ويقول الكاتبان في مقالهما،إن “الولايات المتحدة تبنت صدام باسم مواجهة إيران، ويجب ألا تكرر الخطأ ذاته مع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان”.
ويشير الباحثان إلى دهشة ابن سلمان للرد الدولي الغاضب على مقتل صحافي “واشنطن بوست”، جمال خاشقجي، لافتين إلى أن صحيفة “وول ستريت جورنال” أوردت أن مكالمة بينه وبين صهر ومستشار الرئيس دونالد ترامب، جارد كوشنر، تحولت إلى جدل عنيف، عبر فيه ابن سلمان عن شعوره بخيانة الغرب له، وهدد بالبحث عن شركاء جدد.
ويجد الكاتبان أن غضب ابن سلمان وشعوره بالجرأة على فعل ما يريد هو تذكير لما فعله صدام، وغض واشنطن الطرف عن أفعاله، حتى غزوه الكويت عام 1990، مؤكدين أهمية استخلاص الدروس من دعم صدام ومخاطر عدم الرد وبقوة على اغتيال خاشقجي.
ويورد الموقع نقلا عن الأكاديمي في معهد الدراسات الدولية والاستراتيجية توبي دودج، قوله إن صعود محمد بن سلمان وطريقته الشرسة التي وطد فيها سلطته يذكران بـ”الهجوم على المعارضين داخل الحزب الحاكم في عام 1979 من الرئيس الشاب صدام حسين”، كما نقل عنه موقع “بلومبيرغ” العام الماضي، وأضاف أن “تركيز السلطة في يدي شاب طموح ولا يمكن التكهن به يمكن أن يزعجنا الآن كما كان الحال آنذاك”.
ويلفت الباحثان إلى أن الدعم الأمريكي غير المشروط للرئيس صدام في الثمانينيات من القرن الماضي ساعد على مهاجمة شعبه وجيرانه، وهدد لاحقا المصالح الأمنية الأمريكية، مشيرين إلى أن علاقة الولايات المتحدة مع صدام حسين بدأت في عام 1963، عندما قام مستشار الأمن القومي السابق روجر موريس والمخابرات الأمريكية في عهد جي أف كي كيندي و”بالتعاون مع صدام” بانقلاب ضد الجنرال عبد الكريم قاسم، الذي قام قبل خمسة أعوام بالإطاحة بالعائلة الملكية المؤيدة للولايات المتحدة.
ويستدرك الكاتبان بأن هذه العلاقة بدأت بالتوثق مع العراق في شباط/ فبراير 1982، عندما قامت إدارة رونالد ريغان برفع الحظر عن اسم العراق بصفته دولة داعمة للإرهاب، ما فتح المجال أمام توفير الدعم العسكري الأمريكي للنظام العراقي، وحدث بعد 17 شهرا من بدء الحرب العراقية الإيرانية، حيث وصلت القوات العراقية إلى منطقة خوزستان الغنية بالنفط في جنوب غرب إيران.
ويقول الباحثان إن ريغان أرسل في كانون الأول/ ديسمبر 1983، دونالد رمسفيلد إلى العراق مبعوثا للقاء صدام وتطبيع العلاقات مع العراق، وبحسب “واشنطن بوست”، فإن التعاون الأمريكي مع صدام شمل دعم حرب “تبادل استخبارات واسع، وتزويد قنابل عنقودية، من خلال شركة تشيلية واجهة، ومساعدة العراق للحصول على الأسلحة الكيماوية والبيولوجية”، لافتين إلى أن هذا لم يمنع صدام من استخدام السلاح ضد إيران وشعبه والأمريكيين من توقف الدعم الأمريكي، والتقى رمسفيلد مع صدام عام 1983 في وقت ظهرت فيه أدلة على استخدام النظام العراقي للسلاح الكيماوي.
ويفيد الكاتبان بأنه قبل زيارة رمسفيلد في الأول من تشرين الثاني/ نوفمبر 1983 إلى العراق، أخبر المسؤول البارز في وزارة الخارجية جوناثان هاو، وزير الخارجية جورج شولتز، عن تقارير تشير لاستخدام الأسلحة الكيماوية وبشكل يومي في الحرب ضد إيران، مشيرين إلى أنه بحسب وثائق “سي آي إيه”، فإن ثلثي الهجمات الكيماوية التي قام بها النظام العراقي في الـ18 شهرا الأخيرة من الحرب تمت عندما زاد التعاون الأمريكي العراقي، بما في ذلك الهجوم على بلدة حلبجة الكردية، التي قتل فيها خمسة آلاف مدني.
ويجد الباحثان أنه “من المفارقة أن هجوم حلبجة في آذار/ مارس 1988 سيكون مبرر إدارة جورج دبليو بوش لغزو العراق عام 2003، وتخليص العراق من أسلحة الدمار الشامل التي لم تكن موجودة”.
ويعلق الكاتبان قائلين إن “الولايات المتحدة تردد اللغة ذاتها عندما تناقش العلاقات الأمريكية السعودية، رغم مقتل الصحافي خاشقجي، والهجوم المدمر على اليمن، حيث أعلن وزير الخارجية مايك بومبيو قبل فترة في شهادة بأن السعودية (حليف استراتيجي مع الولايات المتحدة)، وأن (السعوديين كانوا شركاء مهمين في العمل معنا)”.
ويرى الباحثان أنه “لم يكن مفاجئا أنه عشية غزو الكويت شعر صدام بأنه يحظى بدعم غير مشروط من الولايات المتحدة، وقد تعززت هذه النظرة من لقائه مع السفيرة إبريل غلاسبي، وقبل أسبوع من الغزو، وأخطأت أمريكا بدعم صدام وظل الخطأ يلاحقها، فهي لم تحشد 500 ألف جندي لإخراجه من الكويت فقط، بل وضعها الدعم على طريق الحرب والغزو في عام 2003 للإطاحة به، وكلفها ذلك المليارات وآلاف الضحايا، بل وأكثر من هذا، فأدى إلى تغيير ميزان القوة في المنطقة لصالح إيران وظهور تنظيم داعش”.
وينوه الكاتبان إلى أن “إدارة ترامب تقوم باستخدام المبررات ذاتها التي قدمت سابقا لدعم صدام، فقد صادق ترامب على حملة التطهير التي قام بها ولي العهد وملاحقته لمنافسيه المحليين، وأعطاه تفويضا مفتوحا لسحق انصار الله في اليمن، وتحويل قطر لدويلة، ومعاقبة كندا بسبب تغريدة، وقبل ذلك احتجاز رئيس الوزراء اللبناني. وكان اغتيال خاشقجي الواضح هو التصرف المتهور الأخير لولي العهد الذي فشلت الإدارة في الرد عليها”.
ويبين الباحثان أنه “في أعقاب مقتل الصحافي حذرت الإدارة ودون حياء أن معاقبة السعودية سيعطل جهود الإدارة لمواجهة إيران، وفي الوقت الذي يجب فيه استنزاف إيران، إلا أن هذا لا يعني تجاهل التهديد المتزايد في المنطقة: أي الطموح غير المقيد لولي العهد السعودي، الذي يقود عملية تدمير اليمن، وذبح صحافي معروف من أجل تعزيز سلطته”.
ويقول الكاتبان إن “السماح لصعود محمد بن سلمان إلى السلطة دون مواجهة أي تداعيات أو عواقب من واشنطن لسلوكه الفاضح من المحتمل أن يقوم بترويع المنطقة بالطريقة ذاتها التي فعلها صدام من قبل، ولو كان قتل خاشقجي قد تم دون أي احترام للقيم والأعراف الدولية أو ثمن سياسي، فإن ذلك دليل على قواعد سعودية جديدة للعبة التي يواجهها العالم التي ستكون أكثر تهديدا من صدام”.
ويختم الباحثان مقالهما بالقول: “يجب على إدارة ترامب التحرك الآن، والتأكيد للعائلة السعودية أنها ستواجه عواقب خطيرة للعدوان وإنهاء الدعم غير المشروط، ففي الحد الأدنى على الولايات المتحدة وقف مشاركتها في اليمن، وتعليق صفقات الأسلحة، وفرض عقوبات بناء على قانون ماغنستكي، وللمسؤولين الذين شاركوا في قتل خاشقجي كلهم”.