القلق الاميركي الاسرائيلي من ايران ليس وليد اليوم اثر مشاركتها في تحرير الاراضي السورية من قبضة الارهابيين ومشغليهم، انما هو قلق عمره ما يقارب الاربعة عقود وتحديدا منذ انبثاق وانتصار الثورة الاسلامية في ايران وقلبها موازين القوى الاقليمية وقطع اليد الاميركية ويد نظيرتها الاسرائيلية وتحويل السفارة الاسرائيلية الى سفارة اولى في العالم لفلسطين المحتلة.
غير ان هذا القلق يزداد سعة وشدة يوما بعد اخر مع فشل كل المحاولات الصهيوأميركية وعملائهم الفاسدين في المنطقة لتقويض الانفتاح الايراني على دول الجوار وحصره في بوتقة داخلية بعيدة عن ارهاصات وتبعات التسلط الاميركي الغربي والاسرائيلي على مقدرات الشعوب والدول المحيطة بايران ومنها العراق وسوريا ولبنان وفلسطين المحتلة وصولا الى البحر المتوسط.
ما يؤرق الثنائي الاميركي الاسرائيلي اليوم اكثر من قبل، اقتراب دول الممانعة ومحور المقاومة من اكمال انجاز حزام امني يمتد من طهران الى حدود فلسطين المحتلة ولبنان وسوريا وصولا الى المتوسط، ما دفع الولايات المتحدة لشد الاحزمة والاقلاع نحو حرب اقتصادية شديدة الوقع والمراس على ايران بدأتها بالغاء الاتفاق النووي مع طهران وتشديد الحظر عليها تزامنا مع حرب اعلامية مبنية على الشائعات المغرضة الكاذبة الملفقة لبثها على جانبي الحدود العراقية الايرانية وداخل البلدين لاثارة اللغط والاجواء المسمومة التي تصب لصالح رصيد مسلسل فاشل من المحاولات السابقة لعزل ايران عن العراق واغلاق الحدود بين الدولتين الجارتين.
يقول المحلل الروسي قسطنطين ستروغونوف، ان المفاوضات بين موسكو وواشنطن و"تل أبيب" حالت دون اقتراب طھران من الحدود بين سوريا وفلسطين المحتلة، وان واشنطن تسعى في ھذه المرحلة من الحرب السورية إلى منع إنشاء "حزام" يمتد، من طھران إلى حدود فلسطين المحتلة مع لبنان وسوريا وصولا إلى المتوسط.
في المقابل، صدرت معلومات أمنية رفيعة من “تل أبيب” تشير الى أن “لدى الكيان الاسرائيلي ما يكفي من معلومات تثير القلق من الوضع في سوريا اليوم، وأيضاً في المستقبل، فالخطر يأتي أولا وأخيرا من الوجود الإيراني القوي في سوريا.
لذا، جاءت التھديدات الإسرائيلية المتزايدة للرئيس السوري بشار الأسد كي تقول عمليا إن الكيان الاسرائيلي لن يقف على الحياد، وبدأ بحملة لحض الأوروبيين على عدم الاستثمار في سوريا، إلا إذا ضمنت الاخيرة خروج إيران من سوريا.
من هنا فان مساعي اميركا وتل ابيب المنصبة على اهمية قفل الحدود الغربية لايران لمنع امتدادها الى حدود فلسطين المحتلة لم تكن وليدة اليوم انما هي مساع متواصلة نستطيع القول وبجدارة انها بدأت مع دفع الولايات المتحدة الاميركية لصدام لشن الحرب ضد ايران وعزلها عن محيطها العربي.
ثم توالت محاولات اميركا بحضورها الفعلي الى المنطقة واحتلالها افغانستان ثم العراق ما يعني فرض طوق حول ايران ومحاصرتها شرقا وغربا وجنوبا وشمالا، ثم اضطرارها للانسحاب من العراق اثر الخسائر غير المتوقعة التي لحقت بها في هذا البلد وما تسببت حروبها من ازمة مالية متفاقمة هيمنت على اقتصادها والاقتصاد العالمي برمته.
تبع ذلك محاولة الولايات المتحدة وعملائها في المنطقة تسريب صنيعتها التكفيرية المعروفة بجماعة "داعش" الوهابية "السعودية المنشأ"، لطرد حكومة بغداد ومسك الحدود العراقية الايرانية، وقد فشلت أميركا وفشلت "داعش" الوهابية بتصديها من قبل السواعد العراقية وبمساعدة ايران بمد العراق بالاسلحة والمستشارين العسكريين.
تبع فشل هذه الجماعة الارهابية "داعش"، تحرك صهيواميركي من نوع جديد، تركز على سيناريو محاولة انفصال منطقة كردستان العراق وما يتبع ذلك من السيطرة على حدود خانقين نزولا الى الكوت الى شمال ميسان، وكان هناك من يشيع ان حدود كردستان العراق تمتد مع تلال حمرين الى خانقين والكوت وميسان.. علما ان هذه التلال تمتد الى شمال البصرة الى شمال منطقة الفيحاء والتنومة وتنتهي اندماجا مع جنوب مدينة خرمشهر الايرانية.. بمعنى كان السعي جادا لمسك الحدود العراقية الايرانية وغلقها نهائيا.. وقد فشل هذا السيناريو في مهده.
جاءت اليوم هجمة اوسع وأعنف من كل الهجمات السابقة شملت حربا اقتصادية شرسة تستهدف الاقتصاد الايراني تبناها الرئيس الاميركي دونالد ترامب بالغاء الاتفاق النووي بين ايران والدول النووية الكبرى واعادة الحظر عليها رافق ذلك هجوما اعلاميا واسعا يائسا في الفضاء الافتراضيمجازی وباقي المجالات، ببث الاشاعات والفتن المحرضة للعراقيين على جارتهم ايران والمحرضة للايرانيين على اخوانهم العراقيين.
وقد كشف النائب عن محافظة البصرة فالح الخزعلي الاحد، ان "القنصلية الاميركية مع بعض منظمات المجتمع المدني تتحمل المسؤولية الكاملة عن ما يجري في البصرة، مشددا على ان "من قاموا بهذه الاعمال (حرق المقرات والفنصلية الايرانية) هم متآمرون لا يمثلون البصرة او اهلها الحقيقيين وهم يريدون خلق صراع مجتمعي وتمزيق اللحمة الوطنية داخل المحافظة"، فيما أعلن القيادي بالحشد الشعبي ابو مهدي المهندس، أنه يمتلك معلومات كاملة عن الاوضاع في البصرة ومن يديرها هي السفارة الاميركية.
الهجوم الاميركي لم يغفل القوة الكامنة في الحشد الشعبي الذي كنس اذناب اميركا "داعش" من العراق.. لذا وضع المندسون في البصرة نصب أعينهم احراق مقرات الشهداء للحشد الشعبي والواجهات الجهادية الاخرى ظنا منهم انهم باحراقهم لهذه المقرات سينتهي الحشد الشعبي وستزول المخاوف الاميركية والاسرائيلية والسعودية من هذا الذراع المقوم للغطرسة الاميركية.
المهندس اكد امتلاكه صورا ومعلومات كاملة بالاسماء والعناوين عمن يدير الامور في احداث البصرة سيقدم الادلة والمعلومات الكاملة عن تورط القنصلية الاميركية في البصرة، مضيفا ان الاميركان تركوا العراق في وقت كاد فيه ان يسقط و"لم يقف معنا سوى ايران".
نستطيع القول ان تحريض الايرانيين فشل فشلا ذريعا داخل ايران رغم الاستعانة بالاشاعات المخلة بالاخلاق والاستهانة بالاقتصاد الايراني التي حاك بعضها مرتزقة عراقيون.. غير انها نجحت نوعا ما في الجانب العراقي بركوب موجة المطالبات المحلية بتوفير الخدمات للمجتمع البصري المحق في مظاهراته ضد تلكؤ الخدمات التي يرى البعض انها كانت متعمدة لاثارة الناس ودفعهم للنزول الى الشارع لاستثمار الاوضاع المتردية من قبل مرتزقة ومندسين، ما اسفر عن حرق القنصلية الايرانية في البصرة ومقرات الحشد الشعبي والواجهات المقاومة التي طردت "دلعش" من العراق.
لكنهم أيضا.. فشلوا فشلا ذريعا..
فشل المؤامرات الاميركية بالمنطقة المح اليه قائد الثورة الاسلامية الامام علي الخامنئي يوم امس الاحد، واعتبر الحيلولة دون ان ترفع قوة اسلامية راسها في المنطقة، بانها هدف اميركا والكيان الصهيوني اللذين يدركان بان رسالة الاسلام الجذابة هي الدفاع عن المستضعفين والمحرومين لذا فانهم يخشون من تبلور قوة على اساس الاسلام، واكد بان الصمود المقتدر للجمهورية الاسلامية الايرانية امام الاستكبار من شانه ان يؤدي الى افشال غالبية اهداف قوى الظلم العالمية في المنطقة.
* السيد ابو ايمان