لهذه الأسباب...عارض العلماء التطبير!!!

السبت 1 سبتمبر 2018 - 08:11 بتوقيت مكة
لهذه الأسباب...عارض العلماء التطبير!!!

ما هي الأدلة التي تمسك بها معارضو التطبير و لماذا اعتبروه حراما؟

الشيخ حسين الخشن

ما هي الأدلة التي تمسك بها معارضو التطبير و لماذا اعتبروه حراما؟

تمسَّك معارضو التطبير بأحد وجهين:

الأول: أنَّ هذا العمل فيه إضرار واضح بالنفس، وكلّ إضرار بالنفس حرام، ويدلّ على ذلك العقل الذي يحكم بقبح ظلم النفس، وسيرة العقلاء المستقرة على ذمّ من يجرح نفسه ويدميها بغير سبب مشروع، وهكذا النصوص الكثيرة، مثل ما ورد عن إمامنا الباقر (ع): "ولكنّه سبحانه خَلَقَ الخَلْق، فعلِم ما تقوم به أبدانهم فأحلّه لهم... وعَلِم ما يضرّهم فنهاهم عنه..."(1) إلى غير ذلك من الروايات المستفيضة والأدلّة التي يُستفاد منها حرمة الإضرار بالنفس ولو لم يصل إلى حدّ الهلاك المحتم. (راجع للتوسّع في شأن هذا الدليل وما أورد عليه ما ذكرناه في كتاب: "في فقه السلام الصحيّة التدخين نموذجاً".

وقد اتّفق الفقهاء، كما ينقل السيّد محسن الأمين: أنّه إذا خاف المكلّف حصول الخشونة في الجلد وتشقّقه من استعمال الماء في الوضوء، انتقل فرضه إلى التيمُّم ولم يجز له الوضوء، مع أنّه أقل ضرراً وإيذاءً من شقّ الرؤوس بالمدى والسيوف .(2)

وقد تمسّك بهذا الدليل في المقام كلٌّ من السيد الأمين والسيد فضل الله، وقد اعترف الشيخ محمد حسين كاشف الغطاء رحمه الله في كتابه "الفردوس الأعلى" بأنّ مقتضى القواعد الفقهية من حرمة الإضرار وإيذاء النفس وإلقائها في التهلكة هو حرمة التطبير والإدماء، وإن حاول رحمه الله في استدراك له أن يثبت الحلية في صورة ما لو صدر هذا العمل بنحو العشق وقصد الحب لأبي عبد الله الحسين(ع)، ولكن محاولته هذه غير موفقة، لأن النوايا الحسنة لا توجب تغيير الحكم الشرعي كما لا توجب تغيير الموضوع في المقام وهو الإضرار بالنفس .(3)

الثاني: إنّ هذا العمل لو افترضنا أنّه مباح بالعنوان الأولي، ولكن بما أنّه صار موجباً لوهن المذهب وهتكه، ورمي أتباعه بالوحشية والتخلّف والسخرية منهم، فيحرم بالعنوان الثانوي، ولا سيما أنّ الأئمّة (ع) قد أمروا أتباعهم بأن لا يفعلو ما يُسيء إليهم: "كونوا زيناً ولا تكونوا شيناً، حبِّبونا إلى الناس، ولا تُبغِّضونا، جرّوا إلينا كلّ مودّة، وادفعوا عنّا كلّ قبيح..."(4). وقد تمسّك بهذا الدليل كثيرون من العلماء والفقهاء (كالسّادة: الأمين وفضل الله والخامنئي وهاشم معروف الحسيني، والشيخ مغنيّة..)، وأقرّ آخرون بأنّ هذا العمل لو كان موجباً للهتك والسخرية فهو محرَّم، كالسيد الحكيم الذي أفتى "بأنّه لا مانع منها إن لم يكن فيها خوف الضرر... ولم تكن موجبةً للسخرية وتهييج عداوة الغير" (5)، ونظير هذا الكلام قاله السيد الخوئي في الإجابة على بعض الاستفتاءات .(6)

وطبيعي أنّ صدق عنوان الهتك والتوهين أو السخرية - كما عبَّر السيد الحكيم - لن يدركه أو يتوجه إليه إلّا مَنْ له اطّلاع على أصداء المسألة في الواقع العالمي، وما تعكسه وسائل الإعلام من ردود الفعل تجاهها، وما تتركه من انطباعات سيّئة في نفوس الآخرين إزاء أتباع مدرسة أهل البيت (ع).

وقد يقول قائل: إذا كان استهزاء الآخر وسخريته موجباً لترك هذه العادة وتحريمها، فهذا يستلزم رفع اليد عن الحجّ والصلاة وغيرهما من العبادات؛ لأنَّ الغير قد يسخر من حجّنا وما فيه من أعمال قد تبدو غريبة، مثل رمي الجمرات أو الطواف بالبيت أو السعي بين جبلي الصفا والمروة.. وهكذا قد يَسخَرْ الآخرون من صلاتنا وما فيها من ركوع وسجود.. أفهل نترك الحج والصلاة أو غيرها من الشعائر حتى لا يسخر منا الآخرون؟!

والجواب: إنّ الصلاة والصيام والحجّ هي من العبادات والفرائض التي قام عليها الدين، وما كان كذلك فلا مجال لرفع اليد عنه بسبب سخرية الآخرين واستهزائهم، وأمّا التطبير فليس واجباً، وإنّما هو – إن لم يكن محرماً- على أحسن التقادير عمل مباح، والمباح يتغيَّر حكمه بتغيّر العناوين، أو طروء عناوين ثانوية عليه كعنوان الهتك أو نحوه، ولا يقاس بالواجب إطلاقاً.

هذا كلّه لو كان هذا العمل (التطبير) يؤتى ويؤدى لا بقصد القربة والعباديّة، وأمّا مع الإتيان به بعنوان التعبُّد والتقرُّب إلى الله سبحانه، كما هو الملحوظ خارجاً فسوف يبرز أمامنا وجه ثالث للتحريم، ألَا وهو عنوان البدعة، فإنَّ أي عمل عبادي أو شعائري يؤتى به بكيفيّة خاصةً، إن لم يقم عليه دليل خاص، كان ابتداعاً في الدين وتقوّلاً على الله بما لم يقله.

ولكن يمكن التعليق على ذلك بأنه يكفي لخروج العمل عن الإبتداع وجود الأمر به ولو كان دليله عاما، ولا حاجة للدليل الخاص، فتأمل.

المصدر:موقع الكاتب

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

السبت 1 سبتمبر 2018 - 08:11 بتوقيت مكة