وأوضحت الوكالة الأميركية أنه في حين أن كلتا القضيتين (حرب اليمن وحصار قطر) صدمتا مجتمع المستثمرين في أول الأمر، فقد طغت عليهما السياسات العدوانية في الداخل والخارج.
وفي الشهر الماضي، أخضع المستثمرون تكتيكات الأمير لدراسات مستفيضة بعد أن تسبب مقتل الناقد السعودي جمال خاشقجي في القنصلية السعودية بإسطنبول في إثارة ضجة دولية، مما أدى إلى ارتفاع مخاطر الائتمان في المملكة إلى أعلى مستوى في العالم.
وقال جوليان ريمر، أحد المتداولين في شركة Investec Bank Plc في لندن: «ثمة شيء واحد مؤكد: ازدادت تكلفة الدعم الغربي أو التسامح مع النظام السعودي؛ إذ تتعرض الحكومات الغربية لضغوط داخلية لمحاسبة السعوديين على مقتل خاشقجي الذي يُفسَّر بأنه علامة على ارتكاب مخالفات أوسع نطاقاً، وعلى الأخص في اليمن».
وقد قدم الأمير البالغ من العمر 33 عاماً، محمد بن سلمان، نفسه على أنه مُحدِّث منذ صعوده إلى السلطة عام 2015، وأُشيد به إثر تخفيفه القيود المفروضة على النساء واهتمامه بإعداد الاقتصاد لعصر ما بعد النفط. غير أنّ جهوده تقوضت بسبب قمع المعارضين في الداخل والسياسة الخارجية العدوانية.
وفي نوفمبر 2017، أطلقت الحكومة ما وصفته بحملة تطهير ضد الفساد، واحتجزت عشرات من أصحاب المليارات، ورجال الأعمال والأمراء في فندق ريتز كارلتون بالرياض. ويعتقد الكثيرون أنّ السعودية احتجزت رئيس الوزراء اللبناني عنوة في الشهر نفسه وأجبرته على الاستقالة.
وظهرت المزيد من المشكلات عندما دخلت المملكة في خلاف مع كندا في أغسطس/آب الماضي إثر انتقاد الأخيرة حبس نشطاء حقوقيين سعوديين. إلى جانب تصاعد التوتر مع إيران، وحرب في اليمن وحصار دبلوماسي واقتصادي طويل الأمد على جارتها دولة قطر.
والآن يتساءل المستثمرون عن وضع الأمير في السلطة وإلامَ ستنتهي علاقته مع الولايات المتحدة بعد مقتل خاشقجي كاتب المقالات البارز في صحيفة “واشنطن بوست” الأميركية.
وقال سيرغي ديرغاتشيف، الذي يساعد في الإشراف على أصول تبلغ قيمتها نحو 14 مليار دولار في شركة Union Investment Privatfonds في مدينة فرانكفورت الألمانية: «لم يقتصر تأثير قضية خاشقجي على زعزعة موقف محمد بن سلمان داخلياً وخارجياً إلى درجة ما فحسب، بل الأهم من ذلك أنّها تعد الآن بمثابة اختبار مهم للعلاقة بين الولايات المتحدة والسعودية».
ويرى نعيم أسلم، كبير محللي السوق في معهد Think Markets UK، أن مصداقية ولي العهد السعودي محمد بن سلمان «تضررت بعد الحدث الأخير، وعقد صلح مع جيران المملكة، بما في ذلك قطر واليمن، هو السبيل الوحيد لتجاوز ذلك». لكنه سيكون بمثابة تحجيم الضرر لأنه يحتاج إلى «طمأنة العالم بأن لديه القدرة على أن يكون قائداً حقيقياً. وإنهاء خلاف السعودية مع قطر سيجعل الوضع أفضل بالمقارنة مع الوضع الحالي بالتأكيد، لكننا نتحدث عن فرق هامشي فقط».
في المقابل، هناك من يتفاءل بعودة العلاقات السعودية القطرية إلى طبيعتها بالنسبة لعبد القادر حسين، رئيس الدخل الثابت في بنك أرقام كابيتال وهو بنك استثماري مقره دبي، يقول: «من المرجح أن يُنظر إلى أي شيء من شأنه أن يقلل من المخاطر الجيوسياسية في المنطقة ويحاول إعادة تأسيس التعامل السلس داخل دول مجلس التعاون إلى المستويات السابقة، وإإنهاء خلاف السعودية مع قطر ، بشكل إيجابي وسيؤدي إلى انخفاض هامش الائتمان في جميع أنحاء المنطقة».
وأضاف أنه إذا أنهت السعودية الحرب في اليمن، فإن «انخفاض الإنفاق على الأسلحة سيحسن التوازن المالي للسعودية بشكل كبير، مما يعزز من جودة الائتمان».
وتؤكد كارلا سليم، الخبيرة الاقتصادية في شركة Standard Chartered Plc في دبي: «لقد قادت الولايات المتحدة، إلى جانب الكويت، جهود وساطة مستمرة في الخلاف الخليجي. إذا أدت المحاولات المستمرة إلى حوار يشترك فيه كلا البلدين من شأنه أن يفضي إلى حل، فإن هذا من شأنه بالفعل أن يهدئ من القلق الذي يشعر به المستثمرون إزاء المخاطر الجيوسياسية والغموض في المنطقة.