فما هو المطلوب من كتلة فندق بابل امام ومقابل كل هذا الدعم الأميركي المعلن والخفي، خاصة وأن هناك أحزابا وقوى ضمن كتلة فندق بابل لا تزال تتحدث في خطابها السياسي عن مناهضة أميركا ومعاداتها.. ونحن لا نشك في ذلك والتاريخ يشهد؟
الأميركيون لا يريدون الشيء الكثير من حلفائهم الجدد "غير الرسميين" وأشدد على كلمة "غير الرسميين"، لأن الرسميين مثل اياد علاوي وصالح المطلق متفقين على كل تفاصيل المشروع الاميركي.. حتى تجزئه العراق والاعتراف بالكيان الصهيوني وغير ذلك... لكن من "غير الرسميين" لا يريد الأميركان سوى أمرين في هذه المرحلة.
أمران ظاهرهما عاديان ويمكن تسويقهما بين الناس العاديين والبسطاء كقضايا ومصالح وطنية، لابد من المطالبة بهما.. لكن في حقيقة الأمر كل البلايا ستتبعهما ومنهما!!
وهذا الأمران بالصيغة التي يسوقها الأميركان وذبابهم الإلكتروني، هما:
أولاً - القضاء كل المظاهر المسلحة وتسليم وجعل السلاح بيد الدولة والاعلان بالتحديد عن انتهاء صلاحية الحشد الشعبي وحله، لان داعش انتهت والمدن المحتلة من قبل الارهاب عادت الى سلطة الدولة.
ثانياً - الحد من النفوذ الايراني ( أو حسب التعبير البعثي - وهابي الاحتلال الايراني!!) وجعل القرار عراقيا خالصا.. فلماذا على العراق ان يرتمي في حضن طرف اقليمي مهما كان قريبا جغرافيا واجتماعيا وعقديا، ويترك حليفه الاستراتيجي امريكا (بالمناسبة التيار الصدري رفض معاهدة الشراكة الاستراتيجية بين العراق وأميركا والتي بموجبها خرجت القوات الأميركية من العراق وبدون قواعد عسكرية حيث رفضت حكومة المالكي اعطاءها ذلك) ومحيطه العربي (السعودية).. ومن هذه الزاوية، على العراق المشاركة في الحصار الذي تفرضه أميركا على ايران، من منطلق إنهاء النفوذ الإيراني ومقولة العراق أولاً.
هذان الأمران ولمن لا يعيهما، يعني ترك العراق فريسة للأميركا والسعودية ومن معهما، لأنهما يجردانه من كل اسباب القوة والمنعة التي يمتلكها.. يجردانه من أكبر فتوى قلبت الميزان السياسي والعسكري في العراق منذ ثورة العشرين.. يجردانه من أقوى وحداته العسكرية والمقاتلة، التي لا تزال دماء وأفرادها وشبابها لم تجف بعد...
وايضا يجردان العراق من عمقه الاستراتيجي الذي وقف بجانبه في احلك الظروف - رغم كل ما يمكن ان نوجهه من لوم على بعض التفاصيل او نقد لاذع لحلفاء ايران في العملية السياسية العراقية -.
أن يترك العراق بلا حشد شعبي.. وبلا ايران، سيكون دمية بيد السفارة الأميركية وعصابات محمد بن سلمان ومحمد بن زايد.. وسيتحول في النهاية الى بوابة شرقية للأمة المتصهينة.
واذا ما أخذته الحمية العراقية يوماً وأراد ان يمارس سيادته، سيسلطون عليه بقايا "داعش" و "القاعدة" من الذين لا يزالون يحتفظون بهم غرب الأنبار وقرب الحدود الأردنية لحاجة في نفس يعقوب.. او يعلنون عليه "عاصفه حزم" اخرى على غرار ما فعلوه مع اليمن، بمجرد ان شعروا أنه يريد ان يستقل في قراره.. والتهم والفتاوى لا تزال طرية.. وحينها لا حشد ولا ايران... خلى لك الجو فبيضي واصفري!!
لا أدري لماذا يستهدف الحشد بحجة نهاية داعش؟!.. وأميركا لا تزال تحتفظ بقواتها وقواعدها في العراق وسوريا بحجة وجود "داعش" وأخيراً أضافوا لها وجود إيران!!!
ولا ندري لماذا "ايران بره بره" ولماذا "السعودية (قاتلة العراقيين) جوه جوه"؟!!
ولا ندري أية وطنية وقرار سيادي ذلك الذي يعيد أميركا ويعطيها عصا المايسترو لتوزع ألحانها ونغماتها المتغطرسة والمستكبرة وتفرض الاستحلاب على المقاومين والوطنيين والاسلاميين، المعادين لها حتى الأمس القريب..
مهزلة.. حتى المطرقة والمنجل العراقية صارت حليفة للامبريالية وتستخدم أفيون الشعوب لأهدافها الديالكتيكية!!!
نصيحتي لبعض من شاركوا في "كتلة فندق بابل".. حتى لو كنتم لا تحبون الحشد وايران، وتؤمنون من صميم شعوركم الوطني أو أي شعور آخر، بضرورة اخلاء العراق من الحشد والنفوذ الايراني سياسيا واقتصاديا.. على الأقل كونوا سياسيين واستغلوا عنوانهما لكسب المزيد من الامتيازات لصالح الوطن - على أساس الوطنية التي تدعونها - إبتزوهم كما يبتزوكم بالقاعدة وداعش ويرهبونكم بالحصار والتجويع والعزلة العربية.. لا تبيعوهم انفسكم بأزهد الاثمان كما يفعل بعضكم الآن... والله من وراء القصد.
بقلم: علاء الرضائي