمتع بدعم كبير داخل الأمراء البارزين". ويعول الكثير من نقاد "م ب س" الأمراء على الأمير أحمد بن عبد العزيز البالغ من العمر 76 عاما، والذي درس في الولايات المتحدة وعاد إلى المملكة في الخريف بعدما كان يقيم في لندن، وهو والملك سلمان هم آخر الأحياء من فرع السديريين السبعة (أبناء حصة السديري) من أبناء الملك عبد العزيز آل سعود، والذين عملوا طوال العقود الماضية على الحفاظ على الحكم في أيديهم.
ويحظى الأمير محمد بن سلمان بدعم قوي من قطاع الشباب بسبب إصلاحاته الاجتماعية، ويقول دبلوماسي غربي: "في السعودية يقولون نأسف لما حدث، ولكن زوجتي تقود السيارة وتذهب للسينما" بحسب التقرير.