وجاءت تصريحات آل خليفة خلال استقباله، الجمعة، عدداً من أفراد قبيلة النعيم التي سكنت قطر قبل نحو 300 سنة.
وأثارت التصريحات جدلاً واسعاً على مواقع التواصل الاجتماعي، بعد تصدر عناوين صفحتها الأولى بـ"الملك (..) يؤكد: حكم وسيادة آل خليفة على قطر منذ 1762".
وفي العناوين الفرعية كتبت الصحيفة: "إننا سنظل مع أهلنا في شبه جزيرة (دولة) قطر شعباً واحداً يجمعنا النسب والتاريخ"، مضيفة: إنه "لن يمحى من ذاكرتنا الوطنية ما تعرض له أهلنا في الزبارة من عدوان في 1937".
وعلق أستاذ الأخلاق السياسية بجامعة حمد بن خليفة في قطر، محمد المختار الشنقيطي، قائلاً: "يبدو أن إمبراطور البحرين قد قرر ضم دولة قطر إلى أملاك التاج البحريني (..)، أو كلف وزارة خارجيته بابتلاعها ووضعها تحت وصاية مكتب المستعمرات وما وراء البحار".
وتوالت ردود الفعل المستنكرة لتصريحات ملك البحرين، مؤكدة أنها تأتي في إطار المحاولات الفاشلة لدول الحصار (من بينها البحرين) في النيل من دولة قطر.
واعتبر الناشط القطري عبد الله الوذين أن ملك البحرين ارتكب "خطأً فادحاً" بمحاولة استثارة القبائل واسترجاع التاريخ، واعتبر أن الأمر "ليس في صالحه ولا يخدمه أبداً بل يدينه، وقد اضطُر أبناء قبيلة النعيم الكريمة إلى نشر جزء يسير مما لديهم من وثائق وحقائق عن تاريخه المخزي يندى لها الجبين، فيا ليته سكت".
وكان مركز البحرين للدراسات الاستراتيجية والدولية والطاقة قد أعلن، نهاية يونيو الماضي، تدشين مؤتمر بعنوان "حكم آل خليفة لشبه جزيرة قطر.. سيرة وسيادة"، ما أثار ضجة واسعة.
وتأتي هذه الإجراءات ضمن محاولات من البحرين ودول الحصار (السعودية والإمارات) للسيطرة على سيادة قطر، وهو أحد الأسباب الخفية لمقاطعة قطر وفرض الحصار المتواصل عليها.
وفي 5 يونيو 2017، فرضت الدول الخليجية الثلاث حصاراً على قطر بزعم دعمها "الإرهاب"، وهذا الأمر نفته الدوحة وبشدة، مؤكدة أنها محاولة للسيطرة على قرارها السيادي، كما شاركت نفس الدول في محاولة أخرى لغزو قطر عام 1996.
التاريخ يكذّب ملك البحرين
منذ عام ونيّف، والبحرين إلى جانب الإمارات والسعودية، يختلقون الحجج والمزاعم لإحكام السيطرة على قطر وقرارها السيادي، وهو الأمر الخفي وراء الأزمة الخليجية التي تفجّرت في يونيو 2017.
لكن دور البحرين في هذه اللعبة التي باتت مكشوفة، كان مختلفاً تماماً وقد ظهر أكثر من مرة في تصريحات ادّعت أن عائلة آل خليفة "كان لها حكماً وسيادة على قطر".
وقبل تصریحات ملک البحرین، عقد مركز البحرين للدراسات الاستراتيجية، مؤتمراً في نهاية يوليو الماضي، حمل عنوان "حُكم آل خليفة في شبه جزيرة قطر.. التاريخ والسيادة".
وهذا المؤتمر تضمّن مزاعم تروج لها البحرين في 3 محاور، أبرزها كان يتعلق بمدينة "الزبارة" التي يدّعي آل خليفة أنها عاصمتهم في شبه جزيرة (دولة) قطر وجزر البحرين.
مدينة الزبارة
والزبارة هي مدينة تقع شمال دولة قطر. سميت بهذا الاسم بسبب ارتفاع أرضها، ويقال كذلك إنها سميت بالزبارة نسبة لأهالي الزبير الذين وفدوا إليها من جنوب العراق.
وتعتبر أحد أهم وأكبر المناطق السكانية في قطر طوال 300 عام، وقد تعرضت لعدة حروب ومعارك وهجمات، وحرقت عدة مرات، ولكنها سرعان ما استردت قوتها لتأخذ مكانتها كمدينة تجارية بارزة في الخليج الفارسي.
وتقول مصادر تاريخية إن المدينة أسستها قبيلة بني عتبة الكويتية في عام 1760، وساعدها موقعها في وسط الخليج الفارسي على أن تصبح المدينة الرئيسية لصيد وتجارة اللؤلؤ، بعد زوال مدينة البصرة العراقية.
وتمتد المدينة الساحلية التاريخية غير المأهولة بالسكان حالياً، على الساحل الشمالي الغربي، وتبعد حوالى 100 كم عن مدينة الدوحة، وما يميزها هي القلعة التي تحمل نفس اسمها.
وتعتبر من القلاع التاريخية الشهيرة، وأحد أهم معالم قطر القديمة نسبياً، ويعود تاريخ إنشائها إلى عام 1938 في عهد "الشيـخ عبد الله بن جاسم آل ثـاني"، وقد شيدها بناؤون قطريون.
وعند تصميمها تمت مراعاة الغرض الذي أنشئت من أجله وهو مراقبة الساحل الغربي لقطر والدفاع عنه، لذا اتخذت مقراً لحرس الحدود.
قطر صاحبة الأحقية
عام 1991 لجأت قطر إلى محكمة العدل الدولية لحسم النزاع الذي صُنّف الأطول في تاريخ الخليج الفارسي، إذ وصفته متحدثة باسم المحكمة في مدينة لاهاي بهولندا بأنه من أكثر القضايا حجماً من حيث عدد الوثائق التي تم تبادلها".
وتقول مصادر تاريخية وإعلامية إن الخلاف أوشك على أن يتحول إلى مواجهة مباشرة، غير أن السعودية تدخّلت آنذاك وأوقفته، ومن ثم ذهبت قطر إلى المحكمة الدولية.
وهناك في لاهاي ظلت القضية قائمة على مدار 10 أعوام تقريباً بين أروقة المحكمة والوثائق التي جرى تبادلها بين طرفي النزاع، قبل أن تحكم لمصلحة قطر.
وفي مارس 2001 أصدرت المحكمة حكماً أعلنت فيه بأن دولة قطر لها السيادة على الزبارة وجزيرة جنان بما فيها حد جنان وفشت الديبل الغنية بالغاز والنفط.
كما حكمت للبحرين بالسيادة على جزر حوار وقطعة جرادة، وجاء في حيثيات الحكم إضافة إلى ذلك منح سفن قطر التجارية حق المرور السلمي في المياه الإقليمية للبحرين الواقعة بين جزر حوار والبر البحريني.
تخريب غير منقطع
وما يعزز مطامع البحرين ودول الحصار في قطر، الحملة التي شنّها الثلاثي العربي منذ بدء الأزمة الخليجية في يونيو 2017، بزعم دعم الدوحة للإرهاب، وهو ما تنفيه الأخيرة وبشدة.
وعلى فترات مختلفة من الخلاف الخفي والحقد الدفين الذي تكّنه هذه الدول للدوحة، ظهرت المطامع في السيطرة على قطر وقرارها السيادي حينما فرضوا حصاراً عليها وقطعوا علاقاتهم معها.
في مارس الماضي، كشف تحقيق "ما خفي أعظم" الذي بثته قناة "الجزيرة" الإخبارية، تورط ملك البحرين حمد بن عيسى، في التحريض والتمويل لعمليات تخريبية داخل قطر، حين كان ولياً للعهد.
قال فهد المالكي، وهو أحد الضالعين في محاولة انقلاب فاشلة على نظام الحكم في قطر: عام 1996 "ملك البحرين، حمد بن عيسى، استقبلنا في قصره وطلب منا تشكيل معارضة قطرية حتى لو كانت شكلية".
وأكد المالكي أنه "تم وضع عبوة متفجرة داخل مبنى الجوازات بالدوحة، بالتنسيق مع ولي عهد البحرين حينها حمد بن عيسى"، مضيفاً: "استلمت من ملك البحرين مبلغ 100 ألف دينار بحريني لقاء القيام بوضع عبوات تفجيرية داخل قطر.