ويشير التقرير إلى أن السعودية تواجه خيار التخفيف من إنتاج النفط وإغضاب ترامب، أو الاستمرار في ضخ النفط والمغامرة بأسعار متدنية جدا تدمر اقتصادها.
ويقول بلاس: "بالنسبة لولي عهد المملكة والحاكم الفعلي لها محمد بن سلمان، فإن ما يزيد من حدة المعضلة مقتل جمال خاشقجي في القنصلية السعودية في اسطنبول، فتحت ضغط أعضاء مجلس الشيوخ الأمريكي الغاضبين، وغيرهم من اللاعبين النافذين في واشنطن، فإنه يحتاج لحماية ترامب السياسية".
ويلفت الموقع إلى أنه سيتم طرح هذه الأمور خلال قمة مجموعة العشرين في بيونس آيرس، وهو مؤتمر قد يشكل سوق النفط في 2019، ويؤثر على كل شيء، من الحرب في اليمن إلى أسعار أسهم شركة "إكسون موبيل"، مشيرا إلى أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين سيؤدي دورا رئيسيا، فقد قضت روسيا والسعودية العامين الماضيين تعملان معا لإدارة سوق النفط.
وينقل التقرير عن المحلل المتابع لشؤون "أوبك" في "سيتي غروب" إد موريس، قوله، "إنه احتمال ضعيف، لكن الأطراف ستكون موجودة هناك، وإن كان هناك أمر يحتاج الى حل فسيتم حله هناك.. لكن السؤال هو إن كان هناك مجال للاتفاق بين أمريكا والسعودية وروسيا على السعر المناسب".
ويبين الكاتب أن ما سيحدث في قمة مجموعة العشرين، سيحدد في الواقع نتيجة اجتماع الـ"أوبك" وحلفائه، مشيرا إلى أنه مع وجود أسبوع فقط قبل أن يجتمع الوزراء في فيينا، فإن الممثلين سيكونون مشغولين في تبادل المقترحات والمقترحات المضادة، ومناقشة مستويات الإنتاج الممكنة، وكتابة البيانات، إلا أن النشاط هذه المرة كان صامتا؛ لأن المسؤولين ينتظرون نتائج قمة بيونس آيريس.
ويجد الموقع أنه إذا كان السعوديون يريدون إيقاف تراجع أسعار النفط الخام، فإن العقبة الأولى هي الحليف التقليدي: الرئيس الأمريكي.
ويوضح التقرير أن "السوق مليئة بالحديث عن أن (أم بي أس)، كما يعرف الأمير محمد بن سلمان، قد لا يشعر بأنه قادر على مخالفة رغبات ترامب لأسعار نفط قليلة؛ لأن البيت الأبيض ساعده بعد أن تم التصويت في مجلس الشيوخ يوم الأربعاء لصالح قانون ضد مصالح السعودية في اليمن، فذلك سيجعل ترامب يصل إلى بيونس آيريس ومعه المزيد من الذخيرة؛ ليظهر أنه آخر أصدقاء المملكة في واشنطن".
ويورد بلاس نقلا عن مؤسس شركة تجارة السلع في لندن ثيبوت ريموندوس، قوله: "لقد وضع الرئيس ترامب بالفعل سقفا لأسعار النفط، ويقال إن هذا السقف حوالي 70 دولارا لبرميل برنت، أو 75 دولارا على أقصى حد.. وسيكون من المثير رؤية ما إن كانت السعودية وروسيا معا تستطيعان إبقاء الحد الأدنى في مكانه".
ويذكر الموقع أن الرئيس أخبر السعوديين سرا وعلنا بأنه يريد نفطا خاما أرخص، حتى إنه أعلن عن توبيخه لـ"أم بي أس" في مكالمة هاتفية في تشرين الأول/ أكتوبر، عندما ارتفع سعر برنت إلى أكثر من 80 دولارا.
ويشير التقرير إلى أن السعودية كانت متجاوبة مع مطالب ترامب قبل الانهيار في أسعار النفط، وارتفع إنتاجها في تشرين الثاني/ نوفمبر إلى رقم قياسي غير مسبوق، أكثر من 11 مليون برميل في اليوم، ما تسبب برد فعل مبتهج من دونالد ترامب على "تويتر"، فقال: "أسعار النفط تنخفض، رائع! كأنه تخفيض في الضرائب لأمريكا والعالم، استمتعوا! 54 دولارا، كان مجرد 82 دولارا، شكرا للسعودية.. لكن دعونا نخفض أكثر".
ويقول الكاتب إنه "في ظل مقتل خاشقجي، فإن النكتة في أسواق النفط هي أن (أم بي أس) سيضطر لقبول صفقة كبيرة: (أسعار أقل لفترة أطول) للنفط مقابل البقاء في الحكم".
ويذهب الموقع إلى أن "لدى الرياض أسبابا قوية لوقف هذه النكتة من التحول إلى حقيقة، فهي بحاجة لأن يكون سعر الخام أعلى من73 دولارا العام القادم لموازنة الميزانية، بحسب صندوق النقد الدولي، فهي ليس لديها الاحتياطي المالي الذي كان في 2014، عندما قررت في المرة الماضية عدم تخفيض الإنتاج لدعم الأسعار المنخفضة، وقررت بدلا من ذلك أن تخوض حرب أسعار مع منتجي نفط الصخور الزيتية في أمريكا".
وينقل التقرير عن مدير معهد أكسفورد لدراسات الطاقة بسام فتوح، قوله، "إن مدخرات المملكة المالية أقل، وآفاق اقتصادها والقطاع الخاص أضعف"، مشيرا إلى أن المثال الواضح على ضعف السعودية ماليا هو أن احتياطها من العملة الأجنبية تراجع إلى 500 مليار دولار، من ذروته قبل أربع سنوات عندما كان 750 مليار دولار.
ويفيد بلاس بأنه قد تكون هناك حدود للضغط الذي يستطيع ترامب أن يمارسه على "أم بي أس"، الذي يبقى أهم حليف له في الخليج، لافتا إلى أن البيت الأبيض يريد أن يستمر في الدفع بالتقليل من صادرات النفط الإيرانية؛ لإجبار طهران على التفاوض على صفقة نووية جديدة، وهو ما يحتاج إلى تعاون من الرياض لإبقاء السوق تحت السيطرة.
ويبين الموقع أن هذا قد يعطي المملكة مجالا ضيقا بين إثارة غضب الرئيس ومنع تهاوي أسعار النفط، فيما يتناقش مندوبو "أوبك" بينهم حول هندسة خفض للإنتاج دون إطلاق ذلك الاسم عليه صراحة، كأن يقولوا بأن الإنتاج سيتراجع بسبب تراجع طلب الزبائن، مشيرا إلى أن وزير الطاقة السعودي خالد الفالح، أعلن بأن المملكة ستضخ في كانون الأول/ ديسمبر أقل مما ضخت في تشرين الثاني/ نوفمبر، وتوقع تراجعا آخر في كانون الثاني/ يناير، حيث إن المشترين يريدون كمية أقل، وقد يتبعها الآخرون في ذلك بالتشديد على أن موقف "أوبك" منذ فترة، هو إبقاء السوق مستقرة عن طريق مطابقة الإمداد للطلب.
وبحسب التقرير، فإن هذا الأمر سيأخذ الرياض إلى مشكلتها الأخرى: روسيا، عدوة لفترة طويلة، لكن تحولت إلى حليف في السنتين الماضيتين.
ويلفت الكاتب إلى أن مرونة العملة الروسية والتكلفة الأقل من السعوديين لتحقيق الأرباح، جعلتا بوتين يقول هذا الأسبوع إن 60 دولارا للبرميل سعر "جيد تماما" بالنسبة لبلده، مشيرا إلى أن هذا لا يعني أن الكرملين سيتنازل عن تحالفة مع السعودية، الذي يمتد إلى ما هو أبعد من النفط، لكنه يعني أن بإمكانه تحقيق صفقة صعبة.
ويذكر الموقع أنه من المزمع أن يلتقي المسؤولون السعوديون والروس في موسكو خلال عطلة نهاية الأسبوع، لافتا إلى أن هذا مؤشر على أن التوصل إلى اتفاق حول تخفيض الإنتاج أمر محتمل، إن كان اجتماع بوتين و"أم بي أس" في بيونس آيريس ناجحا، بحسب ما قاله المطلعون على المباحثات.
ويستدرك التقرير بأنه مع ذلك، فإن موسكو تبدو مترددة من أن تحمل العبء ذاته الذي حملته عام 2016، بحسب ما قاله المطلعون، شرط عدم ذكر أسمائهم؛ لأن المفاوضات سرية، مشيرا إلى أنه في الوقت الذي وصل فيه إنتاج السعودية من النفط إلى 11 مليون برميل في اليوم لأول مرة، فإن أعضاء "أوبك" الآخرين يطلبون من الرياض أن تكون أول من يضحي قبل الطلب من الآخرين.
ويخلص بلاس إلى أن "الأمر المتوافق عليه هو أنه ليست أمام السعودية خيارات جيدة، حتى لو استطاعت تخفيض الإنتاج دون أن يشعر ترامب، ثم تقنع موسكو بأن تقوم بتخفيض إنتاجها بشكل جاد، ويعتقد قليل من المندوبين ومراقبي (أوبك) بأن ذلك سيحقق اتفاقا قويا يستطيع أن يعيد أسعار النفط إلى 75 – 85 دولارا، كما كان في وقت سابق من العام".
ويختم "بلومبيرغ" تقريره بالإشارة إلى قول كبيرة المحللين في شركة الاستشارات "إنيرجي أسبكتس" في لندن، أمريتا سين: "إعلان تخفيض من (أوبك) سيكون أصعب من الاتفاق عليه.. مغادرة فيينا الأسبوع القادم دون تخفيض واضح لكن مجرد بيان، تشير إلى نية واسعة لمنع إغراق السوق، الذي سيؤدي دون شك إلى المزيد من البيع بأسعار منخفضة".