نارام سرجون: الكاهن اليهودي وأفول الاصنام في الشرق !!

الثلاثاء 6 نوفمبر 2018 - 14:34 بتوقيت مكة
  نارام سرجون: الكاهن اليهودي وأفول الاصنام في الشرق !!

سوريا - الكوثر: لاداعي لنا اليوم ان نقرأ كتاب نيتشه بل يكفي أن نتأمل هذا المسرح العربي المترامي الاطراف الذي يقدم لنا مشهدا لكتاب (اصل الاخلاق) الذي قدمه نيتشه وجاء هناك من قام بتحويله من كتاب تاريخي الى مسرح واقعي منصته الشرق الاوسط ..

كلما تطورت الاحداث في المنطقة العربية وارى تسارع التغيرات والخمود الجماهيري بعد فوران الربيع العربي الذي تم تصويره على انه نهوض للقسم العليا .. احس انني أقرأ في كتاب فريدريك نيتشه (اصل الاخلاق) .. وربما لاداعي لنا اليوم ان نقرأ كتاب نيتشه بل يكفي أن نتأمل هذا المسرح العربي المترامي الاطراف الذي يقدم لنا مشهدا لكتاب (اصل الاخلاق) الذي قدمه نيتشه وجاء هناك من قام بتحويله من كتاب تاريخي الى مسرح واقعي منصته الشرق الاوسط ..
حاول نيتشه ان يفسر أصول القيم التي تحكم الناس وان يصل الى الجذر الذي نشأت منه والآلية التي تغيرها لأنه كان يرى ان القيم الاخلافية التي نرتديها في سلوكنا ونعكسها في ايماننا وعلاقاتنا ليست هي مايجب ان نبحث فيه .. بل ترك نيتشه المسرح والقيم التي تشبه الاقنعة وترك الناس الذين يخضعون للقيم في الشوارع والكنائس ولم يدرس سلوكهم وقيمهم التي ورثوها وتعلموها .. بل دخل الى ماوراء الكواليس في المسرح ليعرف من هم اولئك الاشخاص او الفئات التي تصنع القيم والاخلاق التي يرددها المجتمع ويحولها الى معتنقات وتقاليد والى ديانات .. لان الدين هو ماتنسب اليه الاخلاق كلها .. رغم ان الشعوب اللامتدينة لديها اخلاق وقيم لم تستمدها من الدين .. ويصل نيتشه في عرضه البديع الى ان المشكلة بدأت مع عقلية الكاهن اليهودي الذي حرم من نعمة النسيان وظل حاقدا على من اضطهده ونقل حقده الى جمهوره وسقاه اياه على شكل ضغينة تغلق نوافذ عقله .. والضغينة ليست رغبة في الانتقام .. بل هي وسيلة للوصول الى الرغبة بالانتقام .. فخلقت لاول مرة قيم العالم المارورائية التي لقنها الكاهن اليهودي من خلف الكواليس لجمهوره ومنها التمجيد الالهي للشعب المختار الذي يتعالى على كل الخلق كقيمة وصفة اخلاقية تخصه .. خلف كواليس اليهودية يجلس الكاهن الذي يحركه الحقد والرغبة بالانتقام من كل البشر حتى بلغ الأمر ان من التعاليم اليهودية انها أوصت اليهودي بانه اذا ماوجد شخصا غير يهودي يرزح تحت صخرة على صدره بأن عليه ان يضع صخرة اخرى ثانية عليه.. وتحولت هذه الوصية الى قيمة اخلاقية تخص اليهودي وحده يتعامل معها كشيء طبيعي وان تجاهلها فهو غير طبيعي وحطم قيمته اليهودية .. ويمكن ان نستنتج ان الكاهن اليهوي الذي يريد ان يسرق أرضا بين الفرات والنيل فانه لايملك اي شرعية ارضية لتبرير جريمته فلجأ من خلف الكواليس لاختراع رسالة ووعد وكأنها قيمة الهية أخرى من الله بأنه يمنح الارض بين الفرات والنيل للشعب المختار اليهودي الذي لايملك خيار رفض الوعد والهبة الالهية ..

اما الايمان المسيحي فنشأ حسب هذه النظرية عندما وصل الكاهن المسيحي وازاح الكاهن اليهودي من خلف الكواليس وبدل نقل الضغينة على الاخرين خلق عقدة الذنب لدى جمهوره الذي يشاهد القيم المسيحية الجديدة .. اي صار الشعور بالضغينة ضد الذات .. وهذه القيم الجديدة جعلت المسرح كله يحس بالاثم والندم على قتل السيد المسيح وحول الحياة المسيحية الى شعور بالذنب لاينتهي وكأن دم المسيح على يد كل انسان لان المسيح ضحى بنفسه من اجل آثام الناس الذين كمن قتلوه بآثامهم الكثيرة .. وهذا الكاهن عندما ارتدى الجبة الاسلامية لم يتغير هدفه خلف الكواليس فالمسلم لايرى نفسه الا محاطا بالذنوب .. التي يمضي حياته في البحث عن تكفيرها بالصلاة والصيام والزكاة والحج .. وهو مهووس بالحلال والحرام في اي شيء .. حتى في دخول البيت برجله اليمين او الشمال ..

مااراده نيتشه من دراسة اصول الاخلاق ان يقول ان القيم التي تحركنا هي قيم الكاهن الذي يحركنا من خلف الكواليس .. والكاهن هو الذي يغير القيم ويجعل الخير شرا والشر خيرا .. فاليهودي الذي كان يريد وضع صخرتين بدل صخرة على صدر انسان تغيرت القيمة العليا بوصول الكاهن المسيحي الذي لقن اتباعه ان من يصفعك على خدك الايمن فأدر له الايسر .. المسرح كان على الدوام الكنيس والكنيسة والجامع .. وهي التي تعطي القيم للناس منذ عصر النبوات كي يتعاملوا بها ..

ان تفسير نيتشه لتغير القيم هو ماقد يشرح طريقة تغير القيم السريع الذي تعمل عليه "اسرائيل" بنفس طريقة الكهنة خلف الكواليس أو نفسه الكاهن اليهودي القديم الذي بدأ برسم اولى القيم .. ويبدو انه تسلل اليوم الى كواليس حياتنا وبدأ بتغيير كل القيم التي تعلمناها في ديننا وكتبنا المدرسية واناشيدنا ومذكراتنا وأحاديث آبائنا وأجدادنا .. المسرح العربي كله من المحيط الى الخليج ( الفارسي ) يحركه هذا الكاهن الذين صار خلف الكواليس ويعطينا القيم الجديدة حول الصراع مع "اسرائيل" دون ان نعرف هويته على الاطلاق .. هذا الكاهن يعلمنا ان عبد الناصر شخص سيء وديكتاتور مهزوم وان السادات رجل متنور وذو بصيرة وانتصار .. والكاهن الخفي هو الذي يعلمنا ان نغير اولوياتنا من تحرير الارض لتكون سبيلا الى تحرر الانسان الى عكس ذلك فنعمل على تحرير الانسان بصناديق الانتخاب والتخلي عن تحرير الارض الا وفق نموذج اوسلو وكامب ديفيد ووادي عربة .. وبدل ان تكون فلسطين قضية وقيمة عليا صارت القيمة الحالية ان فلسطين جرح قديم وندبة عتيقة وان القيمة العليا هي لقهر انصار الفقراء والايرانيين .. اي ان نغير اولويات الصراع من الصراع مع "اسرائيل" الى الصراع حول "اسرائيل" .. ثم من اجل "اسرائيل" .. وصارت اولوية الانسان العربي وقيمته العليا متمثلة في اولوية الديانة واستقلال المذهب بعد ان كانت الاستقلال الوطني ..

ان وجود مايشبه الكاهن اليهودي الخفي الذي يسقينا الضغينة ويتلاعب بقيمنا كما تلاعب بالشخصية اليهودية على مدى آلاف السنين .. هي التفسير الوحيد لهذا الجنون العربي الذي كان تحطيما لكل المحرمات والقيم القديمة .. لأن حجم القيم التي تغيرت بشكل هائل وفي فترة وجيزة لايفسره الا موت جميع الكهنة القدماء العرب الذين كانوا يديرون المسرح العربي والاسلامي حتى خلق دين جديد لم نعهده من قبل .. فمنذ زمن قصير كان اللقاء مع الاسرائيليين سببا للشعور بالاثم والذنب واحساسا ان اليد التي تصافح اسرائيليا تعود مخضبة بدم الفلسطينيين وطريقا الى الكفر .. ولكن صار الكفر القديم ايمانا .. وصار اللقاء مع الشيعة المسلمين هو الكفر وهو القيمة الاخلاقية الجديدة .. وكان قتال الكفار و”الصليبيين” والمستعمرين الغزاة اخلاقا متفقا عليها ولكن القيم الجديدة هي ان نقاتل المسيحيين العرب الذين كانوا في البلاد قبل ان توجد البلاد ونتحالف ضدهم مع الصليبيين الجدد .. وكما في تفسير نيتشه لنشوء القيم بأنها بدأت من صناعة الكاهن اليهودي خلف الكواليس الذي يحقنها في وعي أتباعه .. فان ذات التكتيك تم اتباعه في تغيير قسم من الجمهور العربي الذي لم ير في التطبيع والسياحة الاسرائيلية في الخليج( الفارسي ) الا حدثا عابرا لايهز القيم التي تحكمه .. حيث تغير مزاج الناس نحو الضغينة نحو الوطن وكل من لايتفق معك في الوطن .. فكل المعارضين الاسلاميين حولوا كراهيتهم نحو الموالين ونحو الوطن حتى ان قصف الغرب و"اسرائيل" لاي بلد عربي يقابل بالتهليل بل ونستجديه .. وهذا سببه حقد وكراهية تم زرعهما ولايشبههما الا الضغينة التي يزرعها الكاهن اليهودي في نفوس اليهود .. الذين يضعون صخرتين فوق صدر غريمهم بدل صخرة واحدة ..

هناك لاشك من استولى على الكواليس وتسرب الى كواليسنا وصار يلقننا قيمنا الجديدة .. فاليهودي صديق وحليف وحبيب .. والاسرائيلي من أصل المنطقة وموجود قبل الفلسطينيين .. والاقصى والقدس ليسا مقدسين عند المسلمين .. وصارت عند العربي عقدة ذنب اذا مازار ايران او روسيا اما اذا زار "اسرائيل" فانه يتباهى بالقيمة الجديدة .. ويحس بتعذيب الضمير اذا ذكر السيد حسن نصرالله بمودة واعجاب .. او اذا فكر ولو للحظة ان يمتدح ايران على اي شيء حتى بدعمها لغزة .. كل الكهنة القدماء تم قتلهم .. ونرى دماءهم تتسرب من تحت ستائر الكواليس .. الكاهن الجديد يبدل القيم التي كنا نتعامل بها بسرعة .. ويريد جيلا من المؤمنين الذين يمزقون القيم القديمة والرب القديم ليعبدوا أصناما يصنعها لهم .. ويوزعها على كل زوايا الحياة .. من كتاب وحكام ومفكرين ..

الكاهن الجديد هو الذي سيدخل الى بلادنا تحت شعار الديمقراطية وحقوق الانسان والحريات الغربية الليبرالية والتحديث .. لأن الديمقراطية المدججة بالمال هي طريقة تسرب الكهنة الجدد الى كواليس صناعة القيم .. فالديمقراطية هي وسيلة الكهنة الجدد ليقتلوا الكهنة القدامى .. صندوق انتخاب وحملات دعائية يديرها الكاهن لالتغيير القيم بل لتغيير اولوياتها وتقديم قيمة على اخرى .. فقيمة الصراع مع "اسرائيل" ربما لاتزول لكنها تفقد معناها اذا صارت في مرتبة ثانية وثالثة وتصبح خامدة عندما تترك مكانها لقيمة اخرى اسمها اقامة كيان اسلامي او ابعاد اللامسلمين عن دار الاسلام وحكم الاسلام .. ووصل الامر ان المواطن العربي تعلم من الكائن اليهودي انه اذا مر بعربي على صدره صخرة ولكنه لايتفق معه على قيمة الكيان الاسلامي .. اضاف اليها صخرة اخرى لتثقل على صدره .. واذا وجد يهوديا على صدره صخرة ازالها ووضعها على صدر عربي او مسلم ..

الكاهن عمل بجهد جبار يجب ان نقدره لأنه لم يكتف بالتسرب الى كواليس القيم بل قام ايضا بتصنيع اصنام جديدة .. متمثلة في حكام الخليج ( الفارسي ) ورجال الدين السياسيين .. فالقرضاوي واردوغان ومرسي صاروا اصناما .. وحكم آل سعود وآل خليفة وآل مكتوم وكل الآلات الخليجية صاروا اصناما للمعارضين العرب .. ومهمتنا لن تكون سهلة لاستعادة كواليس القيم وقتل الكاهن اليهودي السارق الذي غير كل القيم .. ولكن اذا ماقتلناه وطعناه خلف الكواليس .. سيسيل دمه من الاصنام التي صنعها .. وعندما يموت الكاهن .. سنرى افول الأصنام وتهاويها .. الاصنام لاتحمي نفسها ولاتقدر ان تحمي الكاهن لكنها تحاول ان تكون عثرة في طريقنا اليه ..

اذا استمر النصر السوري .. فان دخولنا الى الكواليس مسألة وقت .. واذا دخلنا الكواليس فان قتل الكاهن الشرير الخفي مسألة وقت .. واذا سال دم الكاهن .. راينا مهرجانا لأفول الاصنام ..

اقتلوا الكاهن الخفي .. واهتفوا لقاتله .. وتمتعوا .. بوقوع الاصنام .. وعندما تسقط الاصنام سنرفع تماثيل الابطال .. والفرق هائل بين التماثيل والاصنام ..

نارام سرجون

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

الثلاثاء 6 نوفمبر 2018 - 13:52 بتوقيت مكة