وقال الكاتب، في هذا التقرير، إن طريقة وفاة الصحفي السعودي جمال خاشقجي تعكس سياسة إبن سلمان تجاه معارضيه. وتفيد التقارير الصادرة عن وسائل الإعلام التركية أن فريق القتلة الذي أرسله ابن سلمان إلى قنصلية السعودية في تركيا، عمل على قطع أوصال خاشقجي حيا. وعلى الرغم من طليها حديثا، تُظهر جدران القنصلية آثارا لدماء الصحفي المُغتال.
وأضاف بيرلي، الذي يشغل منصب أستاذ جامعي في عدد من الجامعات الإنجليزية، إنه من المرجح أن يؤدي بحث رئيس إلى الكشف عن وجود رفات خاشقجي في غابة اسطنبول. وفي شأن ذي صلة، صرح رئيس جهاز الاستخبارات البريطاني السابق، جون سويرز، أنه:" لا يوجد سبب قادر على تبرير الوحشية التي تم اعتمادها في جريمة القتل. لقد كان هذا الاغتيال أمرا صادرا عن ولي العهد والحاكم الفعلي للمملكة، محمد بن سلمان".
أفاد الكاتب أن خاشقجي كان يدير نظام رسائل مشفرة على الإنترنت يدعى "جيش النحل"، الذي كان يضم ثلة من المفكرين والمعارضين من داخل المملكة وخارجها، كما كان الصحفي السعودي ينشر مقالاته في صحيفة واشنطن بوست الأميركية. نتيجة لهذا النشاط الإلكتروني، اتخذ ابن سلمان قرارا بتصفية خاشقجي.
وفي هذا السياق، أورد مايكل بيرلي أن: "الأمر الأكثر إزعاجا هو الدلائل المتنامية على كون محمد بن سلمان، البالغ من العمر 33 سنة، يتحول بسرعة إلى طاغية غير مستقر، وذلك بشكل ينافس من خلاله الرئيس العراقي السابق صدام. يصف المواطنون الكويتيون القلقون، محمد بن سلمان بأنه "صدام الصغير"، خشية أن يكون هو أيضا لديه خطط لغزو دولتهم".
وأشار الكاتب البريطاني إلى تحذير دائرة الاستخبارات الاتحادية الألمانية السابق من تمركز السلطة بين يدي محمد بن سلمان، حيث من المرجح أنه سيستخدم منصبه ليصبح زعيما مماثلا لصدام في العالم العربي. ولم تقتصر تحذيرات الجهاز الاستخباراتي الألماني عند هذا الحد، حيث أفاد مسؤولوه أن هناك مخاطر إزاء استخدام ولي العهد للقوة العسكرية لنيل ما يريده.
وتطرق الكاتب إلى السجل الطبي لولي العهد محمد بن سلمان، وقال "لقد تم إعلامي من قبل عضو في عائلة حاكمة في دولة خليجية أخرى أن جهاز الاستخبارات الألمانية وضع يديه على التاريخ الطبي لابن سلمان، بعد معالجته من الصرع في ألمانيا في فترة مراهقته، بما يتضمن سجلات لطبيب أمراض عقلية قادت لمثل هذه المخاوف حول حالته العقلية. وفي الوقت الحالي، تبدو هذه التقييمات مبررة تماما، خاصة عند النظر إلى النتائج المدمرة للحرب التي تشنها السعودية على اليمن.
ونوه كاتب المقال بحملة الاعتقالات التي شنها الأمير الشاب ضد عدد من الأمراء والشخصيات ذات النفوذ السياسي والاقتصادي في البلاد. ولإنجاح مخططه، عمد ابن سلمان إلى دعوة رهائنه المحتملين إلى فندق ريتز كارلتون في الرياض، قبل أن يطوق المبنى بحراس مسلحين لإجبار هؤلاء المدعوين على دفع مليارات الدولارات نظير الإفراج عنهم. وأسفرت هذه الحملة عن مقتل واختفاء الكثير من المسؤولين البارزين في المملكة.
لطالما سعى محمد بن سلمان لدفع الرئيس الأميركي دونالد ترامب لشن حرب على إيران، وهو أمر يسعى السعوديون والإسرائيليون إلى تحقيقه بشدة. ولم تتوقف ممارسات ابن سلمان عند هذا الحد، بل إنه كان قاب قوسين أو أدنى من غزو قطر خلال السنة الماضية، لكنه انتهى بفرض حصار اقتصادي فقط.
بين الكاتب أن سياسة ابن سلمان التعسفية تسببت في خلق تحالفات وعداوات في منطقة الشرق الأوسط، حيث تساند السعودية كل من الإمارات العربية المتحدة والبحرين، في حين تقف سلطنة عمان والكويت إلى جانب قطر. وبالعودة إلى جريمة القنصلية السعودية، سبق للسيد خاشقجي معارضة الحصار المفروض على قطر وتحدى فكرة اعتبار محمد بن سلمان مصلحا اقتصاديا وسياسيا.
في الوقت الحالي، تتجه جميع الأنظار إلى واشنطن، حيث يبدو أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب سيعلن عن اقتناعه بأن السيد خاشقجي تعرض للقتل. ويمكن لهذا الإقرار أن يؤدي إلى فرض عدة عقوبات على المملكة العربية السعودية، على غرار إلغاء الصفقات الاقتصادية المشتركة معها ومنع فريق القتلة السعودي من الولوج إلى الأراضي الأميركية، فضلا عن حث الملك سلمان على الحد من الصلاحيات الموكلة إلى نجله.
وأوضح الكاتب الإنجليزي أن السعودية ستنتهج سياسة الاعتقالات لإلقاء اللوم على المسؤولين البارزين في جهازها الاستخباراتي، عوضا عن الإقرار بضلوع ابن سلمان في هذه الجريمة. ومن المرجح أن قضية خاشقجي ستقود الدول الغربية إلى قطع علاقتها العسكرية مع المملكة.
وختم مايكل بيرلي بالقول إن صورة محمد بن سلمان باتت ملطخة بالدماء في أعين المجتمع الدولي. وللحد من التصرفات اللامسؤولة التي تقوم بها السعودية، يجدر بالدول الغربية، على غرار المملكة المتحدة، إيقاف صادرات الأسلحة الموجهة نحو المملكة، والنظر في سياستها الخارجية وطريقة تعاملها مع الرياض.