مع المجالس الحسينية المكتوبة..المجلس الثاني من يوم عاشوراء..خطبة الإمام الحسين(ع) يوم عاشوراء

الخميس 20 سبتمبر 2018 - 09:53 بتوقيت مكة
مع المجالس الحسينية المكتوبة..المجلس الثاني من يوم عاشوراء..خطبة الإمام الحسين(ع) يوم عاشوراء

لست ابن بنت نبيِّكم ، وابن وصيِّه وابن عمِّه وأول مؤمن مصدِّق لرسول الله(صلى الله عليه وآله) بما جاء به من عند ربِّه؟ أو ليس حمزة سيِّد الشهداء عمّي؟ أو ليس جعفر الطيار في الجنّة بجناحين عمّي؟...

الشيخ عبد الله ابن الحاج حسن آل درويش

جاء في بعض زيارات الإمام الحسين(عليه السلام) الشريفة : أشهد أن دمك سكن في الخلد ، واقشعرّت له أظلّة العرش ، وبكى له جميع الخلائق ، وبكت له السماوات السبع ، والأرضون السبع ، وما فيهن وما بينهن ، ومن يتقلَّب في الجنّة والنار من خلق ربِّنا ، وما يُرى وما لا يُرى ، أشهد أنّك حجَّة الله وابن حجّته ، وأشهد أنك قتيل الله وابن قتيله ، وأشهد أنك ثائر الله وابن ثائره ، وأشهد أنك وتر الله الموتور في السماوات والأرض، وأشهد أنك قد بلَّغت ونصحت ، ووفيت وأوفيت،وجاهدت في سبيل الله ، ومضيت للذي كنت عليه شهيداً ومستشهِداً ، وشاهداً ومشهوداً . .

قال بعض الرواة : وأصبح الحسين(عليه السلام) فعبَّأ أصحابه بعد صلاة الغداة ، وكان معه اثنان وثلاثون فارساً وأربعون راجلا ، وقال السيِّد ابن طاووس عليه الرحمة : روي عن الباقر(عليه السلام) أنهم كانوا خمسة وأربعين فرساً ومائة راجل ، وكذا قال ابن نما .

قال الشيخ المفيد عليه الرحمة : فجعل زهير بن القين في ميمنة أصحابه ، وحبيب بن مظاهر في ميسرة أصحابه ، وأعطى رايته العباس أخاه ، وجعلوا البيوت في ظهورهم ، وأمر بحطب وقصب كان من وراء البيوت أن يُترك في خندق كان قد حفر هناك ، وأن يُحرق بالنار مخافة أن يأتوهم من ورائهم .

وأصبح عمر بن سعد في ذلك اليوم وهو يوم الجمعة ، وقيل يوم السبت ، فعبَّأ أصحابه ، وخرج فيمن معه من الناس نحو الحسين (عليه السلام) ، وكان على ميمنته عمرو بن الحجاج ، وعلى ميسرته شمر بن ذي الجوشن ، وعلى الخيل عروة بن قيس ، وعلى الرجّالة شبث بن ربعي ، وأعطى الراية دريداً مولاه ، وقال محمد بن أبي طالب : وكان نيفا على اثنين وعشرين ألفا ، وفي رواية عن الإمام الصادق(عليه السلام) : ثلاثين ألفاً .

وفي ذلك يقول السيد رضا الهندي عليه الرحمة :

وعاد ريحانة المختار منفرداً               بين العدى ما له حام ولا عضدُ

يكر فيهم بماضيه فيهزمُهم               وهم ثلاثون ألفاً وهو منفردُ

لو شئت ياعلة التكوين محوَهُم        ما كان يثبُتُ منهم في الوغى أحد

قال الشيخ المفيد عليه الرحمة : روي عن علي بن الحسين(عليه السلام) أنه قال : لمَّا أصبحت الخيل تُقبل على الحسين(عليه السلام) رفع يديه وقال : اللهم أنت ثقتي في كل كرب ، ورجائي في كل شدّة ، وأنت لي في كل أمر نزل بي ثقة وعدّة ، كم من كرب يَضعف عنه الفؤاد ، وتقلُّ فيه الحيلة ، ويخذل فيه الصديق ، ويشمت فيه العدوُّ ، أنزلته بك وشكوته إليك ، رغبةً منّي إليك عمَّن سواك ، ففرَّجته وكشفته ، فأنت وليُّ كل نعمة ، وصاحب كل حسنة ، ومنتهى كل رغبة .

قال : فأقبل القوم يجولون حول بيت الحسين (عليه السلام) ، فيرون الخندق في ظهورهم والنار تضطرم في الحطب والقصب الذي كان اُلقي فيه ، فنادى شمر بن ذي الجوشن بأعلى صوته : يا حسين! أتعجَّلت بالنار قبل يوم القيامة؟ فقال الحسين(عليه السلام) : من هذا؟ كأنه شمر بن ذي الجوشن؟ فقالوا : نعم ، فقال له : يا بن راعية المعزى! أنت أولى بها صليّا .

ورام مسلم بن عوسجة أن يرميه بسهم فمنعه الحسين(عليه السلام) من ذلك ، فقال له : دعني حتى أرميه ، فإن الفاسق من أعداء الله وعظماء الجبّارين ، وقد أمكن الله منه ، فقال له الحسين(عليه السلام) : لا ترمه؛ فإني أكره أن أبدأهم بقتال.

وقال محمد بن أبي طالب : وركب أصحاب عمر بن سعد ، فقرِّب إلى الحسين (عليه السلام) فرسه فاستوى عليه ، وتقدَّم نحو القوم في نفر من أصحابه ، وبين يديه برير بن خضير ، فقال له الحسين(عليه السلام) : كلِّم القوم ، فتقدَّم برير فقال : يا قوم! اتقوا الله ، فإن ثقل محمد قد أصبح بين أظهركم ، هؤلاء ذرّيّته وعترته وبناته وحرمه ، فهاتوا ما عندكم ، وما الذي تريدون أن تصنعوه بهم؟ فقالوا : نريد أن نمكِّن منهم الأمير ابن زياد فيرى رأيه فيهم ، فقال لهم برير : أفلا تَقبلون منهم أن يرجعوا إلى المكان الذي جاؤوا منه؟ ويلكم يا أهل الكوفة ، أنسيتم كتبكم وعهودكم التي أعطيتموها وأشهدتم الله عليها ، يا ويلكم ، أدعوتم أهل بيت نبيِّكم ، وزعمتم أنكم تقتلون أنفسكم دونهم ، حتى إذا أتوكم أسلمتموهم إلى ابن زياد ، وحلأتموهم عن ماء الفرات؟! بئس ما خلفتم نبيَّكم في ذرّيّته ، ما لكم؟ لا سقاكم الله يوم القيامة ، فبئس القوم أنتم .

فقال له نفر منهم : يا هذا! ما ندري ما تقول، فقال برير : الحمد لله الذي زادني فيكم بصيرة ، اللهم إنّي أبرأ إليك من فعال هؤلاء القوم ، اللهم ألق بأسهم بينهم ، حتى يلقوك وأنت عليهم غضبان، فجعل القوم يرمونه بالسهام فرجع برير إلى ورائه .

وتقدَّم الحسين(عليه السلام) حتى وقف بإزاء القوم ، فجعل ينظر إلى صفوفهم كأنهم السيل ، ونظر إلى ابن سعد واقفاً في صناديد الكوفة ، فقال : الحمد لله الذي خلق الدنيا فجعلها دار فناء وزوال ، متصرِّفة بأهلها حالا بعد حال ، فالمغرور من غرَّته ، والشقيُّ من فتنته ، فلا تغرَّنَّكم هذه الدنيا ، فإنها تقطع رجاء مَنْ ركن إليها ، وتُخيِّب طمع مَنْ طمع فيها ، وأراكم قد اجتمعتم على أمر قد أسخطتم الله فيه عليكم ، وأعرض بوجهه الكريم عنكم ، وأحلَّ بكم نقمته ، وجنَّبكم رحمته ، فنعم الربُّ ربُّنا ، وبئس العبيد أنتم ، أقررتم بالطاعة ، وآمنتم بالرسول محمد(صلى الله عليه وآله) ، ثمَّ إنّكم زحفتم إلى ذرّيّته وعترته تريدون قتلهم ، لقد استحوذ عليكم الشيطان ، فأنساكم ذكر الله العظيم ، فتّباً لكم ولما تريدون ، إنّا لله وإنّا إليه راجعون ، هؤلاء قوم كفروا بعد إيمانهم فبعداً للقوم الظالمين .

فقال عمر : ويلكم ، كلِّموه فإنّه ابن أبيه ، والله لو وقف فيكم هكذا يوماً جديداً لما انقطع ولما حَصُر ، فكلِّموه ، فتقدَّم شمر لعنه الله فقال : يا حسين! ما هذا

الذي تقول؟ أفهمنا حتى نفهم .

فقال : أقول : اتقوا الله ربَّكم ولا تقتلوني ، فإنه لا يحلُّ لكم قتلي ، ولا انتهاك حرمتي ، فإنّي ابن بنت نبيِّكم ، وجدّتي خديجة زوجة نبيِّكم ، ولعلّه قد بلغكم قول نبيِّكم (صلى الله عليه وآله وسلم) : الحسن والحسين سيِّدا شباب أهل الجنة . .

وقال الشيخ المفيد عليه الرحمة : ودعا الحسين(عليه السلام) براحلته فركبها ، ونادى بأعلى صوته : يا أهل العراق ـ وجلُّهم يسمعون ـ فقال : أيُّها الناس! اسمعوا قولي ولا تعجلوا حتى أعظكم بما يحقُّ لكم عليَّ ، وحتى أعذر عليكم ، فإن أعطيتموني النصف كنتم بذلك أسعد وإن لم تعطوني النصف من أنفسكم فاجمعوا رأيكم ، ثم لا يكن أمركم عليكم غمَّة ، ثم اقضوا إليَّ ولا تنظرون ، إن وليّي الله الذي نزَّل الكتاب وهو يتولَّى الصالحين .

ثمَّ حمد الله وأثنى عليه ، وذكر الله بما هو أهله ، وصلَّى على النبيِّ (صلى الله عليه وآله وسلم) وعلى ملائكته وعلى أنبيائه ، فلم يسمع متكلِّم قط قبله ولا بعده أبلغ منه في منطق .

ثمَّ قال : أمَّا بعد ، فانسبوني فانظروا من أنا ، ثم راجعوا أنفسكم وعاتبوها فانظروا هل يصلح لكم قتلي وانتهاك حرمتي؟ ألست ابن بنت نبيِّكم ، وابن وصيِّه وابن عمِّه وأول مؤمن مصدِّق لرسول الله(صلى الله عليه وآله) بما جاء به من عند ربِّه؟ أو ليس حمزة سيِّد الشهداء عمّي؟ أو ليس جعفر الطيار في الجنّة بجناحين عمّي؟ أو لم يبلغكم ما قال رسول الله(صلى الله عليه وآله) لي ولأخي : هذان سيِّدا شباب أهل الجنّة؟ فإن صدَّقتموني بما أقول وهو الحق ، والله ما تعمَّدت كذباً مذ علمت أن الله يمقت عليه أهله ، وإن كذَّبتموني فإنّ فيكم مَنْ إنْ سألتموه عن ذلك أخبركم ، اسألوا جابر بن عبدالله الأنصاري ، وأبا سعيد الخدري ، وسهل بن سعد الساعدي ، وزيد بن أرقم ، وأنس بن مالك يخبروكم أنّهم سمعوا هذه المقالة من رسول الله(صلى الله عليه وآله) لي ولأخي ، أما في هذا حاجز لكم عن سفك دمي؟

فقال له شمر بن ذي الجوشن : هو يعبد الله على حرف إن كان يدري ما تقول ، فقال له حبيب بن مظاهر : والله إنّي لأراك تعبد الله على سبعين حرفاً ، وأنا أشهد أنك صادق ما تدري ما يقول ، قد طبع الله على قلبك .

ثمَّ قال لهم الحسين(عليه السلام) : فإن كنتم في شك من هذا أفتشكُّون أني ابن بنت نبيِّكم؟ فوالله ما بين المشرق والمغرب ابن بنت نبيٍّ غيري فيكم ولا في غيركم ، ويحكم ، أتطلبوني بقتيل منكم قتلته؟ أو مال لكم استهلكته؟ أو بقصاص من جراحة؟

فأخذوا لا يكلِّمونه ، فنادى : يا شبث بن ربعي! يا حجّار بن أبجر! يا قيس بن الأشعث! يا يزيد بن الحارث! ألم تكتبوا إليَّ أن قد أينعت الثمار ، واخضرَّ الجناب ، وإنّما تقدم على جند لك مجنَّد؟ فقال له قيس بن الأشعث : ما ندري ما تقول ، ولكن انزل على حكم بني عمِّك ، فإنّهم لن يروك إلاَّ ما تحب ، فقال لهم الحسين(عليه السلام) : لا والله لا أعطيكم بيدي إعطاء الذليل ، ولا أقرُّ لكم إقرار العبيد .

ثمَّ نادى : يا عباد الله! إنّي عذت بربّي وربِّكم أن تُرجمون ، وأعوذ بربّي وربِّكم من كل متكبِّر لا يؤمن بيوم الحساب .

ثم إنَّه أناخ راحلته ، وأمر عقبة بن سمعان بعقلها ، وأقبلوا يزحفون نحوه.

وفي المناقب روى بإسناده عن عبدالله قال : لما عبَّأ عمر بن سعد أصحابه لمحاربة الحسين بن علي(عليهما السلام) ، ورتَّبهم مراتبهم ، وأقام الرايات في مواضعها ، وعبَّأ أصحاب الميمنة والميسرة ، فقال لأصحاب القلب : اثبتوا ، وأحاطوا بالحسين من كل جانب حتى جعلوه في مثل الحلقة ، فخرج(عليه السلام) حتى أتى الناس ، فاستنصتهم فأبوا أن ينصتوا ، حتى قال لهم : ويلكم ، ما عليكم أن تنصتوا إليَّ فتسمعوا قولي؟ وإنّما أدعوكم إلى سبيل الرشاد ، فمن أطاعني كان من المرشدين ، ومن عصاني كان من المهلكين ، وكلّكم عاص لأمري ، غير مستمع قولي ، فقد مُلئت بطونكم من الحرام ، وطُبع على قلوبكم ، ويلكم ، ألا تنصتون؟ ألا تسمعون؟ فتلاوم أصحاب عمر بن سعد بينهم وقالوا : أنصتوا له .

فقام الحسين(عليه السلام) ثمَّ قال : تبّاً لكم أيَّتُها الجماعة وترحاً ، أفحين استصرختمونا ولهين متحيِّرين فأصرختكم مؤدين مستعدين ، سللتم علينا سيفاً في رقابنا ، وحششتم علينا نار الفتن خباها عدوُّكم وعدوُّنا ، فأصبحتم إلباً على أوليائكم ، ويداً عليهم لأعدائكم ، بغير عدل أفشوه فيكم ، ولا أمل أصبح لكم فيهم ، إلاَّ الحرام من الدنيا أنالوكم ، وخسيس عيش طمعتم فيه ، من غير حدث كان منّا ، ولا رأي تفيل لنا ، فهلاّ ـ لكم الويلات ـ إذ كرهتمونا وتركتمونا تجهَّزتموها والسيف لم يشهر ، والجاش طامن ، والرأي لم يستحصف ، ولكن أسرعتم علينا كطيرة الذباب ، وتداعيتم كتداعي الفراش ، فقبحاً لكم ، فإنّما أنتم من طواغيت الأمّة ، وشذّاذ الأحزاب ، ونبذة الكتاب ، ونفثة الشيطان ، وعصبة الآثام ، ومحرِّفي الكتاب ، ومطفئي السنن ، وقتلة أولاد الأنبياء ، ومبيري عترة الأوصياء ، وملحقي العهار بالنسب ، ومؤذي المؤمنين ، وصراخ أئمّة المستهزئين ، الذين جعلوا القرآن عضين .

وأنتم ابن حرب وأشياعه تعتمدون ، وإيّانا تخاذلون ، أجل والله ، الخذل فيكم معروف ، وشجت عليه عروقكم ، وتوارثته أصولكم وفروعكم ، وثبتت عليه قلوبكم ، وغشيت صدوركم ، فكنتم أخبث شيء سنخاً للناصب ، وأكلة للغاصب ، ألا لعنة الله على الناكثين الذين ينقضون الأيمان بعد توكيدها ، وقد جعلتم الله عليكم كفيلا ، فأنتم والله هُم .

ألا إنّ الدعيَّ ابن الدعيِّ قد ركز بين اثنتين ، بين القتلة والذلّة ، وهيهات ما آخذ الدنيّة ، أبى الله ذلك ورسوله ، وجدود طابت ، وحجور طهرت ، وأنوف حميّة ، ونفوس أبيّة لا تؤثر مصارع اللئام على مصارع الكرام ، ألا قد أعذرت وأنذرت ، ألا إنّي زاحف بهذه الأسرة ، على قلّة العتاد ، وخذلة الأصحاب .

ثم أنشأ يقول :

فَإِنْ نَهْزَمْ فهزَّامون قِدْماً               وَإِنْ نُهْزَمْ فغيرُ مُهَزَّمينا

وَمَا إِنْ طِبُّنا جُبُنٌ ولكنْ                  مَنَايَانا وَدَوْلَةُ آخرينا

وزاد بعدهما في الملهوف :

إِذَا ما الموتُ رَفَّعَ عن أُناس                  كَلاَكِلَهُ أَنَاخ بآخرينا

فأفنى ذالكم سَرَوَاتِ قومي              كَمَا أفنى القُرُونَ الأوَّلينا

فلو خَلُدَ الملوكُ إذاً خَلُدْنا                   ولو بقي الكِرَامُ إذاً بقينا

فَقُلْ للشامتين بِنَا أَفيقوا                  سَيَلقى الشامتون كَمَا لَقِينا

ألا! ثم لا تلبثون بعدها إلاَّ كريث ما يركب الفرس ، حتى تدور بكم الرحى ، عهد عهده إليَّ أبي عن جدّي ، فأجمعوا أمركم وشركاءكم ، ثم كيدوني جميعاً فلا تنظرون ، إنّي توكلت على الله ربّي وربّكم ، ما من دابّة إلاَّ هو آخذ بناصيتها ، إن ربّي على صراط مستقيم ، اللهم احبس عنهم قطر السماء ، وابعث عليهم سنين كسنِّي يوسف ، وسلَّط عليهم غلام ثقيف يسقيهم كأساً مصبرة ، ولا يدع فيهم أحداً إلاَّ قتله قتلة بقتلة ، وضربة بضربة ، ينتقم لي ولأوليائي وأهل بيتي وأشياعي منهم ، فإنّهم غرُّونا وكذَّبونا وخذلونا ، وأنت ربُّنا ، عليك توكَّلنا ، وإليك أنبنا ، وإليك المصير .

ثمَّ قال : أين عمر بن سعد؟ ادعوا لي عمر! فدعي له ، وكان كارهاً لا يحبُّ أن يأتيه ، فقال : يا عمر! أنت تقتلني؟ تزعم أن يولِّيك الدعيُّ ابن الدعيِّ بلاد الريِّ وجرجان ، والله لا تتهنَّأ بذلك أبداً ، عهداً ومعهوداً ، فاصنع ما أنت صانع ، فإنّك لا تفرح بعدي بدنيا ولا آخرة ، ولكأنّي برأسك على قصبة قد نُصب بالكوفة ، يتراماه الصبيان ويتخذونه غرضاً بينهم .

فاغتاظ عمر من كلامه ، ثمَّ صرف بوجهه عنه ، ونادى بأصحابه : ما تنتظرون به؟ احملوا بأجمعكم ، إنّما هي أكلة واحدة .

ثم إن الحسين(عليه السلام) دعا بفرس رسول الله(صلى الله عليه وآله) المرتجز فركبه ، وعبَّأ أصحابه.

قَسَتِ القُلُوبُ فَلَمْ تَمِلْ لهداية            تبّاً لهاتيك القُلُوبِ القاسيه

مَا ذَاقَ طَعْمَ فُرَاتِهِمْ حَتَّى                 قَضَى        عَطَشَاً وَغُسِّلَ بالدِّمَاءِ القَانِيه

المصدر:المجالس العاشورية في المآتم الحسينية

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

الخميس 20 سبتمبر 2018 - 09:53 بتوقيت مكة