وقالت الصحيفة في تقريرها، إن الأوساط العلمية ترددت كثيرا في التوصل إلى إجماع واضح وقطعي حول تجربة الاقتراب من الموت. وفي الواقع، أجرى العلماء العديد من البحوث ولكنهم اقتصروا على تعداد التجارب المتعارف عليها، والتحقق من تكرار أنماط معينة خلال هذه التجربة.
وأضافت الصحيفة أن البحث الذي أجرته كلية الطب في جامعة نيويورك يعد الأهم إلى حد اليوم، حيث سلط الضوء على مجموعة من التجارب غير الاعتيادية والفريدة من نوعها التي يمكن أن يعيشها الإنسان بعد وفاته. وبشكل عام، يعلن الأطباء عن وفاة المريض بعد أن يتوقف عن التنفس وتتوقف ضربات قلبه، فضلا عن غياب نشاط موجات الدماغ لعدة ثواني.
من جهته، أكد الخبير البارز في تجربة الاقتراب من الموت، سام بارنيا، للموقع العلمي “لايف ساينس” أن الطريقة الأكثر شيوعا في إعلان الطبيب عن موت المرضى هي توقف القلب، حيث يصبح من غير الممكن ضخ الدم إلى الدماغ. وبالتالي، لا يستطيع المراقبون اكتشاف أي نشاط في الجسم.
وأوردت الصحيفة أن العديد من الأشخاص الذين عاشوا تجربة الاقتراب من الموت، إثر تعرضهم لحوادث كادت أن تودي بحياتهم، أكدوا أنهم يتذكرون جيدا الأحداث التي جرت في غرفة العمليات. كما أوضح البعض أنهم يتذكرون المحادثات التي دارت بين الطاقم الطبي وخيبة الأمل التي ارتسمت على وجوه هؤلاء بسبب سوء حالتهم الصحية.
وذكرت الصحيفة أن الباحث سام بارنيا أثبت أن وعي الإنسان يستمر بعد الموت. وقد تم تحليل تجارب أجريت على 2060 شخصا تعرضوا لسكتة قلبية، سواء في الولايات المتحدة أو في أوروبا. وقد نجا 330 شخصا من بينهم بعد جهود الإنعاش، وادعى 140 آخرون أنهم خاضوا تجربة الاقتراب من الموت.
ونقلت الصحيفة عن الباحث بارنيا قوله: “لقد درسنا العقل البشري في سياق الموت لنفهم ما إذا كان الوعي يتوقف عن العمل أو يستمر بعد وفاة الشخص، فضلا عن علاقة ذلك مع ما يحدث داخل الدماغ وهو لا يزال يعمل”. وعلى الرغم من أن معظم المشاركين أدركوا أنهم لا يستطيعون التذكر بشكل واضح، إلا أن نسبة صغيرة منهم كانت قادرة على وصف المحادثات التي دارت بين الطاقم الطبي، والأحداث التي جرت في غرفة العمليات. وتعليقا على هذه المسألة، أفاد بارنيا أن “أهم إنجاز يتمثل في تحقق الطاقم الطبي الذي كان حاضرا في غرفة العمليات من هذه الذكريات”.
وأشارت الصحيفة إلى أن سام بارنيا صرح، في هذا الصدد، أنه “بالطريقة ذاتها التي قد تدرس بها مجموعة من العلماء ما يسمى بالبحث الكمي، على غرار التجربة الإنسانية في الحب، نحاول أن نفهم الخصائص الدقيقة التي يعيشها الأشخاص عندما يخوضون تجربة الاقتراب من الموت”. وأضاف بارنيا قائلا: “نحن نسعى لذلك حتى نفهم تفاصيل التجربة التي سوف نعيشها عند الموت”.
وأوضحت الصحيفة أن العلماء كرسوا جهودهم حتى يحللوا بشكل مفصل الأحداث التي تطرأ على الدماغ أثناء السكتة القلبية، وخلال الموت، والعودة من جديد إلى الحياة من أجل معرفة مقدار الأوكسجين الذي يصل إلى القلب عندما يعود مباشرة إلى الخفقان، فضلا عن كيفية ارتباط هذه التجارب بنشاط الدماغ. تجدر الإشارة إلى أن الخطوة التالية للعلماء تتمثل في العثور على طرق أكثر دقة لرصد هذه العملية.
وأفادت الصحيفة أن العلماء أكدوا أن الأشخاص الذين يعيشون تجربة الاقتراب من الموت يتحولون إلى أشخاص أفضل مقارنة بما قبل هذه التجربة، حيث يصبحون أكثر إيثارا وإنسانية. في هذا السياق، صرح الخبير سام بارنيا قائلا إن “ما يحدث عادة، هو أن الأشخاص الذي يمرون بهذه التجربة العميقة والفريدة من نوعها يصبحون أكثر عطاء والتزاما، حيث أنهم يجدون معنى جديدا لحياتهم”.