وقالت هاوس، وهي مؤلّفة كتاب "السعودية شعبها ماضيها دينها ومستقبلها"، في مقال لها بصحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية، : إن "عدم إبعاد بن سلمان سيفجّر صراعاً عنيفاً داخل الأسرة الحاكمة بالسعودية، ويؤدّي إلى دخول المملكة فيما يعرف بعنف الأمراء".
ورأت هاوس أن "الصراع لو حدث فلن يتوقّف على الأسرة الحاكمة، بل سيمتدّ إلى الأصوليين الدينيين، الذين يسعون لإلغاء ما فعله بن سلمان في بداية صعوده للحكم".
وأقرّت السعودية رسمياً، فجر السبت الماضي، بمقتل خاشقجي داخل قنصليتها في إسطنبول، بعد 18 يوماً من إعلانها عدم صلتها بالقضية، وقد تعرّضت خلالها المملكة لانتقادات وضغوط أمريكية وأوروبية للكشف عن حقيقة ما جرى.
وترك اغتيال خاشقجي موجة من الغضب الكبير بين العالم، خاصةً من حليفة السعودية؛ الولايات المتحدة، التي بدأت بتطبيق عقوبات ضد السعودية، وسط تهديدات بالمزيد في حال أُثبت تورّط بن سلمان بعملية القتل.
ووضعت الكاتب الأمريكية سيناريو ينتظر الحكم في السعودية؛ وهو قيام الملك باختيار أحد أفراد الأسرة ليكون بديلاً من نجله محمد، والاسم البديل هو الأمير سلطان، رائد الفضاء السابق، أو خالد الفيصل (78 عاماً) ابن أخي الملك، وهو الأقرب؛ لأنه يحظى بتقدير واسع من العائلة المالكة.
وتوضّح أنه في حال نُصّب الفيصل ولياً للعهد فسيعمل على تغيير كبير وجذري في سياسة بن سلمان، لكونه يسير على ذات النهج الذي سار عليه ملوك السعودية السابقون.
وتسرد هاوس "مغامرات" بن سلمان بعد توليه للسلطة؛، بدءاً من احتجازه لرئيس الوزراء اللبناني، سعد الحريري، وإجباره على تقديم استقالته عبر شاشة التلفزيون السعودي، وهدم مجلس التعاون ، بعد إعلان حصار قطر، وأخيراً قتل خاشقجي، وتقديمه لمعاونيه كـ"أكباش فداء" للقضية.
وتساءلت الكاتبة الأمريكية عن إمكانية احتفاظ ولي العهد بسلطته المطلقة في السعودية بعد مقتل خاشقجي، وعن مصير العلاقات الأمريكية السعودية وأثرها في أمن الخليج الفارسي، وهل تبقى سياسة النفط العالمية وضخّ كميات كبيرة من المال السعودي في الخزانة الأمريكية كما هي عليه الآن؟
كما طرحت إمكانية احتفاظ الملك سلمان بابنه ولياً للعهد، بالتزامن مع احتفاظه بالعلاقات مع الولايات المتحدة، الحليف الأقرب، في ظلّ الضغوط عليه بشأن قضية خاشقجي
وتقول هاوس: إن "الاتهام الأخير الذي ظهر في قضية خاشقجي؛ المتمثّل بوجود شبيه له جُلِب من الرياض وخرج من الباب الخلفي للقنصلية، يثير المزيد من التساؤلات حول الدور الذي أدّاه بن سلمان في العملية".
وتشير إلى أن بن سلمان نفى وجود خاشقجي بالقنصلية، مؤكّداً خروجه بعد نحو 20 دقيقة، وكان ذلك بعد يومين أو ثلاثة من اختفائه، فهل يكون الفريق الذي اغتال خاشقجي أخفى عنه القصة؟ علماً أن الفريق عاد إلى الرياض بعد 24 ساعة من تنفيذه عملية اغتيال خاشقجي.
وتضيف: "من السخرية بمكان أن يكون ولي العهد السعودي وبسبب نزوة السيطرة وضع مستقبله بيد اثنين من خصومه؛ الكونغرس الأمريكي والرئيس التركي رجب طيب أردوغان".
وتلفت الانتباه إلى أن "الكونغرس لم يكن أبداً صديقاً للسعودية، وكثيراً ما سعى لمعاقبتها، غير أن الرئيس دونالد ترامب يمنع ذلك، ولكنه الآن سيتولّى مهمّة تحديد نوع العقوبات التي ستُفرض على المملكة إذا ما أُفرج بشكل كامل عن الحقائق المتعلّقة بمقتل خاشقجي، والتي تثبت أن عملية القتل كانت مدبَّرة ومنسَّقة وتمت بعلم بن سلمان".
وركَّزت الكاتبة خلال مقالها على تهديدات إضافية جديدة تنتظر بن سلمان، وهي من داخل ما أسمته "المعارضة الصامتة" داخل أسرة آل سعود، خاصةً مع إهانة ولي العهد للكثير من رموز الأسرة وتجاهلهم، ويبدو أن ما يمرّ به الآن قد يدفعهم لتوحيد صفوفهم من أجل إجباره على ترك السلطة.
وتوقّعت أن تزيد تركيا الضغط لتشجيع الكونغرس الأمريكي على دفع ترامب إلى فكّ علاقته الوثيقة والاستراتيجية مع محمد بن سلمان، ومع السعودية، وهو ما قد يشكّل ضغطاً كبيراً عليها.
واستبعدت الكاتبة الأمريكية المختصّة بالشأن السعودي أن يدوم حكم بن سلمان في السعودية لفترة طويلة، رغم أن والده عيّنه على رأس لجنة تقوم بعملية تجديد جهاز الاستخبارات العامة.
وتساءلت عن مصير التجديد التي شهدته السعودية بعد إنهاء حكم بن سلمان، حيث سيكون في مهبّ الرياح مع الأيام الأولى لمغادرته الحكم.
وتنقل الكاتبة عن بروس ريدل، الباحث في مؤسسة بروكينجز، أن الملك سلمان إذا كان يقف وراء ابنه ويدعمه فإن ذلك سيعني أن هناك تآمراً سيكون على ولي العهد وسيكون تآمراً عنيفاً، مستشهداً بأنه قبل قضية خاشقجي كان بن سلمان يشعر بالخطر، "إنه يبيت في يخته بالبحر الأحمر خشية على حياته".