انتظرت قطر حتى عشية القمة الخليجية المرتقبة الأحد في السعودية، وكذلك موعد اجتماع مصيري لدول «أوبك» بشأن الأسعار، لتعلن انسحاباً مفاجئاً من المنظمة التي تضم غالبية البلدان المصدرة للنفط. لا تأثير ملموساً للانسحاب الذي سيدخل حيّز التنفيذ مطلع 2019 (بداية الشهر المقبل)، نظراً إلى أن الدوحة تعدّ أحد أصغر منتجي البترول في «أوبك» (تأتي في المرتبة 11من أصل 15 عضواً)، لكن تصريحات المسؤولين القطريين، كما خصومهم، أكدت بطريقة أو بأخرى أن للسياسة دوراً في اتخاذ القرار. فبحسب وزير الدولة القطري لشؤون الطاقة سعد الكعبي، فإن قطر لن تخرج «من نشاط النفط، لكن المنظمة التي تسيطر عليه تديرها دولة واحدة»، في إشارة واضحة إلى السعودية وتأثيرها في «أوبك». مع ذلك، استبق الكعبي السجال بالقول «كثيرون سيسيّسون الأمر»، مؤكداً أن «القرار استند بشكل محض إلى ما هو المناسب لقطر في المدى الطويل. إنه قرار استراتيجي». وشدد الوزير القطري على أن خلفية الخطوة تتمثل في نية بلاده التركيز على إمكانياتها في الغاز، إذ من غير العلمي أن «تضع جهوداً وموارد ووقتاً في منظمة نحن لاعب صغير للغاية فيها ولا قول لنا في ما يحدث».
وفي حين لم تعلق السعودية على انسحاب خصمها الذي تقاطعه، ومعها الإمارات، دبلوماسياً واقتصادياً، تولت أبو ظبي المهمّة، على لسان وزير الدولة للشؤون الخارجية أنور قرقاش. الأخير غرّد على حسابه في «تويتر» بما يشي بغضب خليجي من خطوة الإمارة «المتمردة»، إذ كتب يقول «الشق الاقتصادي لانسحاب قطر من أوبك أقل أهمية ولا يبرر القرار في هذا التوقيت»، لكنه حاول وضع الخروج القطري في إطار «انحسار النفوذ» أمام سطوة الخصمين الحليفين الإمارات والسعودية عبر القول بأن «البعد السياسي للقرار بالانسحاب من أوبك إقرار بانحسار الدور والنفوذ في ظل عزلة الدوحة السياسية».
قرقاش: الشق الاقتصادي للقرار غير مبرر وهو إقرار بانحسار النفوذ سياسياً
على خلاف التوظيف الخليجي للخبر في إطار المناكفات البينية، قرأ وزير الطاقة الجزائري شكيب خليل القرار بشكل سلبي وبأن له «أثراً نفسياً»، فربما يشجع «أعضاء آخرين» في أعقاب «القرارات الأحادية للسعودية في الأشهر الأخيرة».
في المحصلة، القرار وردود الفعل عليه، تشي بأن الدوحة أرادت بالفعل أن تتخلص من السطوة السعودية في أوبك»، انطلاقاً من الخلاف المستشري، في موازاة الاستعداد لإعلان الإمارة الأولى في تصدير الغاز عالمياً أطراً «ريادية» في هذا المجال، تنافس الرياض في مكانتها النفطية. وبغض النظر عن الدوافع السياسية وراء هذه الخطوات، لكن لا يمكن الجزم بأنه سيكون غير ذي جدوى من الناحية الاقتصادية والتجارية، خصوصاً أنه لم يخرج بشكل ارتجالي ومتسرع.
قطر صاحبة الاحتياطات الضخمة من الغاز، والتي تنتج يومياً 600 ألف برميل من النفط، وهي عضو في «أوبك» منذ 57 عاماً (1961)، أرفقت قرارها بقرارات حول مشاريع عملاقة في إنتاج الغاز وتصديره. ووفق وزير الدولة القطري لشؤون الطاقة، فإن الدوحة تخطط لزيادة إنتاج الغاز المسال إلى 110 ملايين طن بحلول 2024، في حين يبلغ اليوم تأثيرها في سوق الغاز المسال العالمية حوالى 77 مليون طن سنوياً. وأعلن الكعبي أن بلاده ستعلن منتصف 2019 عن الشركات التي ستختارها لتوسعة مكمن غاز حقل الشمال (أكبر حقول الغاز في العالم وتتشاركه قطر مع إيران)، كاشفاً عن أن الدوحة تخطط لبناء أربع وحدات إضافية لإنتاج الغاز المسال وأيضاً في منتصف 2019، كما ستعلن في الربع الأول من العام المقبل عن الشركاء المختارين لبناء أكبر وحدة لتكسير الإثيان في العالم. ورسمياً، علقت «أوبك» على القرار بالقول إنها «تحترم القرار الذي اتخذته دولة قطر»، مشيرة إلى أنه لا يحتاج إلى موافقة من مؤتمر المنظمة و«كل دولة عضو لديها الحق السيادي في الانسحاب».
طهران: القرار خيبة أمل من السعودية وروسيا
علّق مندوب إيران لدى «أوبك» حسين كاظم بور أردبيلي على خروج قطر من المنظمة بالقول «إنه أمر مؤسف جداً، ونتفهّم خيبة أملهم». ورأى أردبيلي أن انسحاب الدوحة يظهر خيبة أمل المنتجين الصغار من الدور المهيمن للجنة المراقبة التي تقودها السعودية وروسيا. وأضاف «هناك الكثير من أعضاء أوبك الآخرين أصيبوا بخيبة الأمل من اتخاذ لجنة المراقبة الوزارية المشتركة قرارات أحادية الجانب بخصوص الإنتاج من دون توافق أوبك المسبق والضروري»، مشدداً على أن أي تخفيضات في الإمدادات يجب أن تأتي فقط من الدول التي زادت إنتاجها. في غضون ذلك، تستعد إيران لإقرار موازنتها السنوية التي تدخل حيّز العمل في آذار/مارس المقبل. وأشار المتحدث باسم الهيئة الرئاسية في البرلمان، بهروز نعمتي، إلى أن الخطوط العامة للموازنة المقترحة من الحكومة تتوقع صادرات البلاد من النفط الخام بمقدار 1,5 مليون برميل يومياً، وبسعر 54 دولاراً للبرميل الواحد.