إنّ القرآن يخبر بصراحة عن وقوع معاجز على يَدَي الرسول الأمين، من هذه المعاجز معجزة انشقاق القمر:
قال سبحانه: ﴿اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ * وَإِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ * وَكَذَّبُوا وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ وَكُلُّ أَمْر مُسْتَقِرٌّ * وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مِنَ الأَنْبَاءِ مَا فِيهِ مُزْدَجَر﴾(القمر:1-4).
ومعنى قوله تعالى : (اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ)، أنّ القيامة قد قربت، وقرب موعد وقوعها، والكفار يتصورونها بعيدة، قال سبحانه: ﴿إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيدًا * وَنَرَاهُ قَرِيبًا﴾(المعارج:6ـ7).
وقوله: (وَانْشَقَّ الْقَمَرُ)، يدلّ على وقوع انشقاق القمر، لأنّه فعل ماض. وحمله على المستقبل، لانشقاق القمر يوم القيامة، تأويل بلا جهة.
وأمّا وجه الربط بين الجملتين (اقتراب الساعة وانشقاق القمر)، فهو أنّ انشقاقه من علامة نبوّة نبينا، ونبوّته وزمانه من أشراط الساعة، وقد أخبر القرآن عن تحقق هذين الشرطين (ظهور نبي الإسلام، وانشقاق القمر) وقال: ﴿فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلاَّ السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً فَقَدْ جَاءَ أَشْرَاطُهَا﴾(محمد:18).
وفي الآية قرينتان على أنّ المراد، انشقاق القمر بوصف الإعجاز، لا انشقاقه يوم القيامة.
الأُولى: قوله: (وَإِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا عَنْها)، فالمراد من الآية، الآية المعجزة، غير الآيات القرآنية، وذلك لأنّه لو كان المراد هو الآيات القرآنية، لكان المناسب أن يقول: وإِنْ سمعوا آية، أو نزلت عليهم آية. وعلى هذا تكون الآية المرئية هي انشقاق القمر الّذي تقدم ذكره في الآية.
الثانية: أنّ قوله: (وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ)، يُعَيِّن ظرف هذا الحَدَث، وأنّه هو هذا العالم المنتظم لا يوم القيامة. إذ لو كان راجعاً إليها، لما كان لأحد أن يتفوّه بغير الحق، أو يصف فعل الحق بالسحر، لأنّ ذلك الظرف ظرف الخَتْم على الأفواه، واستنطاق الأيدي والأرجل، قال سبحانه: ﴿الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ﴾(يس:65).
فهذا المقطع من الآية يدلّ على أنّ الإنشقاق كان في زمن الرسول، ولأجل ذلك اتَّخذ منه المشركون موقفاً متعنتاً مجادلاً، وقال قائلهم: "سَحَرَكُمْ ابن أبي كبشة".
وقد كان المشركون يدعون الرسول الأعظم به، وأبو كبشة من أجداد النبي من ناحية أُمه.
و لقد أطبق أكثر المفسّرين على أنّ المشركين اجتمعوا إلى رسول الله، فقالوا: إنْ كُنْتَ صادِقاً فَشُقَّ لَنا القَمَرَ فَلْقَتَيْن فقال لهم رسول الله إِن فَعَلْتُ تُؤْمنونَ؟. قالوا نَعَمْ. وكان ليلة بدر، فسأَل رسول الله رَبّه أن يعطيه ما قالوا، فانشق القمر فَلْقَتَينْ، ورسول الله ينادي: "يا فلان، يا فلان، إشهدوا".
وقال ابن مسعود: انشق القمر على عهد رسول اللّه شقتين فقال لنا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلم: اشهدوا اشهدوا.
وروي أيضا عن ابن مسعود أنه قال: والذي نفسي بيده لقد رأيت الحراء بين فلقي القمر.
وعن جبير بن مطعم قال: انشق القمر على عهد رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلم حتى صار فرقتين على هذا الجبل.
وحديث انشقاق القمر مروي عن جماعة كثيرة من الصحابة منهم عبد اللّه ابن مسعود وانس بن مالك وحذيفة بن اليمان وابن عمر وابن عباس وعليه جماعة المفسرين فلا يسمع ما نقل عن بعض العامة من عدم انشقاق القمر في الماضي بل في المستقبل يعني في القيامة.
المصدر:مواقع مختلفة بتصرف