ويحذر خبراء اقتصاديون من أن العراق بات ومنذ سنوات لا يزرع سوى ربع المساحة الصالحة للزراعة من أراضيه، إذ إن معدل المساحات الصالحة للزراعة بالعراق يبلغ 40 مليون دونم بينما يزرع منها وفق الخطط الزراعية 10 ملايين دونم فقط.
وتتزايد عمليات تجريف البساتين وتحويلها إلى مشاريع سكنية، يسكن معظمها فلاحون هجروا أراضيهم واتجهوا نحو المدينة.
وتقول وزارة الزراعة العراقية إنها بدأت في تقليل مساحات الري السطحي (الغمر بالمياه) في خططها الزراعية، وتقليص المحاصيل الصيفية، كما منعت زراعة المحاصيل التي تستهلك كميات كبيرة من المياه مثل الأرز والذرة والكتان، بسبب قلة إيرادات المياه وتراجع المخزون المائي.
ويشير وكيل الوزارة مهدي القيسي إلى أن مساحة الأرض الصالحة للزراعة في العراق شاسعة، لكنها "مقيدة" بسبب قلة الإيرادات المائية والتغيرات المناخية والاحتباس الحراري.
ويضيف للجزيرة نت أنه بسبب ذلك باتت خطة الحكومة للمحاصيل الشتوية تركز على محصولي الحنطة والشعير فقط، إضافة إلى تقلص كثير من المساحات الزراعية بسبب ملوحة التربة ومشاكل بيئية أخرى.
سوء تخطيط
ورغم أن الحكومة العراقية تؤكد باستمرار منعها استيراد المحاصيل التي تتمتع بوفرة في الإنتاج المحلي، فإن السوق العراقية تمتلئ بالخضر والفواكه المستوردة لا سيما من الدول المجاورة.
وتشتكي جمعيات واتحادات فلاحية من عدم وجود قنوات تواصل مع الحكومة، وعدم استجابتها لمطالباتهم بتحسين الواقع الزراعي، مطالبين بالتعاون بين وزارات الزراعة والري والكهرباء والتجارة من أجل "إنقاذ ما يمكن إنقاذه".
ويقول عضو اتحاد المدائن للجمعيات الفلاحية إسماعيل المسعودي إن سوء التخطيط أدى إلى تراجع الزراعة في البلاد، مشيرا إلى أن الخطة الزراعية للعام الماضي كانت تشمل 50% من الحبوب الرئيسية، لكنها انخفضت هذا العام إلى 30% بسبب قلة مياه الري.
ويضرب المسعودي مثالا بمشروع "9 نيسان" في قضاء المدائن جنوبي بغداد والذي يغطي ثلاث مناطق، وتبلغ المساحة المستصلحة منه نحو 50% من أراضيه، لكن بسبب مشكلة الكهرباء تراجعت هذه المساحات المزروعة لأن الماء لا يصل للكثير من المناطق.
ويضيف أن كل هذه العوائق أثرت على قطاعات واسعة من الفلاحين، ودفعتهم لهجرة أراضيهم بحثا عن فرص عمل أفضل في المدينة.
مخالفة القوانين
ورغم وجود قوانين تمنع تجريف البساتين وتحاسب من يقومون بذلك، فإن المساحات الخضراء التي كانت تحيط بالمدن باتت تتقلص يوما بعد آخر بسبب تحويلها إلى مشاريع سكنية، أو جفاف محاصيلها وهجرتها من قبل أصحابها.
وفي منطقة الدورة جنوبي غربي بغداد جفت الكثير من البساتين دون أن تتحرك الجهات المسؤولة لوضع حد لهذا.
وتقول الحكومة العراقية إنها تطبق قانون الغابات والمشاجر الذي صدر عام 2009 وقانون منع تجريف البساتين المشرع عام 2016، ولا تعطي رخصا لتغيير جنس الأرض من زراعية إلى سكنية أو صناعية أبدا، إلا أن واقع الحال يحكي خلاف ذلك.
المصدر : الجزيرة