واشتهر ميلشطاين مجازيا "بتحطيم الأساطير" و"ذبح البقرات المقدسة"، واكتسب شهرته كمؤرخ من تسليط الضوء على إخفاقات الزعماء والقادة العسكريين للـ"هاغانا" والجيش الإسرائيلي، إلا أن "الذبح" المجازي في حالة إسحق رابين خرج من القول إلى الفعل عندما نسب ميلشطاين لنفسه ولكتبه ومحاضراته التأثير المباشر على قاتل رابين، يغآل عمير، الذي كان تلميذه في جامعة بار إيلان.
فقد تفاخر ميلشطاين بكون عمير نتاج لمحاضراته وكتبه، وامتدح ما وصفه بأدائه العملاني وبرودة أعصابه خلال تنفيذ العملية، وهو ما تسبب باستبعاده من الحيز الأكاديمي والإعلامي في أعقاب اغتيال رابين، نهاية العام 1995.
ويبرز كتاب "ملف رابين- الأسطورة المنتفخة"، الذي أصدره ميلشطاين عشية عملية الاغتيال، وكان عمير من قرائه المتحمسين، الوجه المظلم لرابين، الذي وبعكس وصفه بالمقاتل في صفوف تنظيم "البلماح" وقائد جبهة ورئيس أركان الجيش ووزير الأمن ورئيس الحكومة، كما يقول أديرت، فإن رابين فشل في أي عمل عسكري قام به، ويزخر ملفه بإخفاقات عسكرية كان من شأنها الحؤول دون إقامة دولة (إسرائيل)، وأنه قائد ترك جنوده في المعركة وتمت تنحيته عن عمليات حربية في حرب 1948 وانهار في حرب 1967.
وكتب أديرت أنه قبل ثلاثة أشهر من اغتيال رابين، دعا عمير ميلشطاين لإلقاء محاضرة أمام مجموعة من رفاقه. وبعد تنفيذ عملية الاغتيال وُجد كتاب ميلشطاين "ملف رابين" بجانب سرير عمير، فتحول ميلشطاين من شخصية مثيرة للجدل إلى مبعد ومقصى من كافة أطراف الطيف السياسي، وحتى في ملجأه الأخير جامعة بار إيلان، صدرت تعليمات لجميع وحداتها بالامتناع عن دعوته لإلقاء محاضرات. وفي المقابل، أعلنت الشرطة عن احتمال فتح تحقيق جنائي ضده. كما توجه أحد أعضاء الكنيست من حزب العمل للمستشار القضائي للحكومة مطالبا بتقديمه للمحاكمة كمن أرسى البنية الأيديلوجية لاغتيال رابين.
ولفت أديرت إلى أن رابين لم يكن الوحيد الذي أصابه قلم ميلشطاين، الذي كتب أن بن غوريون سعى إلى تحويل حرب 1948 إلى أسطورة ومنع نشر الحقيقة، وأن ايهود باراك نجح في إقناع الجميع بأنه قائد عسكري كبير بينما الحقيقة هي أنه فشل في كل عملياته العسكرية.
وعندما سئل ميلشطاين عن كل هذا الحقد الذي يكنه لرابين على رابين، أجاب أن الأخير بالنسبة له مثل "قرد البابون" بالنسبة لعالم البيولوجيا المختص بالنشوء والارتقاء، وأن رابين لا يعدو كونه رجل متوسط وحتى أقل من ذلك.
لكن الكثير من الباحثين والمؤرخين الإسرائيليين، وبينهم زملاء له يعتقدون أن ميلشطاين وقع ضحية لنظرية المؤامرة، وأنه رغم القيمة السياسية لكثير من أبحاثه، فقد خلط بين البحث الموضوعي وعقلية المؤامرة وهو "ما حال دون أن يحظى بما يستحقه من تقدير في المحافل الأكاديمية والإعلامية".
ولفت مراسل "هآرتس" إلى ان السنوات الأخيرة التي شهدت تعاظم شأن اليمين، فإن اغتيال رابين ساهمت في رفع الحصار عن ميلشطاين، وربما ذلك ما شجعه على إجراء الحوار المطول معه.