وعلى الرغم من أن قضية اختفاء خاشقجي طارئة، ولا علاقة مباشرة لها بعلاقات البلدين، إلا أنها على ما يبدو سرّعت في عودة الدفء إلى علاقات البلدين، بفضل الاتصالات الأمنية على خلفية اختفاء خاشقجي بعد دخوله لسفارة بلاده في اسطنبول، كما ظهر في أنباء تداولتها وسائل الإعلام في أكثر من مناسبة.
ويمكن ملاحظة تباشير دفء العلاقات الأمريكية التركية في إعلان السلطات التركية إخلاء سبيل القس الأمريكي أندرو برانسون الذي قضى في الحجز أكثر من 3 سنوات.
ويرى كثيرون أن برانسون خرج بموجب مفاوضات سياسية، لا استنادا إلى أدلة قضائية قاطعة ببراءته، خاصة وأن الحكم حفظ ماء وجه الجانب التركي الذي لطالما أصر على "تطبيق القانون" في وجه الضغط الأمريكي.
وتبعا لهذه التطورات تحسّنت حالة الليرة التركية واستردت بعض أنفاسها، بعد سلسلة من الانهيارات ناجمة عن توتر العلاقات بين واشنطن وأنقرة.
قد تكون بوادر الانفراج في العلاقات التركية الأمريكية، بمثابة "تنفيس" للاحتقان الجديد في علاقات أنقرة والرياض، وتحسبا لمزيد من التصعيد تترتب عليه مصاعب إضافية للاقتصاد التركي، وخاصة إذا وصلت الأزمة إلى درجة الصدام وسحبت السعودية استثماراتها من تركيا وقاطعتها اقتصاديا.
على كل حال، لا يمكن النظر إلى اختفاء خاشقجي على أنه قضية جنائية صرفة، إذ أن ملابساتها قد دقت إسفينا بين السعودية وتركيا، وسعّرت من العداء القائم بين الرياض والدوحة، في حين أنها أعطت بشكل أو بآخر إيران قسطا من الراحة، وكانت بمثابة هدية ثمينة للغاية لقطر.
وتركيا أيضا ربما تحاول أن تكسب مما حصل على أراضيها، أو على الأقل أن تقلل من خسائرها وأن تستغل المناسبة لترتيب علاقاتها مع الولايات المتحدة بطريقة هادئة وبعيدا عن الأنظار المركّزة حاليا على اختفاء خاشقجي الغامض وعلى ما سيحدث من تبعات إذا تأكدت رواية مقتله البشعة.
روسيا اليوم - محمد الطاهر