أزمات اقتصادية
دخلت "آل خليفة" في أزمة اقتصادية جديدة خانقة كادت أن توصل البلاد إلى حافة الإفلاس، ولكن حلفاءها التقليديين تدخلوا مرة أخرى لإنقاذ الوضع وإبعاد شبح سقوط هذه العائلة الحاكمة التي أصبحت تسكن في قصور أشبه ببيت العنكبوت، وعلى إثر هذا التدهور الاقتصادي وقعت حكومة مملكة البحرين، مساء الخميس الماضي، اتفاقية تحصل بموجبها على دعم مالي بقيمة 10 مليارات دولار، من السعودية، والإمارات، والكويت، وفقاً لما نقلته وكالة الأنباء البحرينية الرسمية "بنا".
وستحصل مملكة البحرين على هذا الدعم على صورة قروض ميسرة لتمويل برنامج التوازن المالي لحكومة البحرين، والذي يستهدف تحقيق استقرار المالية العامة ومواصلة تحفيز النمو الاقتصادي، وفقاً لمعايير الأداء والمؤشرات الخاصة.
وبعد أن قدمت هذه الدول مساعدة مالية ضخمة للبحرين، شكر الملك البحريني أشقاءه وقال إن: "الأشقاء في السعودية ودولة الإمارات ودولة الكويت أثبتوا عبر السنوات وفِي مواقف متعددة أن الاقتصاد واحد والنهضة يجب أن تكون واحدة ولا يتخلّف أحدنا عن الآخر"، حسب وكالة الأنباء البحرينية.
الواقع الاقتصادي
أكد الخبراء الاقتصاديون أن اقتصاد البحرين متدهور لدرجة أن احتياطات البنك المركزي لا تكفي لإدارة شؤون البلاد لأكثر من شهر واحد فقط.
وانخفض العائد على سندات البحرين الدولارية التي تستحق في 2023 ست نقاط أساس إلى أدنى مستوى في سبعة أشهر عند 5.64 بالمئة يوم الجمعة.
وأظهرت بيانات صادرة عن الهيئة الرسمية المعنية بالإحصاء في البحرين، أن الناتج المحلي الإجمالي للمملكة المعدل في ضوء التضخم انكمش بنسبة 1.2% في الربع الأول من 2018، مقارنة مع مستواه قبل عام، بفعل هبوط إنتاج النفط.
من جهته توقع صندوق النقد الدولي، الأحد، تباطؤ نمو الاقتصاد البحريني على المدى المتوسط، بسبب فاتورة الديون الكبيرة والمتزايدة، وأضاف صندوق النقد في تقرير حول مشاورات المادة الرابعة مع مملكة البحرين، أن عجز المالية العامة سيستمر في التفاقم رغم تدابير الضبط المالي المزمع.
ورجّح التقرير ارتفاع الدين العام على المدى المتوسط، وبقاء مستوى الاحتياطيات منخفضاً، "وزيادة الانكشاف للمخاطر المالية والخارجية، وضيق أوضاع التمويل العالمية إضافة إلى انخفاض أسعار الطاقة".
وأشار التقرير إلى أن ارتفاع الدّين الحكومي، قد يحدّ من قدرة الحكومة على دعم بنوك البلاد في الأزمة.
والبحرين، تعتبر الأقل إنتاجاً لجهة الموارد النفطية بين دول مجلس التعاون الخليجي، وتنتج نحو 200 ألف برميل من النفط الخام يومياً.
وجاء الإعلان الخليجي، بعد أن أفادت تقارير إعلامية بشأن تراجع الدينار البحريني أمام الدولار الأمريكي لأدنى مستوى في 17 عاماً، وسط إقبال المتعاملين على البيع، نظراً لارتفاع تكلفة الديون السيادية للبحرين، وتآكل الاحتياطات الأجنبية.
سياسات المملكة
لا يشكّ أحد بأن سياسات المملكة الاقتصادية لم تكن مجدية طوال الفترة الماضية وانخفاض قيمة العملة البحرينية أمام الدولار أحد هذه النتائج، بالرغم من حجم الاستثمارات الضخمة التي تملكها البحرين في بعض الدول مثل "مصر" والتي وصلت إلى 4 مليارات دولار، وهذا يوحي ويعطي مؤشراً بأن الفاسد مستشرٍ داخل الدائرة التي تحكم البلاد، خاصة وأن الثروات جميعها بيد مجموعة قليلة من السكان، والأمر الآخر أن تعداد السكان قليل فعلى أي أساس يتضعضع الاقتصاد بهذا الشكل.
ومشكلة البحرين الثانية أنها مثل جيرانها تعتمد بأغلبية ميزانيتها ودخلها على النفط ومشتقاته، يضاف إلى ذلك أنها تأخذ حمايتها من القاعدة الأمريكية التي تتواجد على أراضيها، والتي تعدّ أكبر قواعد البحرية الأمريكية وأسطول البنتاغون الخامس، الذي يدير العمليات العسكرية في الخليج الفارسي والشرق الأوسط.
وبما أن النظام البحريني اعتاد أن يتكل في أزماته على الآخرين لن يكون من السهل عليه اتخاذ خطوات عملية لحل الأزمة الاقتصادية، واعتماده على المساعدات من جديد دليل ذلك، وفي غضون ذلك، نشرت البحرين خطة من 33 صفحة لإصلاح ماليتها العامة المثقلة بالديون والتخلص بشكل أساسي من العجز في ميزانيتها بحلول عام 2022، وأحد أهداف الخطة هو زيادة في الرسوم حتى تحقق هيئة الكهرباء والماء، التي تعاني من عجز قدره 189 مليون دينار (500 مليون دولار)، توازناً بين الإيرادات والمصروفات.
هذه الخطط وغيرها لا يمكن فصلها عن الحالة السياسية للبلد ورفضها الاعتراف بحقوق أكثر من نصف الشعب ومحاصرتهم وقمعهم، وبالتالي فإن لهذه السياسية آثار كبيرة ستستمر ما لم تغير المنامة أسلوبها في التعاطي مع أبناء الشعب البحريني والاعتراف بحقوقهم ومنحهم إياها، لذلك على النظام البحريني إعادة النظر في سياسته الداخلية والخارجية والتي كان أحد نتائجها أيضاً المشاركة في حرب اليمن وصرف مبالغ ضخمة فقط من أجل إرضاء السعودية.