سطر التاريخ الكثير من الكرامات و المعجزات للإمام الهادي عليه السلام نذكر منها إثنتين، على أن نخبركم بالكرامات الأخرى في مقالات لاحقة ، فتابعونا.
حادثة العلم بنزول المطر في الصيف
قال يحيى : وخرج في يوم صائف آخر ونحن في ضحو وشمس حاميةٌ تُحرق ، فركب من مضربه وعليه مطر ، وذنبُ دابته معقودٌ وتحته لبدٌ طويل ، فجعل كل من في العسكر وأهل القافلة يضحكون تعجباً ويقولون : هذا الحجازي ليس يعرف الرأي ، فما سرنا أميالاً حتى ارتفعت سحابة من ناحية القبلة وأظلمت وأظلتنا بسرعة ، وأتى من المطر الهاطل كأفواه القرب ، فكدنا أن نتلف وغرقنا حتى جرى الماء من ثيابنا الى أبداننا وامتلأت خفافنا ، وكان أسرع وأعجل من أن يمكن أن نحط ونخرج اللبابيد ، فصرنا شهرةً ، وما زال (عليه السلام) يتبسم تبسماً ظاهراً تعجباً من أمرنا (1).
رواية أخرى لحادثة المطر في الصيف
في الخرائج ( ١ / ٣٩٢ ) والثاقب لابن حمزة / ٥٥١ ، عن يحيى بن هرثمة ، قال: " دعاني المتوكل فقال : إختر ثلاث مائة رجل ممن تريد ، واخرجوا إلى الكوفة ، فخلفوا أثقالكم فيها ، واخرجوا على طريق البادية إلى المدينة فأحضروا علي بن محمد بن الرضا إلى عندي مكرماً معظماً مبجلاً. قال : ففعلت وخرجنا. وكان في أصحابي قائد من الشراة ( الخوارج ) وكان لي كاتب يتشيع ، وأنا على مذهب الحشوية ( أهل الحديث ) وكان ذلك الشاري يناظرذلك الكاتب ، وكنت أستريح إلى مناظرتهما لقطع الطريق. فلما صرنا إلى وسط الطريق قال الشاري للكاتب : أليس من قول صاحبكم علي بن أبي طالب أنه ليس من الأرض بقعة إلاوهي قبر أوستكون قبراً؟ فانظر إلى هذه البرية أين من يموت فيها حتى يملأها الله قبوراً كما تزعمون؟ قال فقلت للكاتب : أهذا من قولكم؟ قال : نعم. قلت : صدق. أين من يموت في هذه البرية العظيمة حتى تمتلئ قبوراً؟! وتضاحكنا ساعة ، إذ انخذل الكاتب في أيدينا. قال : وسرنا حتى دخلنا المدينة ، فقصدت باب أبي الحسن علي بن محمد بن الرضا فدخلت إليه ، فقرأ كتاب المتوكل فقال : إنزلوا وليس من جهتي خلاف. قال : فلما صرت إليه من الغد ، وكنا في تموز أشد ما يكون من الحر ، فإذا بين يديه خياطٌ وهويقطع من ثياب غلاظ خفاتين ( الخفتان : معطف وهو القفطان ) له ولغلمانه ، ثم قال للخياط : إجمع عليها جماعة من الخياطين ، واعمد على الفراغ منها يومك هذا ، وبكر بها إليَّ في هذا الوقت. ثم نظر إلي وقال : يا يحيى ، إقضوا وطركم من المدينة في هذا اليوم ، واعمل على الرحيل غداً في هذا الوقت.
قال : فخرجت من عنده وأنا أتعجب منه من الخفاتين ، وأقول في نفسي : نحن في تموز وحر الحجاز ، وإنما بيننا وبين العراق مسيرة عشرة أيام ، فما يصنع بهذه الثياب! ثم قلت في نفسي : هذا رجل لم يسافر ، وهو يقدر أن كل سفر يحتاج فيه إلى هذه الثياب ، وأتعجب من الرافضة حيث يقولون بإمامة هذا مع فهمه هذا. فعدت إليه في الغد في ذلك الوقت فإذا الثياب قد أحضرت ، فقال لغلمانه : أدخلوا وخذوا لنا معكم لبابيد وبرانس. ثم قال : إرحل يا يحيى.
فقلت في نفسي : وهذا أعجب من الأول ، أيخاف أن يلحقنا الشتاء في الطريق حتى أخذ معه اللبابيد والبرانس! فخرجت وأنا أستصغر فهمه.
فسرنا حتى وصلنا إلى موضع المناظرة في القبور ارتفعت سحابة واسودَّت وأرعدت وأبرقت ، حتى إذا صارت على رؤوسنا أرسلت علينا بَرَداً مثل الصخور ، وقد شدَّ على نفسه وعلى غلمانه الخفاتين ، ولبسوا اللبابيد والبرانس ، وقال لغلمانه : إدفعوا إلى يحيى لبادة ، وإلى الكاتب برنساً.
وتجمعنا والبَرَد يأخذنا حتى قتل من أصحابي ثمانين رجلاً ، وزالت ورجع الحرُّ كما كان ، فقال لي : يا يحيى إنزل أنت ومن بقي من أصحابك ليدفنوا من قد مات من أصحابك. ثم قال : فهكذا يملأ الله هذه البرية قبوراً!
قال : فرميت بنفسي عن دابتي وعدوت إليه فقبَّلت ركابه ورجله ، وقلت : أنا أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً عبده ورسوله ، وأنكم خلفاء الله في أرضه ، وقد كنتُ كافراً ، وإنني الآن قد أسلمت على يديك يا مولاي. قال يحيى : وتشيعت ، ولزمت خدمته إلى أن مضى).
الإمام يشفي عين طفل ويرد بصره
قال يحيى : وصارت إليه في بعض المنازل امرأة معها ابنٌ لها ، ولم تزل تستذل وتقول : معكم رجل علوي دُلوني عليه حتى يرقي عين ابني هذا. فدللناها عليه ففتح عين الصبي حتى رأيتها ولم أشك أنها ذاهبة ، فوضع يده عليها لحظة يحرك شفتيه ثم نحاها فإذا عين الغلام مفتوحة صحيحة ما بها علة .
المصدر:كتاب "الامام الهادي(ع) عمر حافل بالجهاد و المعجزات"
إقرأ أيضا: من كرامات الامام الهادي(ع)...ظهور الماء في الصحراء...ما قصة هذه الكرامة؟