في مراجعه للإعتداءات الأميركية على سورية نجد أنه خلال العدوان الأول على مطار الشعيرات قامت القوات الروسية بإسقاط 36 صاروخ حاولت عبور أجواء القواعد الروسية و لكن لم تتدخل لإسقاط الصواريخ التي عبرت الأجواء اللبنانية, و في الإعتداء الثاني قامت سفن روسية بعرقلة عمل قوات الناتو عبر طريقة نشرها و لكن لم تتدخل لردع العدوان و سورية التي ربما حصلت على دعم إستخباراتي روسي و ربما إنذار مبكر , تمكنت من تحييد العدوان بشكل كامل و بواسطة أسلحة عفا عن الكثير منها الزمن و لوحظ أن سورية لم تستعمل كل ما لديها, و لكن كذلك تم ملاحظة أن قطع الصواريخ الاميركية التي عرضتها وزارة الدفاع الروسية بعد العدوان الثلاثي على سورية كانت مصنوعه بتاريخ 27-10-2016 و هذا يؤكد أن الصواريخ التي أطلقت على سورية كانت معدلة مؤخراً و صممت خصيصاً للعدوان على سورية و تم تجميعها قبل العدوان بأيام قليلة و بخطة معدة مسبقاً قبل عدة شهور, و من المؤكد أن الأميركي لن يستعمل ذات التقنيات التي فشلت سابقاً بل إن أي عمل عسكري محتمل بدأ الإعداد له منذ فشل العدوان الثلاثي و تم تعديل إلكترونيات الصواريخ المخصصة لأي عدوان محتمل.
و من المسلمات العسكرية أن أي تصادم عسكري روسي أميركي سيكون سبب في نهاية الحياة على كوكب الأرض و بالتالي لن يحدث, و كذلك من المسلمات و من دروس التاريخ في المنطقة منذ عملية المارينز في لبنان مرورا بالإحتلال الأميركي للعراق فإن ما بعد تحرير إدلب هناك مرحلة مؤكدة في سورية عنوانها تحويل الشمال السوري الى محرقة للأميركي و تحويل تركيا الى معبر (ليس للإرهابيين الى سورية) بل لجثث الجنود الأميركيين و الفرنسيين و البريطانيين الى بلدانهم, و الطريقة الوحيدة لحماية جنود الناتو هي تحويل الصراع الى منطقة تصادم أميركي روسي و هو ما دفع روسيا الى سحب جنودها من دير الزور بعد وصول القوات السورية الى حدود العراق و الحضور عبر شركة أمنية خاصة فقط لا علاقة لها بالجيش الروسي بل بعقود مع سورية, و بالتالي روسيا قطعت على واشنطن الطريق و لم يعد نهر الفرات نهر نووي بين قوى عظمى, و من هنا يمكن السؤال ما الذي تريده واشنطن من عدوان لن يغير طبيعه الصراع, و أكثر من ذلك إحتمالات الفشل كبيرة جداً و قد يتكرر سيناريو إختفاء الصواريخ أو إقامة معارض لبقايا الصواريخ فلماذا تصر واشنطن على محاولات إستفزاز موسكو, و لكن قبل البحث في أسباب أي إعتداء محتمل على سورية وجب ملاحظة النقاط التالية:
1- العدوان على مطار الشعيرات لم يحم داعش بل إستمرت العملية العسكرية و وصل الجيش السوري الى الحدود العراقية و بالتالي لم يحدث أي تغير ميداني في سورية رغم ان عدد من الصواريخ وصلت الى أهدافها بل كان العدوان سبباً لتحديث منظومة الدفاع الجوي السوري.
2- العدوان الثلاثي على سورية لم يوقف معارك تحرير الغوطة الشرقية و بل تحررت الغوطة و درعا و القنيطرة و كذلك لم يتسبب العدوان بأي تغير للواقع الميداني, و أكثر من ذلك تصدت سورية للعدوان و لم يقع أي خسائر حقيقية.
3- لم تحقق الإعتداءات على سورية أي مكاسب إعلامية إنما أصبح السلاح الأميركي محط سخرية بما فيه بين الناشطين المعارضين و بين الإرهابيين.
4- رغم قيام واشنطن بتطوير صواريخها و إستعمال صواريخ لم تستعمل من قبل أخذت الإعتداءات على سورية منحى تنازلي بسبب بناء الدفاعات الجوية السورية و بالتالي لم تحقق أي مكاسب سياسية سوى بعض التوتر في العلاقات بين روسيا و الإتحاد الآوروبي بينما لم تحقق أي مكاسب إعلامية و لا ميدانية ولا عسكرية ولا حتى ردعية.
5- لم تحم الإعتداءات على سورية الجنود الأميركيين و بل إن عمليات المقاومة تتصاعد شمال سورية.
و عليه يمكن القول أن نفاذ الأوراق الأميركية دفع الأميركي لتكرار إستعمال أوراقه المحروقة و ذلك بهدف تبرير إحتلال سورية و عرقلة أي حوار أو حل سياسي و من المؤكد أن الحماقات العسكرية الأميركية لها هدف واحد و هو محاولات فرض عملية تقسيم على مستوى المنطقة على المقاس الأميركي المعلن و هو السيطرة على العراق, و كذلك من الواضح أن الروسي يرفض مثل هذه المحاصصات رفضاً تاماً و غير معني بأحلام واشنطن و أكثر من ذلك فإن روسيا أعلنت أنها قد تدعم سيادة الدول في وجه المطامع الأميركية عبر تزويد دول مثل سورية و غير سورية بنظم دفاعية فائقة الكفاءة في حال إستمر الأميركي بالقيام بأعمال عسكرية غير شرعية و لن تجدي الإستفزازات الأميركية و العقوبات الأميركية نفعاً و كما كان العدوان على الشعيرات مقدمة القضاء على داعش و كذلك كما كان العدوان الثلاثي مقدمة تحرير الجنوب السوري فإن أي عدوان محتمل إن تم تنفيذه أن بقي مجرد تهديد لن يكون سوى مقدمة تحرير إدلب و تحرير سورية كامل سورية, و أي عدوان على سورية قد يكون مقدمة لحصول سورية على أسلحة جديدة و قد يكون مقدمة لإنهيار منظمة حضر الأسلحة الكيماوية و لكن لن يحقق لواشنطن ما لم يحققه مئات آلاف الجنود الأميركيين الذين هاجموا العراق و أفغانستان, و لهذا يمكن الإستنتاج أن الإعتداءات الأميركية التي لا مكاسب لها ليست سوى تصدير لازمة الساسة الأميركيين بين بعضهم و تصدير للصراع الأميركي الأميركي الى الخارج.
شام تايمز- كفاح نصر
24