الجدل، ما دفع الوزارة إلى الرد والتبرير. وتنظم الوزارة المؤتمر لتحسين العلاقة والحوار بين الدولة الألمانية والمواطنين المسلمين، وتدعو إليه الروابط الإسلامية المختلفة والأئمة والشخصيات التي تكتب وتعمل في الشؤون الإسلامية. وفي هذه النسخة التي نُظمت منتصف هذا الأسبوع في برلين، تم نقاش مسائل على نحو وقف التمويل الخارجي للمساجد، وتدريب الأئمة في ألمانيا. وانطلق النقاش حول الطعام المقدم في المساء بعد نشر الصحافي في تلفزيون «في دي إر» تونجاي أوزدامار سلسلة تغريدات في هذا الشأن، متسائلاً عن الرسالة التي يريد «وزير الداخلية والوطن» هورست زيهوفر توجيهها عبر ذلك. وأضاف أنه من الملائم إظهار القليل من الاحترام للمسلمين الذين لا يتناولون لحم الخنزير، مشيراً إلى أنه هو نفسه ليس بمتدين ويأكل لحم الخنزير، ما يعني أنه لا يتكلم من دافع شخصي. وأنه من المفترض على مَن ينظم مؤتمراً إسلامياً أن يتمتع ببعض الكياسة. كما ذكر الصحافي أن منظِّمي المؤتمر يريدون «نسخة ألمانية» من الإسلام، منوّهاً بأن زيهوفر وسلطته لن يتمكنوا من الوصول إلى غالبية المسلمين أبداً بمثل هذه التصرفات. وأكد أنه لو كان في المؤتمر لغادر.
وخمَّن الصحافي أوزدمار أن قصد وزارة الداخلية من الأمر يكمن في إيصال رسالة مفادها: «نحن السادة في البلاد، ولدينا الكلمة الفصل، وسيُلعب هنا وفق قواعد لعبنا». في المقابل، دافع البعض عن تنوع المأكولات التي قُدمت، وأشاروا إلى أن المشاركين في المؤتمر لم يكونوا جميعاً مسلمين، مثل السياسي في حزب الخضر فولكر بيك، الذي اعتبر أن إدراك التنوع يعني أيضاً الأخذ في الحسبان العادات المختلفة. وكانت كاتبة عمود في صحيفة شبيغل قد ذكرت منتصف شهر نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، أنه تم تقديم لحم الخنزير في «مؤتمر الإسلام» الأول الذي عقدته الداخلية الألمانية في عام 2006، مبينة أنها لا تعلم فيما إذا كان مرد ذلك هو لا مبالاة أو مزاجية أو جهل الوزارة التي كان يترأسها حينذاك السياسي البارز من الحزب الديمقراطي المسيحي فولفغانغ شويبله (رئيس البرلمان الحالي).
وزارة الداخلية تعتذر
أما وزارة الداخلية فرَّدت لاحقاً بأنه قد تمت مراعاة التركيبة المتعددة دينياً في انتقاء الوجبات الخفيفة، حيث كان المعروض متنوعا ومتوازناً وضم 13 وجبة خفيفة مختلفة، مؤلفة من طعام حلال، وخيارات نباتية، ووجبات من السمك واللحم. وأشارت الوزارة إلى أن الوجبات قد تم تمييزها، كما تم توجيه العامليْن بأن يكونا مستعديْن لتقديم معلومات عن وجبات بعينها. ورغم ذلك عبَّرت الوزارة على تويتر عن أسفها في حال شعر بعض الأفراد بأنهم جُرحوا في مشاعرهم الدينية.
نائب مسلم يقدم رواية مختلفة
وأكد النائب من حزب الخضر في برلمان ولاية شمال الراين فستفاليا، علي باش، لموقع «واتسون» تقديم «نقانق الدم» مع الوجبات الخفيفة في حفل الاستقبال الذي جرى مساء بعد نقاشات الفعالية الافتتاحية، مشيراً إلى أن بوفيه الطعام ضم أنواعاً مختلفة بينها لحم السمك والدجاج والمأكولات النباتية. لكنه بيَّن في المقابل أنه لم يتم تمييز «نقانق الدم»، لذا كان من الصعب التعرف عليها بسبب الإضاءة السيئة، ما تسبب في ارتباك الحاضرين واستغرابه هو أيضاً من تواجدها ضمن الوجبات. وأضاف علي باش أن بعض المشاركين كادوا أن يمدوا أيديهم للنقانق، قبل أن يتعرف هو شخصياً على محتواها بعد الاستفسار من موظف مسؤول عن الطعام. وأشار إلى أن عدم التعامل بحساسية وحذر كافيين مع عادات الطعام كان أحد المواضيع التي تناقش فيها الحضور مساء، لافتاً إلى إمكانية القيام بالأمر على نحو يُشعر كافة الأطراف بالانتماء للمجتمع الألماني من خلاله. واستدرك باش بالإشارة إلى أن الوزارة أبدت إدراكها للأمر، ووعدت بتحسين الوضع، فكان البوفيه في اليوم الثاني من المؤتمر خالياً من لحم الخنزير، معتقداً أن الأمر سقط سهواً عند التخطيط للوجبات المقدمة في اليوم الأول. وكان وزير الداخلية الألماني زيهوفر قد قال بعد تسلّمه لمنصبه في شهر آذار/مارس الماضي إنه يعتقد أن «الإسلام لا ينتمي» لبلاده، وإن ألمانيا «قد كونتها وشكلتها المسيحية»، مخالفاً بذلك المستشارة أنجيلا ميركل. وقد نُظر إلى تصريحاته حينها على أنها محاولة لاستعادة الناخبين من حزب «البديل من أجل ألمانيا» اليميني المتطرف المجاهر بعدائه للإسلام. ثم حاول تغيير لهجته تجاه مسلمي ألمانيا، وأكد خلال افتتاح «مؤتمر الإسلام» المذكور بالقول إن «المسلمين ينتمون لألمانيا»، وإن «المسلمين لديهم بالطبع نفس الحقوق وعليهم نفس الواجبات مثل أي فرد في ألمانيا».