قال الله تعالى في محكم كتابه العزيز:﴿سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ {1} لِّلْكَافِرينَ لَيْسَ لَهُ دَافِعٌ {2}﴾ (1)
ورد في كتب التفاسير ومجاميع روايات أهل البيت (ع) مجموعة من الروايات الدالة على فضائل أهل البيت (عليهم السلام) في تفسير معنى الآيات المذكورة في صدر الموضوع من سورة المعارج نوجزها في ما يلي:
جاء في كتاب الكافي للشيخ الكليني (أعلى الله مقامه): (2)
عن علي بن إبراهيم، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن خالد، عن محمد بن سليمان عن أبيه، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله تعالى: ﴿سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ {1} لِّلْكَافِرينَ لَيْسَ لَهُ دَافِعٌ {2}﴾ وفي المعنى: " سأل سائل بعذاب واقع * للكافرين (بولاية علي) ليس له دافع (3) " ثم قال: هكذا والله نزل بها جبرئيل عليه السلام على محمد صلى الله عليه وآله.
جاء في تفسير نور الثقلين للشيخ الحويزي (قدس الله نفسه الزكية) ما يلي: (4)
أخبرنا أحمد بن إدريس عن محمد بن عبد الله عن محمد بن علي عن علي بن حسان عن عبد الرحمن بن كثير عن أبي الحسن عليه السلام في قوله " سأل سائل بعذاب واقع " قال: سأل رجل عن الأوصياء وعن شأن ليلة القدر وما يلهمون فيها، فقال النبي صلى الله عليه وآله سالت عن عذاب واقع ثم كفر بان ذلك لا يكون فإذا وقع فليس له دافع من الله ذي المعارج قال: تعرج الملائكة والروح في صبح ليلة القدر إليه من عند النبي صلى الله عليه وآله والوصي.
ورد في كتاب الغدير للشيخ الأميني (أعلى الله مقامه) ما يلي: (5)
(العذاب الواقع) ومن الآيات النازلة بعد نص الغدير قوله تعالى من سورة المعارج: ﴿سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ {1} لِّلْكَافِرينَ لَيْسَ لَهُ دَافِعٌ {2} مِّنَ اللَّهِ ذِي الْمَعَارِجِ {3}﴾
وقد أذعنت به الشيعة وجاء مثبتا في كتب التفسير والحديث لمن لا يستهان بهم من علماء أهل السنة ودونك نصوصها:
1- الحافظ أبو عبيد الهروي المتوفى بمكة 223 / 4 " المترجم ص 86 " روى في تفسيره غريب القرآن قال: لما بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم غدير خم ما بلغ، وشاع ذلك في البلاد أتى جابر (6) بن النضر بن الحارث بن كلدة العبدري. فقال: يا محمد ؟ أمرتنا من الله أن نشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله وبالصلاة والصوم والحج والزكاة فقبلنا منك ثم لم ترض بذلك حتى رفعت بضبع ابن عمك ففضلته علينا وقلت: من كنت مولاه فعلي مولاه. فهذا شئ منك أم من الله ؟ فقال رسول الله: والذي لا إله إلا هو أن هذا من الله. فولى جابر يريد راحلته وهو يقول: اللهم إن كان ما يقول محمد حقا فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم. فما وصل إليها حتى رماه الله بحجر فسقط على هامته وخرج من دبره وقتله وأنزل الله تعالى: سأل سائل بعذاب واقع. الآية.
2-أبو إسحاق الثعلبي النيسابوري المتوفى 427 / 37، قال في تفسيره (الكشف والبيان): إن سفيان بن عيينة سئل عن قوله عز وجل: سأل سائل بعذاب واقع فيمن نزلت ؟
فقال للسائل (7) سألتني عن مسألة ما سألني أحد قبلك. حدثني أبي عن جعفر ابن محمد عن آبائه صلوات الله عليهم قال: لما كان رسول الله بغدير خم نادى الناس فاجتمعوا فأخذ بيد علي فقال: من كنت مولاه فعلي مولاه. فشاع ذلك وطار في البلاد فبلغ ذلك الحارث بن النعمان الفهري فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم على ناقة له حتى أتى الأبطح فنزل عن ناقته فأناخها...
فقال: يا محمد ؟ أمرتنا عن الله أن نشهد أن لا إله إلا الله وإنك رسول الله فقبلناه، وأمرتنا أن نصلي خمسا فقبلناه منك، وأمرتنا بالزكاة فقبلنا، وأمرتنا أن نصوم شهرا فقبلنا، وأمرتنا بالحج فقبلنا، ثم لم ترض بهذا حتى رفعت بضبعي ابن عمك ففضلته علينا وقلت: من كنت مولاه فعلي مولاه. فهذا شئ منك أم من الله عز وجل ؟
فقال: والذي لا إله إلا هو أن هذا من الله. فولى الحرث بن النعمان يريد راحلته وهو يقول: اللهم إن كان ما يقول محمد حقا فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم.
فما وصل إليها حتى رماه الله تعالى بحجر فسقط على هامته وخرج من دبره وقتله وأنزل الله عز وجل: سأل سائل بعذاب واقع. الآيات.
جاء في تفسير الميزان للسيد الطباطبائي: (قدس سره) (8)
عن جعفر بن محمد الصادق عن آبائه قال: لما نصب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عليا يوم غدير خم قال: من كنت مولاه فهذا على مولاه، فقال ذلك في البلاد فقدم على النبي النعمان بن الحارث الفهري...
فقال: أمرتنا من الله أن نشهد أن لا إله إلا الله، وأنك رسول الله، وأمرتنا بالجهاد وبالحج وبالصوم والصلاة والزكاة فقبلناها، ثم لم ترض حتى نصبت هذا الغلام فقلت: من كنت مولاه فعلى مولاه فهذا شئ منك أو أمر من الله تعالى ؟
فقال: بلى والله الذي لا إله إلا هو إن هذا من الله.
فولى النعمان بن الحارث وهو يقول: اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء فرماه الله بحجر على رأسه فقتله، فأنزل الله: " سأل سائل بعذاب واقع ".
أقول: وهذا المعنى مروى في الكافي أيضا. وعن كتاب نزول القرآن للحافظ أبى نعيم يرفعه إلى على بن عامر، عن أبي الحجاف، عن الأعمش، عن عطية قال: نزلت هذه الآية على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في علي بن أبي طالب " يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك " وقد قال الله تعالى: " اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الاسلام دينا ".
وعن الفصول المهمة للمالكي قال: روى الإمام أبو الحسن الواحدي في كتابه المسمى بأسباب النزول رفعه بسنده إلى أبى سعيد الخدري - رضي الله عنه - قال: نزلت هذه الآية: " يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك " يوم غدير خم في علي بن أبي طالب.
وفي موسوعة الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل، لآية الله العظمى الشيخ ناصر مكارم الشيرازي: (9) (دام ظله)
نقل الكثير من المفسرين وأصحاب الحديث أحاديث عن سبب نزول هذه الآية وحاصلها: أنه عندما نصب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) عليا (عليه السلام) في يوم (غدير خم) قال في حقه: " من كنت مولاه فعلي مولاه " ولم ينقض مدة حتى انتشر ذلك في البلاد والمدن، فقدم النعمان بن حارث الفهري على النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)...
وقال: أمرتنا عن الله أن نشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله، وأمرتنا بالجهاد والحج والصوم والصلاة والزكاة فقبلناها، ثم لم ترض حتى نصبت هذا الغلام فقلت من كنت مولاه فعلي مولاه، فهذا شئ منك أو أمر من عند الله. فقال: " والله، والذي لا إله إلا هو إن هذا من الله "فولى النعمان بن حارث وهو يقول: اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء فرماه الله بحجر على رأسه فقتله وأنزل الله تعالى سأل سائل بعذاب واقع...
وما ذكرناه هو مضمون ما روي عن أبي القاسم الحسكاني في مجمع البيان بإسناده إلى أبي عبد الله الصادق (عليه السلام) (10).هذا المعني مروي عن كثير من المفسرين من العامة، فقد نقل رواة الحديث هذا المعنى بشئ من الاختلاف البسيط.
وينقل " العلامة الأميني " ذلك في كتابه (الغدير) عن ثلاثين عالما مشهورا من أهل السنة (مع ذكر السند والنص) ومن ذلك: تفسير غريب القرآن (للحافظ أبي عبيد الهروي). تفسير شفاء الصدور (لأبي بكر النقاشي الموصلي). تفسير الكشف والبيان (لأبي إسحاق الثعالبي). تفسير أبي بكر يحيى (القرطبي). تذكرة أبو إسحاق (الثعلبي). كتاب فرائد السمطين (للحمويني). كتاب درر السمطين (للشيخ محمد الزرندي). كتاب السراج المنير (لشمس الدين الشافعي). كتاب (سيرة الحلبي). كتاب نور الأبصار (للسيد مؤمن الشبلنجي). وكتاب شرح الجامع الصغير للسيوطي من (شمس الدين الشافعي وغير ذلك. (11)
وورد في كتاب مناقب آل أبي طالب للعلامة الورع لابن شهر آشوب (قدس الله نفسه) ما يلي: (12)
أبو بصير عنه (ع) في قوله: سأل سائل بعذاب واقع للكافرين بولاية علي ليس له دافع ثم قال: هكذا والله نزل بها جبرئيل على محمد...
الهوامش:
1-سورة المعارج / 1 - 2
2-ج 1 - ص 422
3-المعارج: 2 و 3.
4-ج 5 - ص 413
5-ج 1 - ص 239 - 243
6- في رواية الثعلبي الآتية التي أصفق العلماء على نقلها أسمته: الحارث بن النعمان الفهري ولا يبعد صحة ما في هذه الرواية من كونه (جابر بن النضر) حيث أن جابرا قتل أمير المؤمنين عليه السلام والده: النضر صبرا بأمر من رسول الله لما أسر يوم بدر الكبرى كما يأتي ص 241 و كانت الناس يومئذ حديثي عهد بالكفر، ومن جراء ذلك كانت البغضاء محتدمتا بينهم على الأوتار الجاهلية.
7-في رواية فرات بن إبراهيم الكوفي في تفسيره والكراجكي في كنز الفوائد: أن السائل هو: الحسين بن محمد الخارقي.
8- ج 6 - ص 57 - 62
9-ج 19 - ص 7 - 9
10- مجمع البيان، ج 10، ص 352.
11- الغدير، ج 1، ص 239 - 246.
12-ج 2 - ص 301
المصدر:حوزة الهدى للدراسات الإسلامية