من معجزات وكرامات سيِّد الشهداء أبي عبدالله الحسين(عليه السلام) ما جاء في الكبريت الأحمر ، قال : خرج الحسين(عليه السلام) من المدينة قاصداً زيارة بيت الله الحرام ، ومعه جمع كثير وجمّ غفير ، فمرض من الركب رجل ، فقال للحسين : أشتهي رمّاناً ، فقال(عليه السلام) : هذا بستان فيه أنواع الفواكه ، فامض إليه وتناول ما شئت ، ولم يَعهد أحدٌ قبل ذلك هناك أشجاراً وأثماراً ومياهاً ، فلمَّا شاهد الركب البستان ،دخلوا وتناولوا كلَّ ما اشتهوا ، ولمَّا خرجوا غاب البستان عن نظرهم ، وإذا هم بظبية ، فأشار الحسين(عليه السلام)إليها فأقبلت ، ثمَّ أمرهم أن يذبحها أحد منهم ، ولا يكسر لها عظماً ، إلى أن أكلوا لحمها ، فدعا(عليه السلام) فعادت كما كانت ، فقال(عليه السلام) : أيُّكم يشتهي أن يشرب من حليبها فليحلبها ، إلى أن شرب كلُّهم من حليبها ، وكفى الركب كلَّهم ببركة الحسين(عليه السلام)ودعائه ،ثمَّ قال(عليه السلام) لها: لك خشفات تنتظرك فانصرفي وأرضعيهنَّ ، فانصرفت(2) .
وروى محمد الكناني ، عن أبي عبدالله(عليه السلام) ، قال : خرج الحسين بن علي(عليهما السلام)(3) في بعض أسفاره ، ومعه رجل من ولد الزبير بن العوام يقول بإمامته ،فنزلوا في طريقهم بمنزل تحت نخل يابس من العطش ، ففرش للحسين تحتها ، وبإزائه نخل ليس عليها رطب ، قال : فرفع يده ، ودعا بكلام لم أفهمه ، فاخضرَّت النخلة وعادت إلى حالها وحملت رطباً ، فقال الجمَّال الذي اكترى منه : هذا سحر والله ، فقال الحسين(عليه السلام) : ويلك ، إنه ليس بسحر ، ولكنها دعوة ابن نبيٍّ مستجابة ، ثم صعدوا النخلة فجنوا منها ما كفاهم جميعاً(4).
وروى بعض الأصحاب في كتاب له اسمه التحفة في الكلام ، قال : روى عبدالله بن عباس ، قال : كنت جالساً عند الحسين(عليه السلام) ، فجاءه أعرابي وقال : ضلَّ بعيري وليس لي غيره ، وأنت ابن رسول الله ، أرشدني إليه ، فقال(عليه السلام) : اذهب إلى موضع كذا فإنه فيه ، وفي مقابله أسد ، فذهب إلى ذلك الموضع فوجده كما قال(عليه السلام).
وروى السيد ولي بن نعمة الله الرضوي في كتاب (مجمع البحرين في مناقب السبطين (عليهما السلام)) نقلا من كتاب البهجة ، عن ابن عباس : أن أعرابياً قال للحسين(عليه السلام)يا ابن رسول الله! فقدت ناقتي ، ولم يكن عندي غيرها ، وكان أبوك يرشد الضالة ، ويبلغ المفقود إلى صاحبه ، فقال له الحسين(عليه السلام) : اذهب إلى الموضع الفلاني تجد ناقتك واقفة وفي مواجهها ذئب أسود ، قال : فتوجَّه الأعرابي إلى الموضع ، ثمَّ رجع فقال للحسين(عليه السلام) : يا ابن رسول الله ، وجدت ناقتي في الموضع الفلاني(5).
وروى الحسن البصري وأم سلمة : أن الحسن والحسين (عليهما السلام) دخلا على رسول الله(صلى الله عليه وآله) ، وبين يديه جبرئيل ، فجعلا يدوران يشبِّهانه بدحية الكلبي ، فجعل جبرئيل يومىء بيده كالمتناول شيئاً ، فإذا في يده تفَّاحة وسفرجلة ورمَّانة ، فناولهما ، وتهلَّل وجههما وسعيا إلى جدِّهما ، فأخذ منهما فشمَّهما ، ثمَّ قال : صيرا إلى أمِّكما بما معكما وابدءا بأبيكما ، فصارا كما أمرهما ، فلم يأكلوا حتَّى صار النبيُّ(صلى الله عليه وآله)إليهم ، فأكلوا جميعاً ، فلم يزل كلَّما أكل منه عاد إلى ما كان حتى قُبض رسول الله(صلى الله عليه وآله).
وقال الحجّة الشيخ فرج العمران عليه الرحمة في هذا المعنى :
هَلاَّ شَمَمْتَ رَوَائِحَ التفَّاحِ سَحَراً بمثوى خَامِسِ الأشباحِ
أَوَمَا انْتَشَقْتَ ثَرَى الضريحِ وَزُرْتَهُ بكآبة وَتَفَجُّع ونِيَاحِ
وبكيتَ كالثكلى هناك ولم تكن تُصْغِي لِقَولِ عَوَاذِل وَلَوَاحِي
وذكرتَ مَصْرَعَهُ الذي مِنْ قَبْلِ أَنْ يجري بكاه كُلُّ قَلْب صاحي
تاللهِ لا أنسى ابنَ أحمدَ بالعَرَى مُلْقَىً وفي حَرِّ الهجيرةِ ضاحي
والشمسُ تَصْهَرُ جِسْمَهُ لكنَّه مُتَظَلِّلٌ بأَسِنَّة وَرِمَاحِ
من حَوْلِهِ أبناءُ فِهْر أصبحوا صرعى على وَجْهِ الثرى كأضاحي
نَسَجَتْ لهم أيدي الرياحِ مَلاَبساً وَرُؤُوسُهم رُفِعَت على الأَرْمَاحِ
مِنْ بَعْدِ أَنْ نَصَرُوه يَا طُوْبَى لهم عِنْدَ ازدحامِ الجَيْشِ يومَ صِيَاحِ
واستقبلوا عنه الظبا بصُدُورِهِمْ وبأَوْجُه مِثْلِ البُدُورِ صِبَاحِ
الهوامش:
1-رياح المدح والرثاء ، الشيخ حسين القديحي : 163 .
2-معالي السبطين ، الحائري : 1/106 .
3-وفي الخرائج والجرائح للراوندي : 2/571 ح 1 (الحسن بن علي(عليهما السلام) .
4-دلائل الإمامة ، الطبري : 186 ح 10 .
5-إثبات الهداة ، الحر العاملي : 5/211 .
المصدر:المجالس العاشورية في المآتم الحسينية