من وحي محرم...قصة السيدة زينب(ع)مع هند زوجة يزيد لعنه الله!

الأحد 23 سبتمبر 2018 - 10:09 بتوقيت مكة
من وحي محرم...قصة السيدة زينب(ع)مع هند زوجة يزيد لعنه الله!

ولمّا جاؤوا بعائلة الإمام الحسين إلى الشام، دخلت امرأة على هند وقالت لها: لقد أقبَلوا بسبايا ولا أعلَم من أين هم، فلعلّك تمضين إليهنّ وتتفرّجين عليهن!

لقد جاء في التاريخ أنّ امرأةً كانت تُسمّى «هند بنت عبد الله بن عامر»، لمّا قُتل أبوها جاءت إلى دار الإمام أمير المؤمنين علي ، وبَقيَت هناك مدّة من الزمن تَخدم في دار الإمام، وكانت على قدر من الجمال، ولمّا قتل الإمام أمير المؤمنين إنتقلت إلى دار الإمام الحسن المجتبى ، وكانت تخدم هناك في دار الإمام أيضاً، فسمع عنها معاوية فطلبها وزوّجها لإبنه يزيد، فبَقيت في دار يزيد، وهي تَستَخبِر دائماً عن الإمام الحسن والإمام الحسين وتُحاول أن تَسمَع أخبارهم من القادمين من المدينة المنوّرة.

ولمّا قتل الإمام الحسين ، لم تَعلَم هند بالخبر!

ولمّا جاؤوا بعائلة الإمام الحسين إلى الشام، دخلت امرأة على هند وقالت لها: لقد أقبَلوا بسبايا ولا أعلَم من أين هم، فلعلّك تمضين إليهنّ وتتفرّجين عليهن!

فقامت هند ولَبِست أفخر ثيابها وتخمّرت بخِمارها ولبِست إزارها، وأمرت خادمةً لها أن تُرافقها وتحمل معها الكرسي حتى لا تجلس على التراب.

وأقبلت هند ومعها الخدم يحملون معهم القناديل لإضاءة الطريق، فلمّا رأتها السيدة زينب مُقبلة، هَمَسَت في أذن أختها أم كلثوم وقالت: أُخيّة، أتعرفين هذه الجارية؟

فقالت: لا والله.

فقالت زينب: هذه خادمتنا هند بنت عبد الله!

فسكتت أمّ كلثوم ونكّست رأسها!

فأقبلت هند وجلست على الكرسي قريباً من السيدة زينب ـ باعتبارها زعيمة القافلة ـ، وقالت: أخيّة، أراكِ طأطأتِ رأسكِ؟

فسكتت زينب ولم تردّ جواباً!

ثم قالت هند: أخيّة، من أي البلاد أنتم!

فقالت السيدة زينب: من بلاد المدينة!

فلمّا سمعت هند بذكر المدينة، نزلت عن الكرسي وقالت: على ساكنها أفضل السلام.

ثم التفتت إليها السيدة زينب وقالت: أراكِ نزلتِ عن الكرسي؟

قالت هند: إجلالاً لمن سكن في أرض المدينة!

ثم قالت هند: أخيّة، أريد أن أسألكِ عن بيت في المدينة؟

فقالت السيدة زينب: إسألي عمّا بدا لكِ.

قالت: أسألكِ عن دار علي بن أبي طالب.

قالت لها السيدة زينب: ومِن أينَ لكِ المعرفة بدار علي؟

فبَكت هند وقالت: إنّي كنت خادمة عندهم.

قالت لها السيدة زينب: وعن أيّما تسألين؟

قالت: أسألك عن الحسين واخوته وأولاده، وعن بقيّة أولاد علي، وأسألك عن سيدتي زينب! وعن أختها أم كلثوم، وعن بقيّة مخدّرات فاطمة الزهراء.

فبَكت ـ عند ذلك ـ زينب بكاءً شديداً، وقالت لها يا هند: أمّا إن سألتِ عن دار علي، فقد خَلّفناها تنعى أهلها، وأما إن سألتِ عن الحسين، فهذا رأسه بين يدي يزيد، وأمّا إن سألتِ عن العباس وعن بقية أولاد علي ، فقد خلّفناهم على الأرض مجزّرين كالأضاحي بلا رؤوس، وإن سألت عن زين العابدين، فها هو عليل نحيل، لا يطيق النهوض من كثرة المرض والأسقام، وإن سألتِ عن زينب، فأنا زينب بنت علي! وهذه أمّ كلثوم، وهؤلاء بقية مخدّرات فاطمة الزهراء!

فلمّا سمعت هند كلام السيدة زينب، رقّت وبكت ونادت: وا إماماه! وا سيداه! وا حسيناه! ليتني كنتُ قبل هذا اليوم عمياء ولا أنظر بنات فاطمة الزهراء على هذه الحالة، ثم تناولت حجراً وضربت به رأسها! فسال الدم على وجهها ومقنعتها، وغشي عليها.

فلمّا أفاقت من غشيتها، أتت إليها السيدة زينب وقالت لها: يا هند قومي واذهبي إلى دارك، لأنّي أخشى عليك من بعلكِ يزيد.

فقالت هند: والله لا أذهب، حتى أنوح على سيّدي ومولاي أبي عبد الله، وحتى أُدخِلكِ وسائر النساء الهاشميّات معي إلى داري!

فقامت هند وحَسَرت رأسها وخرجت حافية إلى يزيد وهو في مجلس عام، وقالت: يا يزيد! أنت أمرتَ رأس الحسين يُشال على الرمح عند باب الدار؟ أرأسُ ابن فاطمة بنت رسول الله مصلوب على فناء داري؟!

وكان يزيد في ذلك الوقت جالساً وعلى رأسه تاج مكلّل بالدر والياقوت والجواهر النفيسة، فلمّا رأى زوجته على تلك الحالة وَثَب إليها وغطّاها وقال: نعم، فاعوِلي يا هند وابكي على ابن بنت رسول الله وصريخة قريش، فقد عجّل عليه ابن زياد فقتله، قتله الله!!!

فلمّا رأت هند أنّ يزيد غطّاها، قالت له: ويلك يا يزيد، أخَذَتك الحميّة عليّ، فلِم لاأخذتك الحميّة على بنات فاطمة الزهراء؟! هتكتَ ستورهنّ وأبديتَ وجوههنّ وأنزلتهنّ في دارٍ خرِبة! والله لا أدخل حرَمَك حتى أُدخلهنّ معي.

فأمر يزيد بهنّ إلى منزله وأنزلهم في داره الخاصّة، فلمّا دخلت نساء أهل البيت في دار يزيد، إستقبلتهنّ نساء آل أبي سفيان، وتهافتنَ يُقبّلن أيدي بنات رسول الله وأرجلهن، ونُحنَ وبكين على الحسين، ونزعن ما عليهنّ من الحُلي والزينة، وأقمن المأتم والعزاء ثلاثة أيام.

المصدر: كتاب "معالي السبطين"

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

الأحد 23 سبتمبر 2018 - 09:53 بتوقيت مكة