وسلط التقرير الذي نشر أمس الجمعة، 7 أيلول، الضوء على الحياة داخل منزل المرجع الديني آية الله السيد علي السيستاني، والذي يعرف عند العراقيين بـ "البراني"، ويضم بيت السيستاني ممرا يفصل بين المدخل والغرف الداخلية للبيت، ويهيئ الممر الزائر للمرور إلى الداخل ويجلس فيه الزوار الذين اجتازوا الإجراءات واقتربوا من مقابلة المرجع الأعلى ومن بينهم خطباء ورجال دين وشخصيات من مختلف الفئات اضافة الى بسطاء حالفهم الحظ في السماح لهم بالدخول.
كما ان داخل البيت، يحتوي على سجادات رخيصة الثمن ومراوح ومكيفات عادية وقديمة الطراز، ولا تختلف عمارة البيت عن أي بيت نجفي في المدينة القديمة التي تقاوم نسبة كبيرة منها حتى الآن محاولات تحويلها الى شقق وفنادق شاهقة وفق موديلات البناء الجديدة التي اجتاحت أجزاء من أطراف العتبة العلوية.
وفي وصف البيت بيّن التقرير أنه عند يمين الممر من جهة المدخل هناك غرفة متوسطة وبسيطة، تستخدم كمكتب للمرجع، يقف مقابل بابها نجله المعمم محمد رضا، بصحبة رجال يعملون كمستشارين ومساعدين لترتيب الأمور داخل المكتب، وقد راجت كثيرا أحاديث عن خضوع جميع الرسائل الصادرة المختومة المعروضة على المرجع الى رقابة ومراجعة نجله محمد رضا الرجل الخمسيني الذي تخرج على يد أعلام الحوزة العلمية في النجف أمثال أبو القاسم الخوئي ووالده ويقوم بإدارة مكاتب السيستاني في النجف، وهو أشبه الناس بوالده هيئة وتصرفا، وهو يبذل جهدا في سبيل هذا الشبه على ما يبدو.
ويتابع التقرير بالقول إن "غرفة السيستاني تخلو من الأشياء الثمينة ويجلس هو بصحبة معمم قريب من عمره في زاوية على أرائك بسيطة، ولا يمكن للزائر مصافحته أو تقبيله حفاظا على صحته التي يلفها الغموض والكتمان لحساسية الموقف بشأن رجل دين يقود أعرق حوزة ومرجعية شيعية وسط جدل محتدم بشأن خلافته".
ويلقي المرجع السيد السيستاني كلماته على زائره بلغة عربية بلكنة فارسية ويقف على وجه الزائر مستشارون وأعضاء من المكتب لطلب الانصراف بعد انتهاء الموعظة الموجزة المقتضبة التي تتضمن كلمات عامة وأدعية، ولا تخلو الكلمة أحيانا من أمور دقيقة مما يدل على متابعته لمجريات الأحداث وعدم انقطاعه عن متابعة تفاصيل الأمور السياسية، فهو محاط بحلقات ودوائر وإجراءات لا تقل عن الزعامات السياسية ورؤساء الحكومات رغم بساطة إقامته ونمط حياته النجفية العادية.
وعن كيفية الوصول إلى بيت السيستاني، أوضح التقرير أن هناك عشرات الزوار يصطفون كل صباح أمام زقاق ضيق يتفرع عن شارع "الرسول" وسط مدينة النجف القديمة وعلى بعد أمتار من مرقد "الامام علي"، حيث يقف هؤلاء الزوار على أمل الحصول على زيارة المرجع الشيعي الأعلى في العالم، علي السيستاني.
وأضاف ان "الواقفين بانتظار دورهم ينتمون الى جنسيات ايرانية وهندية وخليجية، ما يعكس تعدد المشارب التي تعتبر النجف مرجعيتها الدينية وتحديدا لجموع المسلمين الشيعة الامامية وفق نظرية الولاية الخاصة".
وبين أن "الزوار ينقسمون بين طالبين للدعاء أوطالبين لرقية شرعية من أجل الشفاء ومنهم من يحمل معه تقارير طبية على أمل الحصول من مكتب المرجع على إعانات لغرض العلاج، اضافة الى من يريد أن يطرز زيارته لمرقد الامام علي بمقابلة من يمثل تراثه في المدينة القديمة وفي الحوزة الشيعية التي تعود جذورها الى القرن الرابع من الهجرة".
وأشار إلى ان الدخول الى الزقاق الضيق لملاقاة المرجع الأعلى الذي يتخذ من بيت نجفي قديم مقرا له منذ عشرات السنين، يتطلب المرور بالكثير من الإجراءات الدقيقة التي وضعت للحفاظ على حياة السيستاني المهددة من أكثر من جهة من الناحية النظرية، فهو الخصم اللدود التقليدي للمتطرفين السنة باعتباره رأس الشيعة، وهو صاحب فتوى"الجهاد الكفائي" بعد وصول ارتال داعش الى أسوار بغداد عام 2014.
وأكد أن "السيستاني يوصف بأنه "صمام الأمان" للعراقيين، وهو من حال دون انزلاق الشيعة إلى مستنقعات الثأثر والاقتتال في محن عديدة أبرزها التفجير الذي استهدف مرقد الامامين العسكريين في سامراء عام 2006.
وختم موقع "درج" بالقول إن "الطابع الشعبي يغلب على الاجراءات الأمنية المحيطة بمقر السيستاني نظرا لاستقلالية جهاز أمن المرجع عن باقي الأجهزة الأمنية، فالأمانات مثلا تحفظ في غرفة تتكدس فيها اجهزة الموبايل والشاحنات وكل اداة يمكن أن تستخدم في هجوم أو اعتداء ويتسلم أصحابها رقما منقوشا على قطعة خشبية محفورة لاستلامها بعد انتهاء الزيارة"، كما يمنع الحراس الزائرين من اصطحاب الهواتف والأقلام والأوراق، ويمر الزائر بنحو أربعة نقاط تفتيش، وبعد انتهاء الإجراءات التي يصاحبها اعتذارات من قبل القائمين على المكتب يجد الزائر نفسه أمام بيت يشبه أي بيت نجفي بسيط للغاية.
المصدر: إن آر تي