ويقول التقرير إنه منذ سنوات ونادي “مانشستر سيتي” ينكر بقوة أنَّ مالكه، الشيخ منصور بن زايد آل نهيان، قد انتهك القواعد المالية، لكنَّ رسائل إلكترونية مسربة كشفت عن قصة مختلفة.
وفي هذا التحقيق حاولت “دير شبيجل” الألمانية فضح “شبكة الأكاذيب” التي بنى عليها نادي مانشستر سيتي نجاحه؛ إذ يذكر التحقيق أن حتى عام 1880 عندما أسست آنا كونيل ابنة أحد الكهنة نادي كرة قدم في مانشستر لإبقاء العمال العاطلين بعيدا عن الكحول، كان آل نهيان يحكمون أبوظبي.
فمنذ شراء أبوظبي للنادي تمكن “مانشستر سيتي” النادي الذي كان فقيرا لا أحد يعرفه من الخداع وصولًا إلى أعلى مستويات الكرة الأوروبية وخلق إمبراطورية كرم قدم عالمية وشديدة الربحية، متجاهلًا اللوائح في طريقه.
إنَّ هذا المجد الحديث للنادي مبني على الأكاذيب، حيث يذكر التحقيق أنّ القصة الحقيقية لصعود مانشستر سيتي هي قصة نفوذ سياسي وصلابة اقتصادية. وهي قصة تؤثر على كل من يريد فهم تجارة كرة القدم المعاصرة.
المتابعون للكرة الإنجليزية أكدوا أنَّ استثمار منصور بن زايد آل نهيان في النادي، والتحويلات المالية التي أجراها منذ ذلك الحين تمثل تشويهًا لمبادئ المنافسة.
يقولون إنَّ دولة غنية بالنفط تقف وراء النادي، مضيفين أنَّ عقود الرعاية ليست سوى وسيلة سرية تتدفق من خلالها أموال أبوظبي إلى النادي.
أما المديرون التنفيذيون للنادي فقد رفضوا هذه الادعاءات باستمرار. ” لطالما شعر المنتقدون لمانشستر سيتي أنَّ استثمار منصور بن زايد آل نهيان في النادي، والتحويلات المالية التي أجراها منذ ذلك الحين تمثل تشويها لمبادئ المنافسة”.
ويلعب الفريق في استاد الاتحاد، ويرعى الاتحاد قمصان الفريق. أما خطوط طيران أبوظبي فيقودها الأخ غير الشقيق لمنصور. وتعلن كل من شركة اتصالات أبوظبي، وهيئة أبوظبي للسياحة.
وكذا تعلن شركة آبار للاستثمار مع النادي، وهي شركة تملك حصصًا أيضًا في UniCredit وVirgin Galactic.
وذكر التحقيق أنَّ كرة القدم الإنجليزية لم تشهد قط استثمارات بهذا الحجم. أما الأرقام الحقيقية التي جمعتها قيادة النادي في تحليل داخلي فهي أرقام مذهلة. هذه الأرقام مستمدة من وثيقة بعنوان “ملخص لاستثمارات المالك” بتاريخ 10 مايو (أيار) 2012 قبل ثلاثة أيام من إحراز سيرجيو أويجويرو هدفه الحاسم.
بحلول ذلك الوقت كانت الإدارة التي عينها منصور مع النادي منذ ثلاثة أعوام وثمانية شهور فحسب، وقد قدروا أنَّ المالك من أبوظبي قد استثمر بالفعل 1.1 مليار جنيه إسترليني، أي حوالي 1.3مليار يورو في النادي.
على خط التماس كان يحتفل معهم رجل يبلغ من العمر 47 عامًا يحتفل معهم: المدرب روبرتو مانشيني، الذي فاز ببطولة الدوري الإيطالي ثلاث مرات، وكأس إيطاليا أربع مرات، وقدم صفقات جديدة لمانشستر سيتي بقيمة ملايين الجنيهات الإسترلينية في بداية الموسم، كان أجويرو واحدًا منها. حصل مانشيني على أول لقب للفريق منذ نصف قرن تقريبًا، لكنه قريبًا سوف يقع ضحية طموح رئيسه.
إذ فُصل مانشيني بعد عام واحد فحسب لعدم قدرة الفريق على الدفاع عن لقبه. من الواضح أنَّ هذا هو المنطق الذي يلتزم به المالك: ما لا ينجح يُستبدل. لكن كان ثمة مشكلة جديدة أيضًا: لوائح النزاهة المالية التي وضعها الاتحاد الأوروبي لكرة القدم، وهي مجموعة من اللوائح المالية التي بدأ تطبيقها قبل أسابيع قليلة فحسب من فصل مانشيني.
أراد الاتحاد الأوروبي، أولًا وقبل كل شيء ضمان عدم تحمل الأندية الكثير من الديون، ومن ثم الانزلاق إلى الإفلاس. وثانيًا كان الاتحاد يشعر بالقلق حيال المنافسة في البطولات الأوروبية، فأرادوا منع الأندية من إنفاق أموال أكثر مما يربحون. ومع ذلك فقد كان مانشستر سيتي معرضا لخطر انتهاك هذا الشرط على وجه التحديد.
إذ كتب كبير الموظفين الماليين في النادي، جورج تشاميلاس، في إحدى رسائل البريد الإلكتروني الداخلية: “سوف يكون عندنا عجز بقيمة 9.9 مليون جنيه من أجل الامتثال بلوائح النزاهة المالية للاتحاد الأوروبي لكرة القدم هذا الموسم. يعود هذا العجز إلى إنهاء عقد روبرتو مانشيني.
أعتقد أنَّ الحل الوحيد المتبقي سوف يكون الحصول على مبلغ إضافي من عائدات الرعاية الإعلانية من أبوظبي لتغطية هذه الفجوة”.
ويكمل التحقيق أنَّ تشاميلاس كشف في هذه الرسالة الإلكترونية عن أنَّ النادي يعمل بشكل مختلف قليلًا عن أندية الكرة العادية. عادة ما يجري عمل كرة القدم بهذه الكيفية: يقدم اللاعبون كرة ناجحة، فيجذبون جمهورًا متزايدًا، فتذاع مباريات الفريق، ومن ثم يهتم الرعاة المحتملون بالنادي.
بحسب التحقيق إنَّ هذه الأنشطة التي وقعت في ربيع عام 2013، أثارت شكوكًا حول ما إذا كانت هذه الشركات التي تتخذ من أبوظبي مقرًا لها جهات راعية مستقلة فعلًا بحسب المزاعم المستمرة لممثلي مانشستر سيتي.
عندما تفاوض بيرس، في شهر أبريل 2010، حول صفقة الرعاية مع شركة آبار، كتب رسالة إلكترونية ذات دلالة إلى قيادة الشركة. بحسب العقد، فإنَّ شركة الاستثمار كان عليها أن تدفع 15 مليون جنيه إسترليني للنادي سنويًا، لكن من الواضح أنَّ هذه ليست القصة الكاملة.
إذ كتب بيرس: “كما تناقشنا، فإنَّ الالتزام المباشر لآبار هو مبلغ ثلاثة ملايين جنيه سنويًا. أما الـ12مليون جنيه المتبقية، فسوف تأتي من مصادر بديلة يوفرها صاحب السمو”. بجملة واحدة فحسب أكد بيرس الاتهامات التي أنكرها ناديه باستمرار وسخط: أي أنَّ صاحب السمو، الشيخ منصور، قد دفع جزءًا من أموال الرعاية بنفسه!