في إشارة لتخوفه الشديد من الضغوطات الدولية عليه وخشية محاصرته من قبل الصحافيين، اختار ولي العهد السعودي محمد بن سلمان النزول في مقر السفارة السعودية في العاصمة الأرجنتينية “بوينس أيرس” بدلا من فندق فورسيزن الذي كان يفترض أن يقيم فيه.
وأعلنت منظمة “هيومن رايتس ووتش” في تغريدة عاجلة على حسابها الرسمي بتويتر بالتزامن مع وصول ابن سلمان، أن المدعي العام في “أرجنتينا” يحرك القضية ضد محمد بن سلمان.
وتابعت في التغريدة أن القاضي يطلب أن يستفسر من حكومات السعودية واليمن عن الجرائم المزعومة، مضيفة:”ويسأل وزير الخارجية الأرجنتيني عن الوضع الدبلوماسي لولي العهد.”
وقرر “ابن سلمان” بحسب ما نقله مراسل “الجزيرة” في الأرجنتين، العزوف عن الإقامة الفندقية الفاخرة في فورسيزن، واحتمى بمقر سفارة بلاده بعد أن تلقى استشارات من فريقه الأمني ومن السلطات الأرجنتينية خوفا من الاحتجاجات التي قد يتعرض لها في مقر الفندق.
وأضاف أن عددا من المحتجين كانوا في استقبال محمد بن سلمان لدى وصوله إلى مقر السفارة، ورددوا كلمات وعبارات نابية بحقه.
زجاج مضاد للرصاص
وذكر المراسل أنه تم اتخاذ إجراءات أمينة مشددة جدا بمحيط السفارة السعودية بعد وصول ولي العهد إليها، وأشار إلى أن القوات الخاصة التي تتولى حماية المقر، أغلقت الطرقات ووضعت مجموعة من المتاريس لمنع الوصول إليها.
ومن الإجراءات التي اتخذت لتأمين وحماية السفارة، وضع زجاج مضاد للرصاص على الشبابيك الرئيسية وفي واجهة المبنى لإبعاد أي خطر قد يواجه الأمير الشاب خلال مدة إقامته في السفارة.
وكان المغرد الشهير “مجتهد” قال في تغريدة له قبل ساعات إن ابن سلمان يراجع قراره في حضور مؤتمر العشرين بعد قبول القضاء الأرجنتيني من حيث المبدأ النظر في دعوى هيومان رايتس ووتش.
وتابع:”ورغم أن المحامين أكدوا له أن قبول النظر في الدعوى لا يعني تجريمه ولا اعتقاله فهو يخشى أن يستغل خصومه في العائلة الفرصة للتحرك من أجل سحب البساط منه”
وقد وصل ولي العهد السعودي اليوم إلى الأرجنتين لحضور اجتماعات قمة مجموعة العشرين ضمن أول جولة خارجية له بعد مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي، ووسط تهديدات من منظمة هيومن رايتس ووتش بأن تطاله يد القضاء هناك.
وكان محمد بن سلمان أول المسؤولين وصولا إلى الأرجنتين، رغم أن مشاركته في القمة قد تكون الأكثر حساسية وحرجا من بين القادة المشاركين نظرا للضجة العالمية التي أثارتها قضية اغتيال خاشقجي.
ووصل بن سلمان إلى بوينس أيرس قادما من تونس، وذلك بعد جولة شملت أيضا الإمارات والبحرين ومصر، وهي أول جولة خارجية له منذ مقتل خاشقجي داخل قنصلية بلاده في إسطنبول في الثاني من أكتوبر الماضي.
والأسبوع الماضي، نقل عن وكالة المخابرات المركزية الأميركية أنها توصلت إلى أن “قتل خاشقجي كان بأمر مباشر من محمد بن سلمان”، لكن الرئيس الأميركي دونالد ترامب شكك في تقرير الوكالة، وتعهد بأن يظل “شريكا راسخا” للسعودية رغم قوله إن الأمير السعودي ربما كان لديه علم بخطة قتل خاشقجي وربما لم يكن يعلم.
وتأتي زيارة بن سلمان للأرجنتين بعد ساعات من نشر هيومن رايتس تغريدة على تويتر تقول “إن يد العدالة ليست قصيرة، وقد تطال المنتهكين حتى في قارة أخرى. يجب أن يتذكر ولي عهد السعودية ذلك قبل مشاركته في قمة العشرين في الأرجنتين”.
وفي تغريدة سابقة، خاطبت المنظمة ولي العهد السعودي في تحذير مباشر قائلة “يا محمد بن سلمان، قبل أن تسافر إلى الأرجنتين لتلميع صورتك أمام رؤساء الدول في قمة العشرين، اعلم أن القضاء هناك قد يحقق في جرائمك المحتملة”.
واتخذت السطات الأرجنتينية إجراءات أمنية مشددة لاستضافة مجموعة العشرين، من بينها نشر 24 ألفا من عناصر قوات الشرطة، ومنع الوصول إلى قسم من العاصمة الأرجنتينية، وكذلك أمرت بإغلاق محطات مترو وأحد المطارات في خطوة غير مسبوقة.
وستنعقد خلال الجمعة والسبت اجتماعات رؤساء دول وحكومات بلدان مجموعة العشرين في مركز المؤتمرات على ضفاف نهر ريو دو لا بلاتا الذي يفصل الأرجنتين عن أورغواي، ويفصل المنطقة التي تنعقد بها القمة عن بقية أنحاء المدينة طريق سريع وخط للسكك الحديد وحواجز للشرطة.