إيهاب الرماحي
يوافق الثامن و العشرون من شهر صفر ذكرى شهادة النبي الأعظم سيد الكائنات محمد (ص)، بهذه المناسبة الأليمة نتكلم عنه كمعلم بشري أمي كافح الجهل و الجاهلية و عباد الأصنام فأصبح الى معجزته معجزة...
لقد تميّز خاتم النبيين بأنه لم يتعلّم القراءة والكتابة عند معلّم بشري (وما كنت تتلو من قبله من كتاب ولا تخطه بيمينك إذاً لارتاب المبطلون)(العنكبوت: 48) ولم ينشأ في بيئة علم وإنما نشأ في مجتمع جاهلي، ولم يكذّب أحد هذه الحقيقة التي نادى بها القرآن الكريم. قال تعالى: (ولقد نعلم أنّهم يقولون إنّما يعلّمه بشرٌ لسان الّذي يلحدون إليه أعجميٌّ وهذا لسانٌ عربيٌّ مبينٌ)(النحل: 103).
ونمى في قوم هم من أشد الأقوام جهلاً وأبعدهم عن العلوم والمعارف، ومع ذلك فقد سمّى هو ذلك العصر بالعصر الجاهلي ولا يمكن أن تصدر هذه التسمية إلا من عالم خبير بالعلم والجهل والعقل والحمق.
فهو أمي ولكنه يكافح الجهل والجاهلية وعبّاد الأصنام، وبعث بدين قيّم إلى البشرية وبشريعة عالمية تتحدّى البشرية على مدى التأريخ، فهو معجزة بنفسه في علمه ومعارفه وجوامع كلمه ورجاحة عقله وثقافته ومناهج تربيته.
لقد شرح الله له صدره وأعدّه لقبول الوحي والقيام بمهمة الإرشاد في مجتمع تسيطر عليه العصبية والأنانية والجاهلية فكان أسمى قائد عرفته البشرية في مجال الدعوة والتربية والتعليم.
إنها نقلة كبيرة أن يصبح الجاهلي في بضع سنين حارساً أميناً ومدافعاً صلداً لكتاب الهداية ومشعل العلم، ويقف أمام محاولات التشويه والتحريف. إنها معجزة هذا الكتاب الخالد والرسول الأمي الرائد والذي كان أبعد الناس في المجتمع الجاهلي ـ عن الخرافات والأساطير ـ إنه نور البصيرة الربّانية التي أحاطت به بكل جوانب وجوده.