الشيخ محمد صنقور
هذا سؤال يتردد على ألسن الناس كثيرا لذا ارتأينا أن نجيب عنه في هذه المقالة.
في الواقع، قضية تزويج القاسم بن الحسن (ع) يوم عاشوراء في كربلاء ليست مورد جدلٍ عند العلماء، فهي ليست ثابتة عند أحدٍ منهم، إذ لم يرد ذكرها في شيئٍ من مصادرنا المعتبرة ولو في الجملة.
نعم تفرَّد كتاب المنتخب المنسوب لفخر الدين الطريحي (رحمه الله) بنقل روايةٍ مفادها انَّ الحسين (ع) عقد للقاسم على إبنةٍ له لم يسمِّها إلا انَّه لم يذكر سنده إليها، فهي ضعيفة نظراً لكونها مرسَلة ،هذا مضافا إلى انَّه لم يذكر مصدره للرواية ، والفاصلة بينه وبين واقعة الطف تزيد على الألف عام، فليس من وسيلةٍ للتثبُّت من صدور الرواية، على انَّ من غير المحرَز إنتساب كلِّ ما هو مكتوب في كتاب المنتخب للشيخ الطريحي رحمه الله، فلا يبعد انَّه قد أُضيف عليه ما ليس منه كما إحتمل ذلك بل جزم به بعض المحقِّقين.
و لو ثبت انَّ المذكور في كتاب المنتخب مُنتَسِبٌ واقعاً لفخر الدين الطريحي فإنَّ ذلك لا ينفي الضعف عن الرواية المذكورة بعد أنْ لم يذكر لها سنداً بل ولا مصدراً، وبعد عدم قيام القرائن الموجبة للوثوق أو حتى الظن بوقوعها.
فالرواية ساقطة عن الإعتبار سنداً بل لا يخلو متنها من وهن، فلا ينبغي تناولها في مجالس العزاء حرصاً على المصداقية.
وأما ما يذكره بعض الإخوة الخطباء في مقام الإستدلال على ثبوت الرواية فهو في غالبه من الحديث عن الإمكان، والإمكان ليس مورداً للإشكال إلا انَّه لا يُنتج الإثبات للصدور، إذ انَّ الذي يُثبت الوثوق بصدور الرواية هو إما سلامة سندها إو إكتنافها بقرائن موجبة للوثوق بالصدور، وكلُّ ذلك غير متاح، فالرواية مرسَلةٌ بل هي من أضعف ما تكون عليه المراسيل نظراً لخلوها أساسأ من السند هذا مضافاً إلى انَّه قد تفرَّد بنقلها مَن تفصله عن واقعة الطف فاصلةٌ زمنيَّة تربو على الألف عام، وليس في النصوص الحديثيَّة أو التأريخية ما يُشعر بوقوع ما اشتملت عليه الرواية من مضامين، وليس ثمة من موانع تقتضي عدم نقلها لو كانت قد وقعت ، هذا مع قطع النظر عن غرابة بعض مضامين الرواية التي يحتاج الإستئناس بها ورفع الإستيحاش عنها إلى توجيهٍ لا يخلو من تكلُّف.
المصدر:مركز الهدى للدراسات الإسلامية