بعض الزيارات لوفودٍ غربيّة، منها الفرنسيّة والألمانيّة، في أواخر العام الماضي لم تكن مخفيةً، هي وفودٌ أمنيّةٌ بالدرجة الأُولى، طلبت من دمشق التعاون الأمنيّ فيما يخصّ لوائح بأسماء مقاتلين يحملون جنسيّاتٍ أجنبيّة، رفضت سورية مشترطةً إعادة فتح سفارات تلك الدول مقابل أيّة معلوماتٍ تعطيها لأجهزة الاستخبارات.
خفتت وتيرةُ الزياراتِ حتى الشهرين الفائتين، لتعاود التقاطر إلى العاصمة التي كان من المفترض أنْ تشهدَ سقوطاً لنظامها منذ سبع سنواتٍ خلت.
مصدرٌ خاصٌّ في دمشق على اطّلاعٍ بحركة الوفود الأجنبيّة إلى بلاده، قال لوكالة أنباء آسيا: “إنَّ آخر الزيارات كانت لوفدٍ من فرنسا، مشيراً إلى أنَّ تعيين الرئيس إيمانويل ماكرون للسفير الفرنسيّ في طهران فرانسوا سينيمو كممثّلٍ شخصيّ له في سورية لم يكن عبثيّاً، فالرجل تقصّد أنْ يكون سفير باريس في طهران هو ذاته ممثّلاً له في سورية”، وتابع المصدرُ الذي رفض الكشف عن اسمه لحساسية المعلومات قائلاً: “إنَّ ماكرون رأى بأنَّ سفير فرنسا في دولةٍ حليفةٍ لسورية يمكن أنْ يعزّز التعاون بين دمشق وباريس بوساطةٍ إيرانيّة، لا سيّما بعد أنْ رفضت القيادةُ السوريّة طلباً استخباراتيّاً فرنسيّاً بالتعاون الأمنيّ دون إعادة العلاقات بشكلٍ رسميّ”.
وختم المصدرُ بالقول: “إنَّ الفرنسيّين ليسوا الوحيدين، في هذا المجال، فقد تلقّت سورية طلباتٍ من قِبَل إيطاليا والنمسا وألمانيا، للتعاون الأمنيّ، وبخاصّةٍ من الألمان الذين تتواجد على أراضيهم أعدادٌ كبيرةٌ من اللاجئين السوريّين، وقسمٌ من هؤلاء كان مشاركاً في القتال ضدّ النظام، ويَهمُّ برلين أيضاً أنْ تحصل على معلوماتٍ كاملة عن قوائم المطلوبين والهاربين والنازحين التي تملكها الاستخبارات السوريّة؛ لأنَّ المتطرّفين منهم يشكّلون قنابلَ موقوتةٍ على الداخل الألمانيّ، لكنَّ جواب السّلطات السوريّة كان ذاته، تعاون رسميّ كامل يبدأ بافتتاح السفارات، وعندها تتعهّد دمشق بتزويد المعلومات التي تمتلكها لمن يهمّه الأمر”، وأردف المصدر قائلاً: “لو قَبِلَت دمشق بتعاونٍ سرّيٍّ دون إعادة فتح السفارات لكان أقرب إلى زواجٍ عرفيٍّ غير مضمون النتائج”.