وجاء التحقيق بعنوان "ترك تنظيم داعش آلاف الأطفال يتحدثون مئات اللغات"، وأعدته مراسلة الصحيفة لشؤون الشرق الأوسط لويز كالاهان.
وقالت كالاهان: "على تلة صغيرة وعلى أرض مسطحة؛ يقع معسكر "روج" للنازحين، وبدا بخيامه البيض وترابه الأحمر مثل عدد من مخيمات اللاجئين في المنطقة". وفي زاوية منعزلة منه وتحت حراسة مقاتلة كردية هناك سكان من طبيعة مختلفة في المخيم. فمن فيه هن نساء وأطفال الذين تدفقوا من أنحاء العالم للعيش في ظل ما يسمى بالدولة الإسلامية، ولم تسر خططهم كما يجب.
ونقلت كالاهان عن مسؤولين أكراد قولهم إن هناك 500 امرأة و 1200 طفل من 44 جنسية في ثلاث مخيمات في شمال شرق سوريا. ومعظم الدول الأصلية التي جاءت منها النساء لا تريد السماح لهن بالعودة، ولا يريد الأكراد بقاءهن في المخيمات. ومع انهيار داعش تجد هؤلاء النسوة والأطفال أنفسهم في المجهول ينتظرون مع النازحين السوريين مصيرهم.
وتعلق قائلة: "هنا في هذا المخيم يمكن للزائر مشاهدة مجموعة غريبة من الحيوات التي انقلبت رأسا على عقب. فطفل يتحدث الإنجليزية في زي "سبايدر مان"، ويعتقد أن والده أمريكي. وفتاة صغيرة من أذربيجان انضمت للتنظيم الإرهابي في سن الـ13 وتزوجت مرتين وترملت مرتين. وامرأة هولندية باسمة بأطفالها الشقر الذين يمكن أن يخرجوا من رسم للفنان الهولندي فيرمير. وتسمع داخل الخيام همهمات بلغات متعددة- عربية مخلوطة بالهولندية والإنجليزية والسويدية ومئات اللغات واللهجات..
ورغم أن النساء لسن في سجن حقيقي، إلا أنهن تحت حراسة مشددة ويتم تقييد استخدام الإنترنت بشكل كبير وكذا التواصل مع العائلة والمسؤولين. وحتى لو أردن الفرار؛ فالفرصة معدومة في مناطق سهلية عشبية. وتريد النساء البقاء فهن الناجيات من بين مئات انضممن إلى "داعش" في الرقة. وحملن معهن صور الرعب عن سقوط عاصمة ما يسمى بالخلافة والمشي بخطورة بين الألغام مع أطفالهن. ومهما كانت أسباب انضمامهن للتنظيم الإرهابي فهن يعرفن أن القصص التي سينقلنها للمسؤولين ستقرر حياتهن".
وفي أثناء زيارة المراسلة للمعسكر كانت النساء الأوروبيات اللاتي تحدثت معهن مؤدبات ورقيقات وواسعات المعرفة. وعبّر معظمهن عن ندم على الانجرار وراء حلم "داعش". وقالت الكثيرات إنهن تعرضن للخداع من أصدقائهن كي يسافرن إلى سوريا. ومن لم يعترضن قلن إنهن انجذبن للحياة الطاهرة والنقية. وتغيرت حياتهن الآن، فلا واحدة منهن تلبس النقاب ويتذكرن أوروبا بحب قوي وبعضهن صافحن الرجال الذين رافقوا الصحافية في جولتها. ومعظمهن ينتظرن مصيرهن خاصة أنهن انضممن إلى التنظيم الإرهابي في وقت كان يقتل فيه الصحافيين وعمال الإغاثة. وربما لم يشاركن في القتال، لكنهن يُعتبرن عضوات في تنظيم إرهابي دعمن أيديولوجيته.