الشيخ خضر الديراني
أولاً : ما هو التلفزيون ؟
تقنياً هو جهاز الكتروني يستقبل اشارات ويعيد بثها من خلال تحويلها الى صورة مرئية ومسموعة وهو اداة اتصال جماهيري يحمل رسائل ومضامين ورموز ومؤثرات نفسية واجتماعية وسلوكية...
ثانياً : ما هو الطفل ؟ ومن هو ؟
الطفل هو الكائن البشري دون سن الرشد 18 سنة او سن البلوغ الشرعي وتتميز هذه المرحلة بالمرونة والقابلية وهي اخصب مرحلة للتربية والتعليم وفيها يكتسب الطفل العادات والتقاليد والاتجاهات العقلية والاجتماعية والحسيّة والمعرفية.
وقد عبر الامام علي (ع) عن هذه المرحلة بأبلغ تعبير عندما قال :
( وانما قلب الحدث كالارض الخالية ما ألقي فيها من شيء قبلته ) .
وبحسب تعريف الامم المتحدة فإن الطفل كل (انسان) من لم يبلغ الثامنة عشرة من العمر .
ثالثاً: من هم الأهل؟
هما الابوان الوالدان او من يقوم مقامهما شرعاً وقانوناً.
لماذا يشاهد الطفل التلفزيون ؟
بما ان الطفل هو انسان ، والانسان اجتماعي بطبعه مفطور على حب المعرفة والاستطلاع والجمال واكتشاف الجديد، والحشرية العلمية ، واكتشاف المهارات وحب التسلية والترفيه وتمضية الوقت وغيرها ، كان طبيعياً جداً أن يشاهد الطفل التلفزيون هذا الجهاز السحري الذي ينتقل به الى عوالم مختلفة من الحب والجمال والمعرفة والترفيه والخيال والتسلية وتمضية الوقت بطريقة سهلة وسلسة معتمداً اسلوب المزج بين الصوت والصورة ، مقرباً البعيد ، مبسطاً المعقد ، كاشفاً المستور ، ناقلاً الماضي الى الحاضر ، والحاضر الى المستقبل ، حاملاً مشاهده على اجنحة الخيال اللامحدود ، غازياً به السموات والارض ، طارقاً ابواب رغباته في كثير من الاحيان بابهار وامتاع بصري يسلب الالباب .
آثار التلفزيون على الطفل
هناك اتجاهان أساسيان تقوم عليهما نظريات التأثير ، يتبناها علماء النفس الاجتماعي ، الاولى تقوم على فكرة التأثير المباشر للاعلام وخصوصاً للتلفزيون على المشاهد وبالخصوص الاطفال لأن الطفل دائماً يتأثر بطريقة غير واعية ويحاول محاكاة ومطابقة ما رآه من عنف او عدوانية او غيرها من السلوكيات الضارة (نظرية الرصاصة).
والثانية تقول بعدم وجود علاقة مباشرة وان التأثير على الاطفال او الكبار هو تاثير تراكمي تحدثه المدرسة والبيت والبيئة والمجتمع، والإعلام له دور كجزء من هذا الفضاء العام الذي يعيشه هذا الطفل وليس بالاستقلال ، والتأثير هنا يكون بفعل الزمن والتراكم بحيث تكون النتيجة اتخاذ موقف عنيف او عدواني ، نعم قد يكون العنصر الاخير الذي ولد الانفجار هو عنصر اعلامي ، لكنه ليس هو السبب المباشر ، وعليه لا يكون تأثير الاعلام تأثيراً مباشراً وبالتالي لا خطر في الأمر (النظرية التراكمية) .
والدراسات العلمية تؤكد هذا المعنى بشقيه حيث ينقل صاحب كتاب التلفزيون والطفل'>التلفزيون والطفل :
" إن الدليل الواضح على ضرر بعض البرامج التلفزيونية على الاطفال يمكن العثور عليها في حوالي 600 دراسة في الادب المعاصر المتخصص تدور حول العنف والعدوانية في وسائل الاعلام الجماهيري وعرض العنف يمكن ان يؤدي الى زيادة عدوانية المشاهدين ، ولكن يؤكد النصف الثاني من هذه الابحاث الافتراض المعاكس تماماً "
ب- الآثار السلبية
كما تقول القاعدة الفقهية الشرعية ان دفع المفسدة اولى من جلب المنفعة ، لذلك نحن سنركز هنا على السلبيات بتفصيل مختصر خلافاً للايجابيات لأن الموازنة بين الايجابيات والسلبيات ترجح السلبيات بمخاطرها على الايجابيات بكل ما لها من قيمة وفائدة مرجوة بما لا يقاس بينهما .
1-التلفزيون هادم الاسرة بحيث تتحول الاسرة مع التلفاز في لقاءاتها الى اسرة غير متفاعلة وسلبية ومعدومة التواصل وان كانت تعيش في غرفة واحدة وبالتالي يصبح الافراد غرباء عن بعضهم البعض ولا يفهم بعضهم بعضاً ولا يعرف بعضهم حاجات وطبائع وخصوصيات البعض الآخر .
2-التلفزيون والتبعية : يحتاج الاطفال الى تنمية طاقاتهم الذاتية من اجل التحرر من التبعية بينما التجربة التلفزيونية تساعد على استمرار التبعية.
3-التلفزيون والقراءة والكتابة والتعبير اللفظي والتعبير عن الذات، تكتسب مهارات الاتصال الاساسية لدى الاطفال من خلال القراءة، المحادثة ،استخدام القلم والورقة ، ليؤدوا ادوارهم كمخلوقات اجتماعية ، غير ان التجربة التلفزيونية لا تعزز هذه المهارات بل تضعفها لأنها لا تتطلب المشاركة الفعالة واللفظية والكتابية ، بل تعتمد فقط على الاستقبال السلبي (كثر من جيل اليوم لا يمتلك المهارات اللفظية والتعبيرية عما يريد ) .
4-التلفزيون واكتشاف الذات ونقاط القوة والضعف : يحتاج الاطفال الى المشاركة في مسرح الحياة في العمل واللعب وغيره من اجل اكتشاف الذات ومعرفة نقاط القوة والضعف سواءً الجسدية او النفسية او المعرفية وتنميتها ، لكن المشاهدة التلفزيونية لا تسمح بمثل هذه المشاركة وبالتالي تحد من قدرتهم على الاندماج في تلك النشاطات.
5-هدر الوقت : تجمع كل الاحصاءات والدراسات ان الوقت الذي يقضية الاطفال على شاشات التلفاز اكبر او لا يقل عن الوقت الذي يقضيه في المدرسة ، وبالتالي تحول الطفل الى مدمن تلفزيون وبتعبير آخر الى عبد مطيع للتلفزيون دون ان يكون لهذه الطاعة والعبودية أثراً مفيداً في حياته الاجتماعية او المهنية او العلمية وكذلك المعلومات التي يتلقاها من التلفاز تجمع الدراسات بانها اقل ثقة واطمئناناً الى صحتها من تلك التي يتلقاها في المدرسة .
6-الخيال والتلفزيون : ان اشباع حاجة الطفل الى الخيال يتحقق بصورة افضل عن طريق القصة والنشاط الايهامي بحيث يحرر خياله من قيود الصورة ، وهذا ما لا يقدمه له التلفزيون الذي يقدم له القصة مصورة مما يدفعه الى عدم التخيل . والمشهد التلفزيوني يعطي صورة محددة بينما الخيال يقدم له عشرات او مئات الصور المتخيلة .
7-التلفزيون والتجربة : يحرم التلفزيون الطفل من اكتساب المعارف من خلال الاداء الحسي واليدوي واللمس والفعل وتقتصر المعرفة على حدود المشاهدة السلبية التي تقدم له نتائج جاهزة عن تجارب الآخرين وبالتالي يحرم أيضاً من الاستنتاج والاستخلاص العقلي ويكون قد حُرِمَ من النشاط الفعلي ايضاً.
8-المهارات الاسرية : كل طفل بحاجة الى تنمية المهارات الاسرية لانه في يوم ما سيصبح أبا او أما وبالتالي يحتاج الى معرفة الحياة الاسرية وكيفية ادارة هذه الحياة وتكوين الاسرة والتفاعل معها وحل كل ما يعترضها من مشاكل ، لكن الحقيقة ان التلفزيون يحرم الطفل من هذه المهارات وبالتالي يشكل خطراً مدمراً على الاسرة.
9-المعلومة والتلفزيون : اثبتت الدراسات ان الطفل خصوصاً في المراحل الاولى حتى سن الثامنة تركيزه يكون على الصورة دون فهم محتواها ، والابهار البصري هو الذي يجعله مستمراً امام الشاشة؛ بل ان الكثير من الدراسات تؤكد ان الطفل لا يستطيع ان يتابع قصة لاكثر من دقائق معدودة وبالتالي فإن ما ياخذه الطفل من معلومات نتيجة المشاهدة التلفزيونية ليس بذلك الحجم الذي يتوهم ، بل ما يحفظه من معلومات قدمت له عن طريقة قصة مكتوبة قراءة او محكية من خلال المعلم او الام اكبر بكثير مما يحفظه من القصة التلفزيونية ،فضلا عن ان النظرة العامة الى التلفزيون انه اداة ترفية وتسلية وتمضية للوقت وليس اداة للعلم والمعرفة .
10-التلفزيون والمدرسة : كل الدراسات تؤكد وجود أثر سلبي للتلفزيون على الدراسة لدى الاطفال ، لأن الطفل يعتاد على المشاهدة التي هي اسهل من القراءة والكتابة وبالتالي تؤثر على قدرته على بذل الجهد من اجل التقدم العلمي .
11-التلفزيون والكسل : التلفزيون يجعل الطفل أكثر كسلاً ، وابعد ما يكون عن التركيز في الاعمال او القراءة والكتابة ويعمل على القراءة التصفحية وليس القراءة المركزة وهذا سببه الكسل الذي تتركه عادة المشاهدة التلفزيونية .
12-التلفزيون والكتاب : التلفزيون يحارب الكتاب ويعاديه لأن الكتاب يحتاج الى بذل جهد ، مال ، ووقت، وتركيز بينما التلفزيون لا يحتاج إلا الى استرخاء وبالتالي يصل الطفل الى مرحلة يعادي فيها الكتاب .
13-التلفزيون وتأثيره على الصحة البدنية والنفسية: دهون / عيون / سكري / رياضة / التوحد الخ ...
وهناك المزيد من السلبيات علماً انه لم نناقش فيما يقدم للاطفال من حيث المضمون وهناك الطامة الكبرى .
اهم المصادر والمراجع
1-القران الكريم.
2-نهج البلاغة – الامام علي (ع) شرح محمد عبده- دار الذخائر قم ايران.
3-الحدائق الناضرة/المحقق البحراني-مؤسسة النشر الاسلامي التابعة لجامعة المدرسين بقم-ايران.
4-اطفالنا والقنوات الفضائية/نهى عاطف العبد-دار الفكر العربي2005م.
5-وسائل الاعلام والطفولة/د.باسم حوامدة-د.احمد رشيد القادري-د. شاهر ديب ابو شريخ. دار جرير-الاردن ط1 2006م.
6-التلفزيون والاطفال/ د.اديب خضور- دمشق 2003م.
7-اثر وساءل الاعلام على تعليم الاطفال وتثقيفهم/د.عبد الفتاح ابو معال- دار الشروق الاردن 2006م.
8-ورقة عمل مقدمة لورشة عمل حول تنمية المعارف لدى الطفل في مهرجان تونس العربي للاذاعة التلفزيون المنعقد بتاريخ 20 ايلول 2005م – تحت اسم البرامج الموجهة للاطفال (محاولة نقدية) للدكتور هاني مبابك فلسطين.
9-ورقة عمل تحت عنوان: تنمية معارف الطفل بين المدرسة والتلفزيون/ للدكتورة فادية حطيط الامين –لبنان / مقدمة في ورشة العمل السابقة.
10-ورقة عمل تحت عنوان: دور الاسرة والتلفزيون في تنمية معارف الطفل تكامل ام تنافر؟! للدكتورة فاطمة محمد يوسف- مصر/ مقدمة لنفس الجهة السابقة.
11-ورقة عمل تحت عنوان: البرامج العربية الموجهة الى الاطفال، للدكتور منصف العياري/تونس. مقدمة لنفس الجهة السابقة.
المصدر:مركز الأبحاث و الدراسات التربوية