الأسباب الحقيقية وراء التصعيد المفاجئ في العلاقات السعودية الكندية

الإثنين 6 أغسطس 2018 - 20:48 بتوقيت مكة
الأسباب الحقيقية وراء التصعيد المفاجئ في العلاقات السعودية الكندية

السعودية _ الكوثر:

طردت المملكة العربية السفير الكندي في الرياض، واستدعت سفيرها من العاصمة الكندية اوتوا، وجمدت جميع علاقاتها التجارية، وقررت سحب حوالي 15 الف مبتعث سعودي يدرسون في الجامعات الكندية، خاصة في كليات الطب والعلوم، وذلك احتجاجا على انتقاد الحكومة الكندية لانتهاكات حقوق الانسان في المملكة، واعتقال ناشطات سعوديات طالبن بحريات اكبر للمرأة من بينهن سمر بدوي، شقيقة الليبرالي المعتقل رائف بدوي، ولجين الهذلول، التي كانت من أوائل المطالبات بحق المرأة في قيادة السيارة، الى جانب ناشطات أخريات مثل عزيزة اليوسف، ونوف عبد العزيز، وايمان النفجان، ومياء الزهراني.

الدكتور محمد الزلفة، عضو مجلس الشورى السعودي السابق، قال ان المملكة بهذا الموقف من كندا ارادت ان توجه رسالة قوية الى دول أخرى بأن التدخل في الشأن السعودي خطا احمر، واكد في مقابلة مع راديو “بي بي سي” ان تطالب كندا المملكة بضرورة الافراج عن هؤلاء الناشطات فورا كان السبب في هذه الازمة، فالسعودية لا تقبل مثل هذا الأسلوب.

ربما تكون الحكومة الكندية قد استخدمت تعبيرا “غير دبلوماسي” في نظر المسؤولين السعوديين، بمطالبتها بالإفراج الفوري عن المعتقلين، ولكن رد الفعل السعودي يوصف بأنه مبالغ فيه في نظر الكثير من المراقبين، واكبر بكثير من “الجرم” الكندي، فتوجيه انتقادات لانتهاكات حقوق الانسان في المملكة لا يستحق طرد السفراء، وسحب المبتعثين، خاصة ان دولا كبيرة في الغرب تقدم على هذه الانتقادات، وآخرها الخارجية الامريكية.

حجم التبادل التجاري بين المملكة العربية السعودية وكندا يبلغ أربعة مليارات دولار سنويا، وتجميد هذا التبادل ربما تكون المملكة الخاسر الأكبر فيه، وان كانت تستطيع ان تعوضه بحكم ثرائها بالذهاب الى أسواق دول أخرى، لان المملكة تظل بحاجة الى أصدقاء، وليس خلق المزيد من الأعداء، خاصة في الغرب، حليفها الأساسي، في ظل الظروف الحالية التي تخوض فيها حربا في اليمن، وتخسر أخرى في سورية، فخسارة كندا ستظل هامشية جدا اذا وضعنا في اعتبارنا ان الناتج السنوي فيها يزيد عن 1635 مليار دولار، وتحتل المرتبة العاشرة كأقوى اقتصاد في العالم.

يجادل كثيرون بأن هذه الحساسية الشديدة من قبل المسؤولين في المملكة تجاه مسألة التدخل في شؤونها الداخلية، تبدو زائدة عن الحد، وليس في مصلحة المملكة اثارتها، خاصة انها تتدخل عسكريا في سورية واليمن وليبيا بهدف تغيير الأنظمة في هذه البلدان.

المملكة العربية السعودية خسرت المانيا، احدى الدول العظمى في العالم الغربي، بسبب انتقادات مماثلة لتدخلها (المملكة) في اليمن، وايقافها بيع صفقات أسلحة لها، وها هي تخسر كندا أيضا، ويعلم الله من ستكون الدولة الثالثة او الرابعة او الخامسة، لان توجيه دول غربية انتقادات لانتهاك حقوق الانسان في السعودية موثقة من قبل منظمات عالمية كبرى متخصصة في هذا المجال، ولا نعتقد انها ستتوقف نتيجة لهذا الرد الانتقامي العنيف ضد كندا.

الحكومة السعودية طالبت كندا بالاعتذار عن موقفها هذا، وربما يكون تلبية هذا الطلب صعبا، خاصة بالنظر الى الرد الكندي الاولي الذي اكد على استمرار الحكومة الكندية في الدفاع عن حقوق الانسان في العالم، وليس المملكة العربية السعودية فقط، لان هذا الدفاع ركن أساسي من سياساتها.

في الثمانينات تقدمت الحكومة السعودية بالطلب نفسه الى بريطانيا، أي الاعتذار، كشرط لعودة السفراء بعد سحبهم على أرضية ازمة بث محطة تلفزيونية بريطانية لشريط “موت اميرة” الذي اعتبرته المملكة شريطا مسيئا اليها، وجرى حل هذه الازمة بإعراب الحكومة البريطانية “عن اسفها”، وليس اعتذارها، لعرض هذا الشريط وعلى لسان دوغلاس هيرد، وزير الدولة للشؤون الخارجية، وليس على لسان وزير الخارجية نفسه اللورد كارينغتون، وجرى الاكتفاء بهذا الحل الوسط.

مرة أخرى نقول ان من حق المملكة الحفاظ على سيادتها، ومنع التدخل في شؤونها الداخلية من قبل الآخرين، ولكن شريطة ان تقدم النموذج الريادي في هذا الاطار أولا، وقد قدمته فعلا لعشرات السنين في الماضي، بطريقة او بأخرى، واتباع دبلوماسية اكثر مرونة عنوانها كسب الأصدقاء، وتحييد الأعداء، وتجنب زيادة عددهم ثانيا، او هكذا نعتقد في هذه الصحيفة.

المصدر: راي اليوم

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

الإثنين 6 أغسطس 2018 - 20:48 بتوقيت مكة